من وراء صفقة «التحصين»؟!

نشر في 22-05-2017
آخر تحديث 22-05-2017 | 00:08
«الإخوان» لم يكونوا يوماً مع ترسيخ قيم الديمقراطية، وتوسيع الحريات، وحماية المواطنة الدستورية المتساوية، كما لم يكونوا، في يوم من الأيام، في صفوف المعارضة الحقيقية التي تستهدف تطوير النظام الديمقراطي وبناء الدولة المدنيّة الدستورية، فالديمقراطية بالنسبة إليهم هي مجرد آليات وصناديق اقتراع يستغلونها من أجل الوصول إلى السُلطة كي يقوموا باحتكارها.
 د. بدر الديحاني عقد عدد من أعضاء المجلس، وهم تحديداً أعضاء جماعة الإخوان "حدس" والعناصر المحافظة القريبة منهم، "صفقة سياسية" مع السُلطة، تم بموجبها تحصين رئيس الوزراء من المساءلة السياسية وإعلان عدم التعاون، أي الامتناع عن استخدام مواد دستورية صريحة وتعطيل الدور الرقابي للمجلس، في مقابل تحقيق بعض المكاسب الخاصة وفي مقدمتها، كما نشرت وسائل الإعلام، إعادة الحكومة شهادات الجنسية الخاصة بعدد من المواطنين الذين تعرضوا للظلم بعد أن سُحب وأسقطت، أو أفقدت منهم، قبل سنوات قليلة، لأسباب سياسية لا قانونية.

وذلك بدلاً من قيامهم كأعضاء للمجلس بإقرار تشريعات وقوانين عامة تُحصن المواطنة باعتبارها حقاً مقدساً لا يجوز أن يُمس، أو يكون عرضة للصفقات والمساومات والأمزجة السياسية، ثم إلزام الحكومة بتطبيق القانون على الجميع، ورفع الظلم عن كل الأشخاص الذين سبق أن سُحبت أو أُسقطت أو أُفقدت جناسيهم، أي جُرّدوا من مواطنتهم، من دون وجه حق.

إذاً هي صفقة سياسية نتج عنها تهميش الدور الرقابي للمجلس، وتجاوز مواد دستورية صريحة، عقدها مع السُلطة السياسية عدد من أعضاء المجلس من جماعة "الإخوان" (حدس) وبعض العناصر القريبة منهم، وهو ليس بالأمر المستغرب، فجماعة "الإخوان" عموماً ومن ضمنهم فرعهم في الكويت ممثلاً بذراعه السياسي (حدس) لديهم سجل حافل بعقد الصفقات السياسية الخاصة مع الحكومات من وراء الكواليس، وعلى حساب تطوير النظام الديمقراطي وتجذيره مثلما حصل، مثالاً لا حصراً، بعد تعليق الدستور وحلّ مجلس الأمة عام 1976، أو أثناء ثورة 25 يناير 2011 في مصر. علاوة على ذلك فإن "الإخوان" لم يكونوا يوماً مع ترسيخ قيم الديمقراطية، وتوسيع الحريات، وحماية المواطنة الدستورية المتساوية، كما لم يكونوا، في يوم من الأيام، في صفوف المعارضة الحقيقية التي تستهدف تطوير النظام الديمقراطي وبناء الدولة المدنيّة الدستورية، فالديمقراطية بالنسبة إليهم هي مجرد آليات وصناديق اقتراع يستغلونها من أجل الوصول إلى السُلطة كي يقوموا باحتكارها.

من هذا المنطلق، وكي لا يتم خلط الأوراق وتشويه الحقائق، وتضليل الرأي العام، فإنه ينبغي تسمية الأشياء بأسمائها الصحيحة، والتوقف عن ترديد مصطلحات فضفاضة ومُضللة مثلما تفعل بعض وسائل الإعلام غير المهنية عندما تستخدم دائماً مصطلح "المعارضة" بعموميته من دون الإشارة بشكل صريح لمن هو الطرف السياسي المقصود، وبالتالي، فبالنسبة إلى صفقة أو "بدعة التحصين"، فإن من عقدوا الصفقة السياسية، وعطلوا استخدام مواد دستورية، ثم دعموا رئيس الحكومة أثناء الاستجوابات، مناقضين بذلك ما كانوا يوجهونه من انتقادات كثيرة تصب جميعها في خانة فشل خطط الحكومة وتخبطها، فأثاروا استياء عدد كبير من المواطنين، هم أعضاء "حدس" والعناصر المحافظة القريبة منهم، وهم وحدهم الذين يجب أن يُحمّلوا المسؤولية السياسية.

back to top