العصبية القبلية في اللغة!

نشر في 20-05-2017
آخر تحديث 20-05-2017 | 00:15
 د.نجم عبدالكريم العصبية في اللغة من "العصب"، وهو الطي والشد، وعصب الشيء يعصبه عصباً طواه ولواه، وقيل شده.

والتعصبُ المحاماةُ والمدافعة لعصبة الأقارب من جهة الأب.

• والعصبة والعصابة الجماعة، ويقال: نحن عصبةٌ. وجاء في القرآن الكريم: "هذا يومٌ عصيب"، وجاء في الحديث: "إن تهلك هذه العِصابة"، وعصيبٌ: شديد.

• وقد جاء في لسان العرب: "العصبية" أن يدعو الرجل إلى نصرة عصبته والتألب معهم على من يناوئهم، ظالمين كانوا أو مظلومين!

• وعرَّفها ابن خلدون بأنها: "النعرة على ذوي القُربى وأهل الأرحام أن ينالهم ضيم"، ومن التعريفات الحديثة أنها: "رابطة اجتماعية سيكولوجية شعورية ولا شعورية معاً، تربط أفراد جماعة ما، قائمة على القرابة، ربطاً مستمراً يبرز ويشتد عندما يكون هناك خطر يهدد تلك الجماعة".

• وقال آخرون: العُصبة معناها التلاحم بالعصب والالتصاق بالدم والتكاثر بالنسل ووفرة العدد، والتفاخر بالغلبة والتطاول. وتفسيرات العصبية القبلية في مجملها تدور حول معنيين رئيسيين هما الاجتماع والتناصر، على حق كان أو على باطل.

***

• والعصبية واحدة من ثلاثٍ أشار إليها رسول الله في حديث ورد عن أنس وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث لم يزلنَ بأمتي: التفاخر بالأحساب، والنياحة، والأنواء".

• إذاً التعصب القبلي لايزال باقياً في أمة الإسلام، كما أخبر نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم بذلك، وليس من الخطأ أن يحفظ الإنسان نسبه وحسبه، ولكن ألا يتخذ من ذلك معياراً للتفاضل بين البشر وتصنيفهم إلى طبقات وفئات تفصل بينهم حواجز وحدود.

وقد جاء في القرآن والسنة الشريفة أحاديث كثيرة تستفيض في نشر العدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس، وجسّد ذلك نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم يوم أشرف بنفسه على مساواة أشراف مكة مع من كانوا عبيداً وفقراء قبل الإسلام، وأشرف كذلك في المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وبين العرب ومواليهم من الأحباش والفرس والروم، بل جعل سليمان الفارسي من "آل البيت".

***

• قمت برحلة ساعات طويلة مع كتاب "ظاهرة العصبية القبلية" للدكتور محيي الدين عرار، الذي وضع النقاط على الحروف بشواهد تاريخية تثبت ما للقبلية والعصبية من مظاهر التخلف والجهل والعداوة بين الناس، ويستشهد الكاتب بآية كثيراً ما تُردد في المحافل العربية والرسمية تحديداً، ولكن الكل، أمام طوفان هذا التعصب القبلي، يرددها ولا يأخذ بها: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم). ولكن الأكرمية أصبحت في هذا العالم للقبلية والتعصب... وأخيراً للطائفية، والعياذ بالله!

back to top