خاص

الرجيب لـ الجريدة. : 295 متهماً في 163 جريمة اعتداء على المال العام خلال السنوات الخمس الماضية

أكد حرص النيابة على تقديم المعتدين إلى المحاكمة واسترداد الأموال المختلسة
على المؤسسات الحكومية الحفاظ على أصول مستنداتها فهناك جهات ادعت فقدانها وبسببها لم يتم التوصل إلى الجاني

نشر في 23-05-2017
آخر تحديث 23-05-2017 | 00:13
• ظاهرة إصدار الشيكات بدون رصيد في ارتفاع والحد منها يتطلب التشريع والتوعية
• لا أثر للتنازل بقضايا الأموال العامة في سير التحقيق أو المحاكمة ولا يعفي الجاني من العقاب
• تزوير «البصمة» استهتار بالوظيفة العامة وعقوبته السجن 7 سنوات
• المواطن هو خط الدفاع الأول عن الأموال العامة وحمايتها واجب عليه
أكد المحامي العام لنيابتي الأموال العامة والشؤون التجارية المستشار رجيب الرجيب أن النيابة العامة حريصة على تقديم كل من يثبت اعتداؤه على المال العام للمحاكمة الجزائية، ومتابعة الأحكام التي تصدر بشأنه والطعن عليها، سواء كانت لتشديد العقاب أو لثبوت التهمة أو للخطأ في تطبيق القانون، إلى جانب ملاحقة المتهمين في أي مكان واسترداد الأموال المختلسة أينما وجدت.

وقال المستشار الرجيب، في حوار مع «الجريدة»، إن «جرائم الاعتداء على المال العام لا تسقط بالتقادم بأي حال من الأحوال، لعدم إفلات المتهمين من العقاب في هذا النوع من الجرائم، وإسباغ أكبر قدر ممكن من الحماية على الأموال العامة والحفاظ عليها». وأضاف أن ظاهرة إصدار الشيكات بدون رصيد للأسف مازالت في معدلها المرتفع، ولم يأت التعديل التشريعي في 2003 بأي نتيجة إلا في تقييد موعد تحريك الدعوى الجزائية، وهو ما يؤكد أن الحد من الجرائم لا يأتي فقط بتعديل التشريعات، وإنما يجب أن يكون هناك دور فاعل من الجهات المعنية في التوعية وتعديل سلوك الأفراد.

وبين أن تقارير ديوان المحاسبة تشمل كل المخالفات الإدارية والمالية المسجلة على الجهة الحكومية، ولا تعد كل مخالفة جريمة في نظر القانون، ومن ثم فإن ما يرد في تقرير الديوان يخضع للتحقيق، ومن ثم للتكييف القانوني السليم الذي يتفق والمخالفة الواردة فيه.

وطالب بإصدار تشريعات تنظم التبرعات الخيرية وعملية مراقبتها، مؤكدا ضرورة صدور ذلك حتى لا يختلط العمل الخيري بغيره من الأعمال المشبوهة التي يعاقب عليها قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب... وفيما يلي التفاصيل:

طبيعة عمل المحامي العام في النيابة

المحامي العام هي درجة من درجات النيابة العامة لا يتولاها إلا من هو بدرجة مستشار، ويكون قد عمل في القضاء مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، بحسب قرار مجلس القضاء الأعلى، وهو منصب يسبق منصب النائب العام.

ويختص المحامي العام بالإشراف على عدد من النيابات التي يحددها النائب العام، أو بأي عمل يرى تكليفه به، ويقع على عاتقه فضلا عن الإشراف الإداري على النيابة المعنية وأعضائها وموظفيها، عدد من الاختصاصات؛ أولها متابعة القضايا، ومراجعة وفحص القضايا التي تعرض عليه من وكلاء النيابة أو رؤساء النيابة في النيابة الكلية، ويتولى أيضا مهمة مراجعة الأحكام الصادرة من دوائر الجنايات ومحكمة الاستئناف والطعن عليها، إن كان لذلك مقتضى.

