لماذا قد توحّد كوريا الشمالية روسيا واليابان؟

نشر في 22-05-2017
آخر تحديث 22-05-2017 | 00:05
 موسكو تايمز من الواضح أن العلاقات بين طوكيو وموسكو تسير في اتجاه إيجابي، وهذا ما تجلى خلال اللقاء الأخير بين بوتين ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي: يشير بوتين اليوم إلى اليابان بصفتها "الجار الجيد" و"الشريك الواعد"، لكن قوى إيجابية وسلبية قد تؤثر في مستقبل هذه العلاقة.

من الناحية السلبية تجد روسيا واليابان نفسيهما على جانبَي نقيض في تنافس القوى الكبير بين الولايات المتحدة والصين، وفي رد على التوسّع العسكري الصيني وتهديد كوريا الشمالية النووي انطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مسعى لتعزيز العلاقات مع اليابان وكوريا الجنوبية وعدد من دول جنوب شرق آسيا التي تعتبر واشنطن حليفتها في احتواء التهديد الصيني.

كذلك تسرّع الولايات المتحدة خططها لتحديث أسطولها في المحيط الهادئ، ونشر نظام "ثاد" للدفاع الصاروخي في كوريا الجنوبية، ودعم قاعدتها العسكرية في جزيرة غوام في غرب المحيط الهادئ، أما روسيا من جهتها فتطور بدأب روابطها العسكرية والتقنية العسكرية مع الصين، مما يشير إلى احتمال تشكيل ما يشبه الائتلاف بين موسكو وبكين.

تعارض روسيا بشدة قرار واشنطن نشر أنظمة دفاع صاروخية في حليفتيها الآسيويتين الشرقيتين، وتعتبر موسكو أن هذه الأنظمة الجديدة في كوريا واليابان تزعزع التوازن في المنطقة لأن مَن يتحكم فيها هو وزارة الدفاع الأميركية لا المجتمع الدولي.

تتعاون روسيا والصين دوماً في مجال الدفاع الصاروخي، حتى إنهما نفذتا معاً تمارين دفاع صاروخية عام 2016، وتعتبر اليابان التعزيزات العسكرية الروسية في جزر الكوريل الجنوبية خطوة مثيرة جداً للاستياء، ولا شك أن طوكيو ستبذل قصارى جهدها لتمنع روسيا والصين من تعزيز تقربهما، وتستطيع طوكيو استخدام علاقاتها الجيدة مع روسيا، التي تشمل لقاءات "2 + 2" المنتظمة، لتؤثر في تعاطيها مع الصين.

تشمل الدوافع الأخرى للتقرب الياباني-الروسي المحتمل إمكان توصل الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق منفصل بشأن كوريا الشمالية، حيث ستتمكن بيونغ يانغ قريباً من استهداف ساحل الولايات المتحدة على المحيط الهادئ بصواريخ نووية، وتصيب واشنطن باعتقادها أن بكين، التي تتمتع بنفوذ كبير في بيونغ يانغ، تحمل مفتاح حل هذه المشكلة.

لكن اليابان لم تنسَ بعد كيف سافر الرئيس الأميركي السابق نيكسون إلى الصين عام 1972 من دون أن يخطر أولاً شركاءه اليابانيين.

ردت طوكيو على هذه الخطوة بتحوّل حاد في سياستها الخارجية نحو ما دعته "دبلوماسية متعددة الأطراف"، ولا شك أن طوكيو ستنظر إلى "صدمة" مماثلة من ترامب تماماً كما نظرت إلى "صدمة" نيكسون حينذاك: طعنة في الظهر، ومن المؤكد أن اليابان ستحتاط لهذا الخطر، وإذا اتبعت واشنطن المسار عينه بعدم التشاور مع طوكيو، فسترد اليابان بتقوية روابطها الأمنية مع روسيا.

على الصعيد الاقتصادي تمثّل روسيا بالنسبة إلى اليابان مجرد فرصة لتنوّع إمدادها من المواد الخام، وفي المقابل تشكّل اليابان بالنسبة إلى موسكو مصدراً محتملاً لاستثمارٍ وتكنولوجيا هي بأمس الحاجة إليهما للشرق الأقصى الروسي، كذلك تمثّل فرصةً لتنوِّع شراكاتها في آسيا وتحد من الاعتماد الروسي المفرط على السوق الصينية.

باختصار تميل اليابان إلى الحوار لأسباب أمنية وروسيا لأسباب ترتبط بالمكاسب الاقتصادية، إذاً قد تكون دوافعهما مختلفة، إلا أن من مصلحتهما كلتيهما تأسيس علاقات طبيعية.

ولا شك أن هذا الهدف، أكثر من أي رغبة في التوصل إلى معاهدة سلام أو حل لمشكلة جزر الكوريل، سيدفع كلا البلدين نحو حوار سياسي أقرب.

* دميتري ستريلتسوف

* «موسكو تايمز»

back to top