الصراط المستقيم

نشر في 20-05-2017
آخر تحديث 20-05-2017 | 00:07
 يوسف سليمان شعيب بسبب الضباب السياسي المحيط بنا ابتعدت عن الكتابة فترةً حتى تتضح الرؤية، ويستطيع المرء أن يحكم ويتكلم ويكتب وهو على بينة وصورة واضحة على الأقل من وجهة نظره؛ فلقد اتضح لي، على الأقل، أن الفساد الذي ندعو الناس والمجتمع إلى محاربته هو أيضاً يجند الجنود والعناصر والأشخاص وبشكل قوي وسريع، فكلما حارب المجتمع فساداً معيناً وفي جهة معينة ظهر غيره في جهة أخرى، وكأنه فيروس يتنقل بين أعضاء الجسم ولا علاج له.

لقد كنا في السابق نعتقد أن الفساد قد ظهر في السنوات الأخيرة، بَيْدَ أنه متغلغلٌ في جميع أركان الدولة منذ عقود، وهنا لابد أن نتساءل: لماذا لم يصرح بهذا الغول (الفساد) ويتوسع إلا في السنوات الأخيرة؟ ولماذا تطنطن مجموعة من السياسيين والبرلمانيين ومن يظنون أنهم من أهل الرأي بأنه قد آن الأوان لكشف الحقائق، وإرجاع الحقوق، وتطبيق القانون، وتصحيح الأوضاع؟

نحن من المؤيدين لكشف الحقائق كاملة، لا كما يريد البعض، ومن المؤيدين أيضا لإرجاع الحقوق جميعها، وخصوصا التي اغتصبت بالقوة أو بالحكم المسيس أو بالأهواء الشخصية والمزاجية.

والمجتمع عندما اشتكى من توغل ذلك الفساد، على سبيل المثال، لم يكن يدرك يوما أنه قد نخر منذ سنين هويته الوطنية، وأن إثباتها الورقي (الجنسية) كان يباع ويشترى، فلا عجب إن رأينا دكتورا يشتري شهادته، أو مسؤولا يرتشي، أو تاجرا يغش، أو شيخا يتنازل عن هيبته، لا عجب، فالأسباب يمكن أن يختصرها ذلك المثل الشعبي «قال من آمرك.. قال من نهاني»، فلا نلوم من يقصر في شيء عندما لا يجد من يقول له: لا، أو لماذا؟ أو من أين لك هذا؟

فإن كان المجتمع بكل أطيافه وأركانه، سلطة، ونوابا، ووزراء، وقضاة، وقياديين، ومسؤولين، وشيوخا، وتجارا، وموظفين، وأفرادا، وكبارا، وصغارا، ورجالا، ونساء، يريد اجتثاث الفساد حقيقة، فعليه كشف جميع الأوراق ومحاسبة المخطئ، على كل فعل فعله وتسبب في توسع انتشار الفساد.

وفي قصّة المرأة المخزومية التي سرقت واستعان أهلها بأسامة بن زيد كي يشفع لهم عند رسول الله– صلى الله عليه وسلم– خير شاهد، فلم يقبل شفاعته، وقال كلمة خلّدها التاريخ: «أيها الناس، إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيـم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها». متفق عليه.

فهل نحن أجلّ وأشرف من النبي- صلى الله عليه وسلم- أو أعز وأكرم من فاطمة بنت النبي، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه؟ ومتى يشعر الإنسان أن هناك حساباً على كل فعل يفعله فسيكون، بلا شك، على الصراط المستقيم. وما أنا لكم إلا ناصح أمين.

back to top