• ما الجرائم التي تحقق فيها نيابتا الأموال العامة والشؤون التجارية، خصوصاً بعد صدور العديد من التشريعات التي أسندت الاختصاص للنيابة العامة؟

- تختص نيابة الأموال العامة بالتحقيق والتصرف والادعاء في العديد من الجرائم، وأهمها جرائم العدوان على المال العام كالاختلاس والاستيلاء والتربح والإضرار بالأموال العامة، إضافة إلى جرائم غسل الأموال وتمويل الارهاب، كما يدخل في اختصاصها التحقيق في جرائم الاعتداء على أموال الجمعيات التعاونية، وكذلك جرائم الشيكات، والتزوير البنكي، وما ارتبط بها من جرائم واردة في قانون تقنية المعلومات.

أما نيابة الشؤون التجارية فتختص بالتحقيق في جميع الجرائم المتعلقة بالغش التجاري والاتجار بالسلع وجنايات الشركات والجرائم الواردة في قانون هيئة حماية المستهلك وقانون هيئة الغذاء والتغذية، وتلك الواردة في قانون الصناعة، إضافة إلى جرائم التهريب الجمركي.

جرائم لا تسقط بالتقادم

• كم تبلغ مدة التقادم في جرائم الأموال العامة؟

- جرائم الاعتداء على المال العام لا تسقط بالتقادم بأي حال من الأحوال، والمشرع من خلال القانون رقم (1) لسنة 1993 في شأن حماية الأموال العامة استثنى تلك الجرائم من الخضوع لمدد التقادم الواردة في قانون الجزاء والمرتكبة بعد صدور القانون، وذلك رغبة منه في عدم إفلات المتهمين من العقاب في هذا النوع من الجرائم، وإسباغ أكبر قدر ممكن من الحماية على الأموال العامة والحفاظ عليها.

• هل القانون (1) لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة مواكب للتطور في هذا العصر خاصة بعد مرور أكثر من 24 عاماً على صدوره؟

- لا شك أن هذا القانون قد مضى على العمل به في النيابة العامة والمحاكم فترة ليست بالقليلة، وقد ظهرت عدة ثغرات وقصور في بعض مواده من خلال تطبيقه خاصة في ظل التطور الذي يشهده العالم في المجالين الاقتصادي والاستثماري من ناحية، ونوعية ارتكاب الجريمة ومكافحتها من ناحية أخرى، وهذه طبيعة التشريعات بشكل عام والتشريعات الجزائية بشكل خاص، فهي تظل عملا بشريا وتحاكي أنماط السلوك الإجرامي المنتشر وقت صدورها، وتعالج القصور الظاهر في بعض التشريعات القائمة حينذاك، وكل تشريع بحاجة إلى مراجعة بعد مرور فترة من التطبيق، بهدف معالجة أي قصور أو خلل يظهر من خلال العمل به في النيابة والمحاكم.

«غسل الأموال»

• صدر قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب في 2013 فما الجهات المخاطبة به؟ وكم عدد القضايا التي حققت فيها نيابة الأموال العامة منذ صدوره؟

- قانون غسل الأموال أولا يخاطب جميع الأفراد والمؤسسات المصرفية والمالية، وهو يعاقب على أي فعل يؤدي إلى كسب الأموال المتحصلة من جريمة، أو مجهولة المصدر، أو نقلها أو إخفائها أو تمويه مصدرها غير المشروع، كما أنه يعاقب على تمويل الأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية.

وهناك تعاون وثيق بين النيابة العامة ووحدة التحريات المالية وجهاز أمن الدولة بهذا الخصوص، وباشرت النيابة العامة العمل بهذا القانون فور صدوره، من خلال البلاغات التي تردها من الجهات المعنية أو مما يتكشف لديها من أفعال تشكل جريمة غسل أموال أثناء التحقيق في قضية ما.

• ما تقييمكم لحجم قضايا الأموال العامة من حيث الكم؟

- لاشك أن معدل ارتكاب الجرائم يقاس من خلال الأرقام والاحصائيات، ومدى ازدياد الجرائم أو نقصانها يعتمد على عوامل كثيرة منها عدد أفراد المجتمع وجنسياتهم وثقافاتهم، كما تحكمه عوامل أخرى هو مدى انتشار الوعي لدى المجتمع، ومدى فعالية العقوبات المقررة لتلك الجرائم. ولابد أن تتضافر جهود الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة في توعية المجتمع بالنسبة للجرائم ونشر ثقافة احترام القانون والحفاظ على الأموال العامة، والحذر من التعامل مع الجهات المشبوهة، فالعقاب وحده لا يكفي إلى تحقيق النتيجة المرجوة في الحد من الجرائم بشكل عام أو الاعتداء على المال العام بشكل خاص.

