برامج تستنسخ صوتك... حذار الخداع!

نشر في 25-05-2017
آخر تحديث 25-05-2017 | 00:00
باستطاعة برامج كثيرة طوّرتها شركات عالمية أخيراً استنساخ الأصوات، ورغم فوائدها فإنها تثير القلق من نشر الخداع. ولكن في المقابل ثمة تدابير مضادة تهدف إلى كشف الثغرات في أي عملية تزييف.
تفوّه بنحو 160 عبارة فرنسية أو إنكليزية في تطبيق هاتفي طوّرته شركة CandyVoice الباريسية الجديدة ليعمل برنامج التطبيق بعد ذلك على جمع أجزاء صغيرة من تلك الجمل ويتلفظ بصوت يشبه إلى حد مقنع صوتك العذب بأي كلمات مطبوعة تزوده بها.

صحيح أن النتيجة لا تزال تبدو مصطنعة قليلاً، إلا أن مدير CandyVoice جان- لوك كريبو يؤكد أن التقدم في برامج هذه الشركة سيجعل النتائج أكثر واقعية.

كذلك يمكنك الاستعانة ببرنامج مماثل للإنكليزية وأربع لغات هندية واسعة الاستعمال طوّره معهد تكنولوجيا اللغة في جامعة كارنغي ميلون تحت الاسم Festvox. وعلى نحو مماثل، أعلنت شركة Baidu، عملاق الإنترنت الصيني، أنها طوّرت برنامجاً يحتاج إلى 50 جملة فقط لمحاكاة صوت الشخص.

صناعة على الطلب

حتى وقت ليس ببعيد، شكّل استنساخ الأصوات، أو حفظها كما كان يُعرف آنذاك، صناعة على الطلب تخدم مَن واجهوا خطر خسارة صوتهم بسبب جراحة أو داء السرطان. تطلّب إعداد نسخة اصطناعية من الصوت عملية طويلة ومكلفة. كان من الضروري تسجيل جمل كثيرة وتكرار كل منها مرات عدة بنبرات عاطفية متنوعة وفي أطر مختلفة (تصريح، وسؤال، وأمر، وغيرها)، ذلك بغية تغطية الاحتمالات كافة.

كانت Acapela Group، شركة بلجيكية لحفظ الأصوات، تتقاضى 3200 دولار لقاء عملية تتطلّب ثماني ساعات من التسجيل. واعتادت شركات أخرى تقاضي مبالغ أكبر، وكانت تفرض على المتحدث تمضية أيام في استوديو الأصوات.

لكن الوضع تبدّل اليوم. تتوافر راهناً برامج تستطيع تخزين أقسام بالغة الصغر من الصوت المسجّل لا يتعدى طولها بضعة أجزاء من الثانية، ولكل منها نبرة محددة. من الممكن خلط هذه معاً لتسجيل كلمات جديدة وتعديلها وفق حالة كل فرد كي تنسجم بدقة مع منزلها الصوتي الجديد.

تُعتبر هذه الطريقة أقل كلفة من عملية تخزين الصوت التقليدية وتتيح تطوير استعمالات مبتكرة. ومع قليل من الجهد، تستطيع الزوجة إعطاء صوتها لبرنامج قراءة النصوص على الشاشة الذي يستعمله زوجها الأعمى مثلاً. كذلك بإمكان رب العمل منح صوته للآليين في مكان العمل. على نحو مماثل، يمكن لمستخدم فيسبوك» الإصغاء إلى تعليق يقرأه بصوت عالٍ مؤلفه على ما يبدو. أما الأهل الذين يغيبون عن المنزل طويلاً بسبب العمل، فيستطيعون منح أصواتهم لألعاب أولادهم الموصولة بالشبكة لاسلكياً، وهكذا دواليك. أو هذه على الأقل الرؤية التي يملكها جيرشون سيلبيرت، مدير شركة VivoText لاستنساخ الأصوات.

