مشاكل «قوم مكاري»!

نشر في 09-05-2017
آخر تحديث 09-05-2017 | 00:10
كثرة الأخبار السلبية التي تتعلق بهيبة الدولة وسلطان القانون ومتطلبات التنمية ومستوى أداء الأجهزة والإدارات الحكومية بكل الاختصاصات والمهام بشكل يومي، تنعكس على التقييم السنوي لمؤشرات أممية وعلمية تقيس مستوى التنمية والتطور والاستقرار، واستفحال المشاكل بصفة مستمرة هو التفسير المنطقي لتصنيف الكويت في مواقع متدنية في العديد من فهارس التنمية البشرية.
 د. حسن عبدالله جوهر بعد استعراض سريع لمجموعة من العناوين على صدر الصحف اليومية يمكن أن نتخيل مفاهيم مثل هيبة الدولة وسلطان القانون ومتطلبات التنمية ومستوى أداء الأجهزة والإدارات الحكومية بكل الاختصاصات والمهام؟

العناوين التي يتم ذكرها هنا هي حصيلة يوم واحد فقط من الأخبار الواردة في الصحافة الكويتية، ويفترض أن تكون ذات مصداقية عالية تعكس صحافتنا الحرة إلى حد معقول، لا أخبارا مستمدة من وسائل التواصل الاجتماعي التي قد يغلب عليها المبالغة أحياناً والاستهداف الشخصي لأفراد أو جماعات أو هيئات معنية أحياناً أخرى.

التاريخ هو 7 مايو 2017، وقد طالعتنا الصحافة المحلية بالآتي: "الكويت تستورد لحوماً ومنتجات غذائية فاسدة من أكثر من عشرين دولة"، "فشل قطاع حماية المستهلك وقمع الغش"، "استمرار تطاير الحصى في الشوارع"، "150 طنا من الرقي الفاسد في الأسواق"، "إبعاد 20 ألف وافد مخالف خلال عام 2016"، "60 جريمة قتل في البلاد خلال 3 أشهر"، "الروسية التي اختلست 160 مليون دينار"، "39 بقالة تمارس أعمال الصرافة"، "188 مخالفة ارتكبتها 5 جهات اقتصادية"، "نفق المنقف أغرق هيكل الأشغال التنظيمي"، "السعودية تضبط كويتياً هارباً من السجن"!

قد يقول قائل إن المشاكل اليومية وعلى كل المستويات أمر طبيعي في كل الدول والمجتمعات، وإن تسليط الضوء على مثل هذه العناوين مجرد تصيّد أو تكرار للنقد العام، وهذا بالتأكيد ليس صحيحاً، فمثل هذه الأخبار واستمرارها بشكل يومي ينعكس على التقييم السنوي لمؤشرات أممية وعلمية تقيس مستوى التنمية والتطور والاستقرار، واستفحال مثل هذه المشاكل بصفة مستمرة هو التفسير المنطقي لتصنيف الكويت في مواقع متدنية في العديد من فهارس التنمية البشرية على الرغم من الإمكانات العالية والمستويات المالية والمعيشية في دولة تعتبر من أغنى بلدان العالم.

هذه المشاكل تثبت بوضوح حجم الاختلالات الهيكلية في بنى الإدارات الحكومية، وعدم قيامها بواجباتها ومسؤولياتها إما تقاعساً وإما من جراء ثقافة "قوم مكاري"، وإما لغياب الرقابة أو مزيج من هذه الأسباب، كما تعكس من جانب آخر انعدام هيبة القانون والنظام العام، وهذا يسري على الجميع من مواطنين ومقيمين وغياب الحزم والعقاب، الأمر الذي يعني أن المجتمع بدأ يُنخر من الداخل، وأن الاستسلام لحالة اليأس من الإصلاح والجدية في معالجة المشاكل أصبح جزءا من الواقع، وأن هذه الفتافيت من المشاكل هي نتيجة طبيعية لما يسمعه الناس من كبريات الجرائم في المواقع الرئيسة المهمة في الدولة من اختلاسات مليونية ومناقصات وهمية وهدر مستباح للأموال العامة، والصورة المشوهة لشخصيات على قمة المؤسسات التنفيذية والتشريعية، وأن الجميع بات يجاهر بأنه لن يكون الوحيد الذي يلتزم بالقانون والأمانة والمواطنة الصالحة في حين أن الآخرين يسرحون ويمرحون دون حسيب أو رقيب، فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم!

back to top