• ما عدد القضايا التي حققت فيها نيابة الأموال العامة وأحالتها إلى المحاكم أو الحفظ خلال 2016؟

- بلغت جرائم الاعتداء على المال العام سقفها الأعلى خلال الأعوام القليلة الماضية في عام 2016، حيث سجل 56 قضية بلغ عدد المتهمين فيها 82 متهماً، فيما بلغ عام 2012 عدد القضايا 21 اتهم فيها 52 شخصاً، وارتفع العدد عام 2013 إلى 27 قضية و44 فيهاً وعام 2014 تراجع عدد القضايا الى 20 قضية و36 متهماً، أما عام 2015 فبلغ عدد القضايا 39 قضية و81 متهماً، في حين اقتصر العدد خلال الفترة المنصرمة في العام الحالي على 5 قضايا فقط، وبذلك يكون عدد القضايا منذ عام 2012 نحو 168 قضية و295 متهما.

«الشيكات بدون رصيد»

• هل كان للتعديل التشريعي على جرائم الشيكات أي أثر في الحد من هذه الجرائم؟

- للأسف مازالت ظاهرة إصدار الشيكات بدون رصيد في معدلها المرتفع، ولم يأت التعديل التشريعي في سنة 2003 بأي نتيجة إلا في تقييد موعد تحريك الدعوى الجزائية، الذي لا تقبل إلا إذا حل موعد استحقاقه، وهو ما يؤكد ما سبق ذكره أن الحد من الجرائم لا يأتي فقط بتعديل التشريعات، بل يجب أن يكون هناك دور فاعل من الجهات المعنية في التوعية، وتعديل سلوك الأفراد، وثقافتهم، حيث إن ظاهرة إصدار الشيكات بدون رصيد قد زجت بالكثير من المواطنين والأفراد من كل الفئات السنية والاجتماعية وقضت على مستقبلهم، وهو ما يستوجب دراسة هذه الظاهرة من كل نواحيها للحد منها، وأود أن نشير إلى أن قضايا إصدار الشيكات بدون رصيد لها أثر سلبي على الاقتصاد الوطني، وأشير إلى أن الشيك منبت عن سبب إصداره ويجب الابتعاد عن استخدام الشيك كضمان إذ إن ذلك ليس له أي أثر في قيام الجريمة.

• ما المدة التي يستغرقها التحقيق في قضايا الأموال العامة؟

- أولاً أود أن أوضح أن لكل قضية ظروفها، وقضايا الأموال العامة بالتحديد لها طابع خاص في التحقيق، إذ إنها تعد من قضايا المستندات ولا تعتمد على سؤال الشهود فقط، وعادة ما يتم طلب تلك المستندات من جهات متعددة، ثم تخضع للفحص والتدقيق، ومن ثم يتم الاستعانة بالخبراء المعنيين أو تشكيل لجان متخصصة فيما تثيره الأوراق من جرائم مالية أو مخالفات إدارية، وهذه إجراءات تستغرق وقتا طويلا أحيانا، لا سيما القضايا ذات العمليات المالية والحسابية، إلى حين الانتهاء من التقرير، ومن ثم تستكمل النيابة العامة تحقيقها سواء بسؤال الشهود أو الخبراء أو المشكو بحقهم، ومن ثم التصرف بالأوراق على ضوء ما ينتهي إليه التحقيق، وكل ذلك رغبة في تحقيق العدالة، وهذه الإجراءات لا تنطبق بالضرورة على كل البلاغات.

وأود أن أشير إلى أن النيابة العامة بما تضمه من كفاءات وطنية مخلصة حريصة كل الحرص على تقديم كل من يثبت اعتداؤه على المال العام للمحاكمة الجزائية، ومتابعة الأحكام التي تصدر بشأنها والطعن عليها سواء كان لتشديد العقاب أو لثبوت التهمة أو للخطأ في تطبيق القانون، وملاحقة المتهمين في أي مكان واسترداد الأموال المختلسة أينما وجدت، وذلك حسبما هو مقرر بقانون حماية الأموال العامة.