كلمة إلى الحكماء

تخطّط VivoText السنة المقبلة لإطلاق تطبيق يتيح للمستخدمين اختيار التشديد، والسرعة، ومستوى السعادة أو الحزن التي تعكسها الكلمات الفردية أو الجمل الصادرة. يعتبر سيلبيرت جودة صوت الإنسان العاطفية «أهم أداة». لكن هذه القوة تثير قلقه. منحت VivoText شركة Hasbro لصناعة الألعاب الأميركية، التي ترغب في تطوير ألعاب أكثر تفاعلاً، إذناً باستخدام برنامجها هذا. لكن سيلبيرت يشير إلى أن Hasbro تعي أن من الممكن، إن لم تستخدم الشركة ضوابط أمان، أن يطبع ولد يحب الدعابات شتائم على هاتف والدته الذكي بغية دفع أخيه الصغير إلى البكاء عند سماع لعبة تنطق بهذه الكلمات بصوت والدته.

لكن المقلق حقاً القدرة على استنساخ أي صوت، حتى صوت شخص غريب، إذا توافرت للمستخدم تسجيلات جيدة على موقع «يوتيوب» مثلاً أو غيره. في هذا السياق، نجح باحثون في جامعة ألاباما في بيرمينغهام بقيادة نيتش شاكسينا في استخدام Festvox بغية استنساخ الأصوات استناداً إلى تسجيلات كلامية مدتها خمس دقائق فقط على الإنترنت. وعند اختبار الأصوات المستنسخة في برامج التعرف إلى الأصوات، خصوصاً تلك المستخدمة في مصارف عدة لمنع غير المصرّح لهم من دخول الحسابات، نجحت 80 % منها في خداع الكمبيوتر. لذلك يعتقد آلان بلايك، أحد مطوري Festvox، أن الأنظمة التي تعتمد على برامج التعرف إلى الأصوات أصبحت راهناً «عرضة للانتهاك».

وكي لا يتذرع البعض بحجة أن الآلات أقل كفاءة، اتضح أن خداع البشر أكثر صعوبة بقليل مقارنة بالبرامج الإلكترونية. طلب الدكتور ساكسينا وزملاؤه من متطوعين تحديد ما إذا كانت عينة صوت يصغون إليها تنتمي إلى شخص سمعوا صوته الحقيقي لتوهم مدة 90 ثانية. نجح المتطوعون في تمييز الصوت المستنسخ في نصف الحالات فحسب (علماً بأن هذه النتيجة لا تُعتبر أفضل من المصادفة). نتيجة لذلك، يشير جورج بابكون، خبير متخصص يتقاضى المال لكشف التسجيلات المزيفة التي تُقدَّم في المحاكم، إلى نشوء تكنولوجيا «تتمتع بقدرة واسعة على نشر المعلومات الخاطئة». بدوره، يفكّر د. بابكون، الذي عمل سابقاً كعالم متخصص في تحليل الكلام في مختبر لوس ألاموس الوطني (مؤسسة تعمل في مجال الأسلحة في نيومكسيكو) في مسائل كالقدرة على استنساخ صوت قائد الأعداء في زمن الحرب.

تدابير مضادة

كما هو متوقَّع، تُطوَّر أيضاً تدابير مضادة لكشف هذا الخداع. على سبيل المثال، تعمل شركة Nuance Communications، التي تصنّع برامج إلكترونية تعتمد على الأصوات، على برنامج يرصد هفوات صغيرة في وتيرة الكلام في مواضع تلتحم فيها أجزاء الكلام. أما Adobe، التي تشتهر بإنتاجها Photoshop لتحرير الصور، فتؤكد أنها تستطيع تمييز العلامات المائية الرقمية في كلام مفبرك بواسطة خاصية لاستنساخ الأصوات تُدعى VoCo وتطورها.

ربما تساعد هذه الابتكارات أجهزة الكمبيوتر في تحديد أي كلام تشتبه به. رغم ذلك، نستطيع تخيّل الفوضى التي يمكن نشرها في عالم يسهل فيه وضع كلام يبدو أصيلاً في فم الخصوم، سواء كانوا زملاء أو رؤساء دول.

back to top