آمال : الفن القطراني

نشر في 28-05-2017
آخر تحديث 28-05-2017 | 00:25
 محمد الوشيحي ... وفي القرن الواحد والعشرين، ازدهرت الكويت، يا ابني، فبالإضافة إلى الفن التشكيلي والفن التجريدي والفن الزخرفي وبقية الفنون، تم اختراع الفن القطراني، وهو فن عظيم لم يتقنه إلا الكويتيون، وشركة نفطهم، التي صممت مجسماً لـ"ضب" متحول جنسياً، أملس الملمس.

وتداعى الضبان لاجتماع عاجل، وهرولوا مسرعين ليشاهدوا تمثالهم، وما إن وقعت أعينهم عليه حتى حلَّت بهم المصائب، فوضع الأول يده على بطنه وهرب إلى الخلاء بعيداً عن الاجتماع ليفرغ ما في جوفه، وراح الضب الثاني يضرب كفاً بكف، وبسمل الثالث وحوقل، وعلَّق رابع: "حنا ناقصين تشويه؟"، وشهق الخامس ومات في لحظته، وضمت أنثاه أبناءها على صدرها خوفاً عليهم من كآبة المنظر، وغادر الجمع النصب التذكاري وهم يبحثون في القاموس عن شتيمة يستحقها مصمم المجسم ومنفذه وبائعه وشاريه.

واختلف العلماء والسحرة والعطارون وبائعو البسطات في أصل هذا الضب، فقائل: هو ضب مسحور، وقائل بل أصابته دعوة والديه، وقائل بل أبوه ضب وأمه ديناصورة سيئة السمعة... وتجمهر الناس حول هذا النصب كما يتجمهرون حول حوادث السيارات، ولم يجدوا ما يعبرون به عن إعجابهم بهذا الإبداع إلا بدلدلة ألسنتهم، ثم غادروا، وما زال الضب المسخوط، يا عيني، مذهولاً مما حلَّ به، ومن ضحكات العقارب والجرابيع والثعالب عليه.

وانتشت شركة النفط، وقررت هذه المرة تصميم مجسم إنساني، فصنعت مجسماً لأصابع مكسورة، تمسك بمسبحة، وتظهر في الصورة الأظافر بعد المانيكير، فبكى الناس، ولطموا لجمال هذا الفن الذي يزكم الأنوف، ويُسهل البطون، ويجفف المفاصل.

وقد تنتشي شركة النفط أكثر فتصمم مجسماً لحمار يمسك بريشة الرسم، وينثر إبداعه على لوحة منصوبة أمامه.

back to top