• ما التهم التي يواجهها الموظفون الذين يقومون بإجراء البصمة عن زملائهم؟ وهل هناك من أحيل إلى المحاكم عن هذا الفعل؟

- للأسف فقد ورد إلى النيابة العامة العديد من القضايا من هذا النوع، وتمت إحالة المتهمين الذين ثبتت في حقهم التهمة إلى المحاكمة الجزائية، وهذا الفعل، بلا شك، يعد استهتارا بمقتضيات الوظيفة العامة واستيلاء على الأموال العامة، إذ إنه يشكل جريمة الاستيلاء على المال العام والمتمثلة في الرواتب التي يحصل عليها الموظف دون وجه حق خلال أيام الغياب، فضلا عن جريمة التزوير في كشوف الحضور والانصراف، التي أثبت فيها حضوره أو انصرافه على خلاف الحقيقة.

وأحذر من هذه الأفعال، لأن هذه الجريمة يعاقب عليها بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات، ولا ينفعه رد الأموال المستولى عليها، إذ إن الموظف المتهم سيواجه لا محالة عقوبة العزل الوجوبية التي ستمنعه من التعيين في أي جهة حكومية مستقبلا، فضلا عن الغرامة، حتى وإن قضت المحكمة بالامتناع عن النطق بالعقاب.

التراسل الإلكترونيي

• اتخذت الحكومة قراراً باستخدام التراسل الإلكتروني بين الجهات المعنية، فما مدى استخدام النيابة العامة للتكنولوجيا في مجال التحقيق؟

- مشروع التحقيق الإلكتروني هو من المشاريع الحيوية التي عملت عليه النيابة العامة منذ فترة ليست بالقصيرة وكانت محط اهتمام المستشار النائب العام، لذلك بعد دراسة مستفيضة من كل النواحي القانونية والتقنية والأمنية، والتثبت من فعاليته ومردوده الإيجابي على العمل، وبعد أن خضع نظام التحقيق الإلكتروني للتجربة العملية في نيابة الأموال العامة، وتأهيل وتدريب وكلاء النيابة وأمناء السر عليه اعتمدت نيابة الأموال العامة منذ ديسمبر 2016 هذا النظام بشكل كلي، في التحقيق والتصرف بالقضايا المختصة بها، منذ ورود البلاغ حتى التصرف النهائي بالقضية، وسيتم الإعلان عنه بشكل رسمي قريبا بعد الانتهاء من كل تفاصيله، حيث إننا نعمل على تطوير النظام أولا بأول.

وخلال الأيام المقبلة سيتم تطبيق نظام التحقيق الإلكتروني في نيابة الشؤون التجارية كمرحلة ثانية، ومن ثم تعميمه على كل النيابات، كما أن النيابة العامة حاليا بصدد تجربة نظام التراسل الإلكتروني الذي أنشئ خصوصا للتراسل بين أعضاء النيابة العامة من شباب كويتيين طموحين في قطاع التكنولوجيا بوزارة العدل.

وعلى صعيد آخر فإن النيابة العامة مرتبطة بالجهات الرسمية بنظام «G2G» في بعض مراسلاتها، نظرا لطبيعة مراسلات ومخاطبات النيابة العامة الخاصة والسرية المتعلقة بتفاصيل القضايا وأطرافها.

• هل يعاقب القانون الكويتي على جرائم المال العام الواقعة خارج الكويت؟

- قانون حماية الأموال العامة مد الحماية على أي أفعال تقع على المال العام سواء داخل الكويت أو خارجها، ولا تتوانى النيابة العامة في سبيل الوصول إلى المعتدين على المال العام ومعاقبتهم أو استرداد الأموال المعتدى عليها ومهما كانت قيمتها، عن اتخاذ كل الإجراءات المبينة في القانون وفق القنوات المرسومة في هذا الخصوص.

