التكنولوجيا... هل يصبح ابنك بديناً وغبياً وبغيضاً بسببها؟

نشر في 24-05-2017
آخر تحديث 24-05-2017 | 00:04
No Image Caption
يتحمّل الأهالي مسؤوليات كثيرة، أبرزها حماية الأولاد من الأذى، ثم يحاولون تربية أشخاص صالحين. لكن تبدأ الرسائل التي يسمعونها عن أضرار وسائل الإعلام والتكنولوجيا بالتدفق منذ لحظة ولادة الأولاد تقريباً: التلفزيون سيفسد دماغ أولادكم! ألعاب الفيديو شريرة! لم يعد الأولاد يجيدون إقامة الأحاديث! باختصار، يمكن أن نقول إن الإفراط في استعمال وسائل الإعلام والتكنولوجيا سيضرّ بالأولاد أو يجعلهم بدينين وأغبياء وبغيضين! من الواضح أنها فكرة مبسّطة لأن الحقيقة أكثر تعقيداً وأقل رعباً!
نوضح فيما يلي أبرز الإشاعات المخيفة عن وسائل الإعلام والتكنولوجيا، ونقدم نتائج البحوث المتاحة وبعض النصائح البسيطة.

إشاعة: التلفزيون يفسد أدمغة الأولاد!

نتائج البحوث: لا يذكر أي بحث موثوق به أن الشاشات تسبب ضرراً محدداً في الدماغ. لكن من الواضح أن تشغيل التلفزيون في خلفية المكان الذي يتواجد فيه الأولاد الصغار ليس مفيداً. تبيّن أن مشاهدة التلفزيون تقلّص المدة التي يخصصها الأولاد للعب وتنعكس سلباً على نوعية الألعاب. كذلك يبدو أنها ترتبط بتراجع الأحاديث والتفاعلات بين الأهالي وأولادهم، ما يضرّ بمسار تطور لغة الأولاد. يجب ألا يوضع التلفزيون في غرفة النوم أيضاً، إذ تشير البحوث إلى أنه يؤثر في نوعية نوم الأولاد ومدته، ما ينعكس على مسار التعلم وجوانب أخرى.

نصيحة: أطفئي التلفزيون إلا إذا كنت تشاهدينه فعلاً وأبقيه خارج المناطق المخصصة للنوم. شغّلي الموسيقى (ولو بلا كلام) إذا أردت سماع صوت في خلفية المكان وخصصي بعض الوقت يومياً للعب مع الأولاد إذا أمكن.

إشاعة: الأولاد يصبحون بدينين بسبب مشاهدة التلفزيون أو ألعاب الفيديو!

نتائج البحوث: تشير البحوث إلى وجود رابط بين مشاهدة التلفزيون وبين ارتفاع مؤشر كتلة الجسم. لكن ربما تنجم هذه الأرقام عن مشاهدة إعلانات المأكولات وليس الجلوس أمام التلفزيون بالضرورة.

نصيحة: استعملي مسجّل الفيديو الرقمي لمنع الأولاد من مشاهدة الإعلانات أو اختاري فيديوهات بلا إعلانات. علّمي الأولاد أيضاً أن يرصدوا حِيَل المعلنين والتقنيات التسويقية كي يتمكنوا من تقييم الإعلانات التي يشاهدونها بطريقة نقدية. احرصي أيضاً على أن يمارسوا تمارين جسدية يومياً، في المدرسة أو في المنزل. إذا كانوا لا يستطيعون تمضية بعض الوقت في الخارج، جِدي طرائق كي يتحركوا في الداخل (لعبة تجاوز العقبات، و«معسكرات تدريب» للأولاد) واختاري لهم ألعاب فيديو ناشطة، أو جدي تطبيقات رياضية ممتعة، أو برامج تلفزيونية يمكن أن تستمتعي بها معهم أو يمكن أن يستمتعوا بها وحدهم.

إشاعة: أشعة الهاتف الخلوي تسبب السرطان!

نتائج البحوث: جرت دراسات كثيرة عن هذا الموضوع ولم تتوصل إلى نتائج جازمة. لذا تستمر التحقيقات في الأوساط البحثية، لكن لا تتوافر مؤشرات على وجود رابط بين الهواتف الخلوية وبين السرطان لدى البشر.