• هل ترون للمواطنين دوراً في الإبلاغ عن جرائم الاعتداء على المال العام؟

- لا شك أن المواطن هو خط الدفاع الأول عن الأموال العامة، كما أن حمايتها واجب على كل مواطن طبقا للدستور والقانون، ومن أوجه هذه الحماية الإبلاغ عن أي جريمة تتعلق بالعدوان على المال العام، ولكن لا بد أن تكون لديه الأدلة الكافية على ما يبلغ عنه، وهذا الأمر أيضا يسري على كل الجهات الرسمية، فلابد أن يكون البلاغ جديا، وأن يسبق ذلك مراجعته من الإدارات القانونية وأن يرفق به كل المستندات والتقارير المؤيدة لما تثيره من جرائم، ولا تكون مجرد مخالفات إدارية، وذلك حتى لا تلوث سمعة الموظفين والأشخاص دون وجه حق، علما بأن القانون، وفق شروط معينة، قد أعفى كل من يبادر إلى الإبلاغ عن الجرائم الواردة في قانون حماية المال العام أو الجرائم الواردة في قانون مكافحة الفساد الذي اشتمل على جرائم المال العام وغيرها، ويوفر القانون الأخير برنامج لحماية المبلغين.

تقارير «المحاسبة»

• ما مدى اعتمادكم على التقارير التي يعدها ديوان المحاسبة في التحقيق بقضايا المال العام؟

- لا شك أن ديوان المحاسبة يقوم بدور مهم في الرقابة على الأموال العامة، ونيابة الأموال العامة على اتصال وثيق وتعاون دائم مع الديوان في عدد من القضايا، وتقاريره التي تقدم إلى النيابة العامة بمناسبة البلاغات المقدمة، تأخذ بعين الاعتبار، وتخضع أيضا للفحص والمراجعة من النيابة العامة، لاستخلاص منها ما يشكل جريمة من جرائم المال العام، فكما هو معروف أن تقارير «المحاسبة» يشمل كل المخالفات الإدارية والمالية المسجلة على الجهة الحكومية، ولا تعد كل مخالفة جريمة في نظر القانون، ومن ثم فإن ما يرد في تقرير الديوان يخضع للتحقيق، ومن ثم للتكييف القانوني السليم الذي يتفق والمخالفة الواردة فيه.

وأود أن أشيد بجميع المسؤولين والعاملين بـ»المحاسبة» على الدور الذي يبذلونه، وتعاونهم اللامحدود مع النيابة العامة، وكذلك أشيد بالدور الذي تقوم به الإدارة العامة للخبراء التابعة لوزارة العدل للجهود التي يؤديها السادة الخبراء فيما يسند إليهم من مأموريات تكلفهم بها النيابة العامة.

• بمناسبة قرب حلول شهر رمضان هل هناك عقاب للأفراد الذين يجمعون التبرعات؟

- اشترط قانون تنظيم الترخيص بجمع المال للأغراض العامة أن يكون هناك ترخيص لجمع التبرعات سواء للأفراد أو الجماعات، وللأسف، خلا من عقاب على جمع التبرعات بالنسبة للأفراد، ومن ثم فإنه لابد من تدخل تشريعي لتنظيم عملية جمع الأفراد للتبرعات حتى تتم مراقبتها والتأكد منها وحتى لا يختلط العمل الخيري بغيره من الأعمال المشبوهة، إذ إن أي شك في حركة الحسابات البنكية أو دخول الأموال وخروجها من البلاد ستواجه بالإحالة إلى النيابة العامة لوجود شبهة جريمتي غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إذا ثبت عدم مشروعية تلك الأموال والغرض من جمعها، والنيابة العامة ورد إليها عدد من البلاغات في هذا الشأن.

«الكسب غير المشروع»

• ما دور النيابة العامة في الجرائم الواردة في قانون مكافحة الفساد وخاصة جريمة الكسب غير المشروع؟

- جريمة الكسب غير المشروع تعد من جرائم الفساد الواردة في المادة (22/6) من قانون هيئة مكافحة الفساد، وهي كل زيادة في الثروة أو انتقاص في الالتزامات تطرأ على الخاضع لقانون مكافحة الفساد ولا تتناسب مع موارده أو موارد أولاده القصر، ويعد فاعلها مرتكب جناية ويعاقب عليها بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة تعادل قيمة الكسب غير المشروع، ومن ثم تدخل في اختصاص النيابة العامة وتحقق فيها كغيرها من الجرائم، متى ما كان هناك بلاغ من هيئة مكافحة الفساد أو غيرها أو ظهرت أثناء التحقيق في قضية ما.

• هل هناك نسبة محددة لحماية المال العام؟ أم أن القانون يحمي الدينار الواحد كما يحمي المليون دينار؟

- القانون لم يفرق في حماية الأموال العامة بالنسبة لقيمة الأموال المعتدى عليها، ولكن حتى نكون أمام جريمة من جرائم المال العام اشترط المشرع أولا أن يكون الجاني موظفا أو من في حكمه، ولكن في نفس الوقت يدخل معه أيضا في الاتهام الجاني غير الموظف بحسب دوره في ارتكاب جريمة المال العام أو أي جريمة أخرى، واشترط القانون كذلك أن تكون الأموال مملوكة للدولة أو لإحدى الهيئات أو المؤسسات الحكومية، أو مملوكة لإحدى الشركات أو المنشآت التي تساهم فيها الدولة بنسبة لا تقل عن 25 في المئة من رأسمالها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

الشركات العقارية

• كثرت في الآونة الأخيرة قضايا الاعتداء على أموال المواطنين من بعض الشركات العقارية نتيجة طرحها مشاريع وهمية وغسل أموال فما دور النيابة؟

- تلقت النيابة بلاغات من المواطنين ضد عدد محدود من الشركات التي تروج لمشاريع عقارية خارج الكويت مع ضمان دفع إيجار شهري، مما يغري المواطنين على الاستشمار في هذه المشاريع بعد أن يبرز لهم المسؤولون في هذه الشركات صورا وأوراقا ومستندات وهمية لتلك المشاريع، وبعد إبرام العقد تبدأ فعلا هذه الشركات بدفع مبالغ شهرية للمستثمرين على أنها أجرة تلك العقارات، وبعد مضي فترة من الزمن تتعثر الشركات في السداد، وقد اتضح من خلال التحقيقات أن هذه المشاريع وهمية، سواء كانت غير قائمة أو أن الشركة لا تمتلكها بالأصل، وأن الأجرة التي كانت تدفع هي ذاتها الأموال المتحصل عليها من المستثمرين أنفسهم، مما جعل هذه الشركات تعجز عن الاستمرار في دفع الأجرة الشهرية لجميع المستثمرين، وهو ما يشكل جريمة النصب وغسل الأموال، لأن هذه الأموال متحصلة من الجريمة الأولى.

وباشرت النيابة العامة التحقيق فور تلقيها تلك البلاغات، وأحالت عددا من المتهمين وجار محاكمتهم، لذلك على المواطنين التثبت مما تروجه هذه الشركات، والتأكد من وجود هذه العقارات وملكية الشركة المسوقة لها حتى لا يقعون ضحية للنصب والاحتيال وتضيع أموالهم.

التنازل عن البلاغ

• هل يحق للجهة المبلغة التنازل عن بلاغها في قضايا المال العام، وهل لهذا التنازل أي أثر؟

- التنازل في قضايا الأموال العامة ليس له أي أثر في سير التحقيق أو المحاكمة ولا يعفي الجاني من العقاب، وقد يكون لسداد المتهم للملبغ المختلس أثر أثناء المحاكمة، إذ إن المشرع رغبة منه في التشجيع على استرداد الأموال المعتدى عليها أجاز للمحكمة بدلا من توقيع العقوبة أن تقرر الامتناع عن النطق بالعقاب، ولكن ذلك أيضا لا يعفيه من تطبيق العقوبات التكميلية كالعزل والغرامة.

• ما أكثر الجرائم انتشاراً في نيابات الأموال العامة؟

- أكثر القضايا التي ترد إلى نيابة الأموال العامة هي جرائم الشيكات، ويليها جرائم التزوير البنكي.