نصيحة: لا يتكلم الأولاد عبر هواتفهم كثيراً بل يكتبون الرسائل النصية أو يستعملون التطبيقات. لذا لن يتعرض معظم الأولاد للخطر حتى لو برز رابط حقيقي بين الموجات الإشعاعية التي تبثها الهواتف وتضرر الدماغ. إذا أردتِ أن تتوخي الحذر في مطلق الأحوال، احرصي على ألا يضعوا الهواتف تحت وسادتهم أثناء النوم (إنها فكرة سيئة أصلاً!).

إشاعة: الأولاد مدمنون للإنترنت وهواتفهم!

نتائج البحوث: حاولت بحوث كثيرة أن تتأكد من هذه المعلومة، لكن لا تزال النتائج غير جازمة، لا سيما في ما يخص الأولاد. تشير البحوث طبعاً إلى أن الأولاد يشعرون بأنهم مدمنون لكن لا يمكن التأكيد بعد على أنهم يواجهون أعراض الإدمان الحقيقي، بمعنى أن ينعكس وضعهم على حياتهم اليومية، من ثم يحتاجون إلى تكثيف استعمال الأجهزة كي ينتابهم الشعور نفسه. كذلك، لم يحدد أحد مدة الوقت «المفرط».

نصيحة: حاولي أن ترسّخي أعلى درجات التوازن في يوميات أولادك، ما يعني أن تخصصي مدة لاستعمال الشاشات ومدة أخرى للابتعاد عنها وتمضية الوقت مع العائلة والأصدقاء والقراءة وممارسة الرياضة والقيام بالأعمال المنزلية واللعب في الخارج وتطوير الإبداع. إذا شعرتِ بأن أولادك يعانون في مجال معيّن (في المدرسة، أو مع الأصدقاء، أو سلوكهم في المنزل)، راقبي نشاطاتهم اليومية والأسبوعية وعدّلي مقاربتك بناءً عليها.

إشاعة: ألعاب الفيديو العنيفة تجعل الأولاد عنيفين!

نتائج البحوث: يمهّد التعرض الفائق للمواد الإعلامية العنيفة لنشوء سلوكيات عنيفة، بحسب بعض الدراسات. لكن الأولاد الذين يواجهون عوامل خطر متعددة (من بينها سوء استعمال الأجهزة والعدائية والخلافات المنزلية) ويشاهدون مواد عنيفة أكثر عرضة للسلوكيات العدائية.

نصيحة: تجنّبي الألعاب التي لا تناسب عمر الأولاد، لا سيما العنيفة منها. اختاري المواد التي تعكس قيم عائلتك. يمكنك أن تختاري إذاً ألعاباً غير عنيفة وتقصّري المدة التي يخصصها الأولاد لألعاب الفيديو أو تلعبي معهم لتوجيههم عند ظهور عناصر مشبوهة. حاولي أيضاً أن تحدّي قدر الإمكان من عوامل الخطر الأخرى التي ترتبط بالعدائية في حياة الأولاد.

إشاعة: ما عاد الأولاد يجيدون إقامة أحاديث مباشرة!

نتائج البحوث: لم تركز الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع على الأولاد بعد، لكن ستظهر بيانات مرتبطة بهم قريباً. بحسب المعلومات المتاحة حتى الآن، يظن عدد كبير من الراشدين الأكبر سناً أن الأجهزة تنعكس سلباً على الأحاديث لكن لا يشعر الراشدون الأصغر سناً بالمستوى نفسه من الانزعاج. ذكرت دراسات أيضاً أن غياب الأجهزة (خلال المخيمات الصيفية أو الأحاديث المباشرة) يُرسّخ شكلاً من الوعي العاطفي، لكن لم يتّضح بعد معنى هذه النتيجة بالنسبة إلى قدرة الناس على إقامة الأحاديث.

نصيحة: احرصي على أن يخوض الأولاد محادثات مباشرة مع أفراد العائلة والأصدقاء وأشخاص آخرين، خصوصاً المعلّمين والمدربين ورجال الدين. علّمي أولادك آداب السلوك، من بينها عدم التحديق بالهاتف حين يتكلم شخص آخر. كوني قدوة لهم في تصرفاتك. لكن افهمي في الوقت نفسه أن الاتصالات الرقمية أصبحت جزءاً دائماً من الحياة. تقبّلي هذه الأجهزة واستعمليها مع أولادك ولا تنتقديهم حين يستعملونها بالشكل المناسب، حتى لو لم تكن وسيلة التواصل المفضلة لديك.

* سييرا فيلوتشي

لا يذكر أي بحث موثوق به أن الشاشات تسبب ضرراً محدداً في الدماغ
back to top