بلاغات الجهات الرسمية

قال الرجيب إن على الجهات والمؤسسات الحكومية قبل إبلاغ النيابة العامة عن أي جريمة من جرائم المال العام إجراء تحقيق إداري في الوقائع التي تنسب إلى الموظفين من الإدارات القانونية لديها، وتشكيل اللجان المختصة بالفحص والمراجعة، وبعد التثبت من أنها تثير فعلا شبهة جريمة من جرائم المال العام تحيل البلاغ إلى النيابة، وعليها أن ترفق كل المستندات الدالة على ذلك.

أما دور النيابة فيتمثل في التحقيق فيما يثور من شبهة جدية في التعدي على المال العام، وليست جهة فحص، ويترتب على تحقيقها إجراءات قد تصل إلى الحبس الاحتياطي والتحفظ على الأموال والمنع من السفر، لذلك حتى لا تتأذى سمعة الموظفين لابد من التثبت من أي بلاغ يقدم إلى النيابة.

• هل تسمحون للمحامين بالحضور في تحقيقات النيابة إذا ما طلب المتهم ذلك؟

- هذه إحدى الضمانات التي كفلها القانون للمتهمين، والنيابة تسأل المتهم إذا ما كان لديه محام لحضور التحقيق من عدمه، وتمكنّه من الحضور وفق ما رسمه القانون.

• هل من كلمة أخيرة تودون ذكرها؟

- أدعو الجهات الحكومية أولا إلى تقنين الاستثناءات وتحديد صلاحيات الموظفين الإدارية في إجراءات المعاملات، بما يتوافق مع القوانين، وثانيا إلى وضع نظام آمن لحماية الملفات والمستندات الرسمية من الضياع والتلف والسرقة، لأنه، للأسف، في كثير من القضايا عندما تطلب النيابة أصول ملفات المعاملات أو بعض المستندات المتعلقة بالجريمة تكتشف أنها مفقودة بحسب رد الجهات، ولا يتوصل التحقيق في أحيان كثيرة إلى اكتشاف الجاني، كما أدعو الجهات المعنية إلى التنسيق مع المصارف والبنوك وضرورة وضع آلية آمنة للتأكد من صحة بيانات الكفالات البنكية أو خطابات الضمان التي تقدم للجهات الحكومية بمناسبة تنفيذ مشروع ما، حتى لا تقدم أي أوراق مزورة على البنك المعني.

تأهيل الوكلاء للتحقيق في الجرائم الإلكترونية

أعتبر الرجيب أن جرائم الاحتيال الإلكتروني باتت من الجرائم التي تؤرق دول العالم، لذلك فالدول في سباق محموم من أجل مكافحتها والحد من انتشارها، نظرا لطبيعة وسائل ارتكابها التكنولوجية، والكويت ليست بمنأى عن هذه الجرائم، ولكنها قد تكون بشكل أقل.

وقال أن نيابة الأموال العامة تلقت عددا لا بأس به من قضايا الاحتيال الإلكتروني خلال السنتين الماضيتين، وتعمل النيابة العامة على تأهيل وتدريب وكلاء النيابة على التحقيق في هذا النوع من الجرائم، كما أنها على تعاون وثيق مع المؤسسات المصرفية وإدارة الجرائم الإلكترونية بالمباحث الجنائية الذين يبذلون جهودا جباره في سبيل الحد من هذه الجرائم وكشف مرتكبيها وإحالتهم إلى النيابة العامة، وأدعو المواطنين والمقيمين، على حد سواء، إلى اتباع إرشادات المؤسسات المصرفية وإدارة الجرائم الإلكترونية بخصوص حماية المعلومات المصرفية حتى لا يقعوا ضحية لضعاف النفوس.

يجب تنظيم العمل الخيري بتشريعات حتى لا يختلط مع الأعمال المشبوهة

قضايا الاعتداء على المال العام لا تسقط بالتقادم... وليست كل مخالفة في تقرير «المحاسبة» جريمة

القانون لم يفرق في حماية الأموال العامة بين الأموال المعتدى عليها

على الجهات الحكومية تقنين الاستثناءات وتحديد الصلاحيات الإدارية للموظفين في إجراءات المعاملات

حققنا مع شركات متهمة بالنصب العقاري وغسل الأموال وهي توهم الناس ببيع عقارات في الخارج وبأرباح
back to top