أسابق الوقت دوماً!

نشر في 09-05-2017
آخر تحديث 09-05-2017 | 00:00
No Image Caption
تخبر مريم (38 سنة): «لا أملك دقيقة فراغ. أركض طوال النهار على مدار السنة. عليّ تولي شؤون الأولاد، والصيدلية، والمنزل، والمشاغل اليومية. أشعر بأنني على عجل حتى في علاقتي بزوجي. تثقل هذه الأعباء كاهلي». ولكن لمَ نشعر بأن الوقت يمضي بسرعة؟ يعتقد الخبراء أننا نسيء تقدير الواقع ونقع في ثلاثة أخطاء في علاقتنا بالوقت.
نسيء تقييم المهل المتاحة أمامنا. لكل منا نظرته إلى الوقت. ونخفق في تقييمه لسببين: في جسمنا وفي عقلنا. نعجز عن تقدير مدة حدث ما لأن ساعتنا الداخلية تتبدل بتبدل مشاعرنا: عندما نكون سعداء، يمرّ الوقت بسرعة. ولكن عندما نواجه غضب شخص مقرب منا، تدوم اللحظات طويلاً. كذلك نكوّن انطباعات شخصية عن السرعة التي يمضي بها الوقت. يعود هذا الشعور إلى طريقة تفكيرنا. وهذا ما يحدث مثلاً عندما نفكّر في أن علينا إنجاز أعمال كثيرة.

نقدّر ما نفعله لا مَن نكون، من ثم نسيء نحن بحد ذاتنا تقييم أنفسنا. عندما نضطلع بمهام عدة، نشعر بوجودنا ونثبت أهميتنا. ولكن إلامَ يعود هذا التفكير الخاطئ؟ إلى ذلك المجتمع المدمن على السرعة أم إلى فكرة أن الأفعال تحدد أهمية الإنسان؟ لا شك في أن كثرة مصادر المعلومات وتطور وسائل التواصل في الآونة الأخيرة أتاحا لنا عدداً من التفاعلات كانت مستحيلة سابقاً. لكننا عملنا تدريجياً على تبني هذه المهام، حتى صرنا نظن ألا خيار آخر أمامنا لإنجازها. وهكذا أخذنا رسائل قادمة من الخارج، مثل «ابذل جهداً» أو «أسرع»، وجعلنا منها معتقدات راسخة فينا تؤثر في سلوكنا. لكي نشعر بقيمة أنفسنا، لا بد من أن نرزح تحت جدول أعمال مكتظ.

لا نرى النهاية ولا الغاية. وسط هذه المعمعة، ما عدنا نركّز على الهدف الرئيس. فيما نركض خلف الوقت وفي الاتجاهات كافة، ما عدنا نعرف لمَ نتقدم. ما عاد أي أمر يرضينا لأننا لا نملك أي خاتمة. وعلى غرار فأر يركض على دولاب، ندور وندور. يوضح علماء النفس أن حالة الإجهاد هذه، التي نركض فيها باستمرار، تشكّل أيضاً مصدر متعة ورغبة. نسعى وراء التقدير. ولكن لما كان مسعانا هذا لا نهاية له، فننطلق مجدداً بحثاً عن الرضا.

ما الحل؟

حدّد أولوياتك:

كي تكسب الوقت، اعتمد أسلوب أيزنهاور. طوّر الرئيس الرابع والثلاثون للولايات المتحدة أداة فاعلة جداً في تحديد الأولويات. عليك أن تدرج المهام التي يجب إنجازها في خانتين: الأعمال المهمة والملحة التي يجب إنجازها الآن، وتلك المهمة وغير الملحة التي تستطيع التخطيط لها. وهكذا تتمكن من طلب مساعدة أحد في القيام بالأعمال المهمة وغير الملحة. أما الأعمال غير المهمة وغير الملحة فأرجئها إلى وقت لاحق.

استعد حريتك:

يقترح الخبراء أن نسعى إلى الخروج من حالة الإلحاح التي نعيشها. كي ننظر إلى المسائل بموضوعية، لنسأل أنفسنا: ماذا يحدث إن لم نقم بعمل ما؟ فضلاً عن ذلك، يجب أن نبذل قصارى جهدنا لنعيش في الحاضر من دون الانهماك بأشغالنا ولنخصص الوقت لنصغي إلى ما نعيشه: تفادَ مثلاً أن تتصفح الإنترنت وأنت تنتظر دورك في المتجر. صحيح أن المجتمع يؤثر في خيارنا، إلا أن الكلمة الأخيرة تعود لنا وحدنا.

كُن فخوراً بنفسك:

حاول ألا تتوقع الكثير من الخارج، بل قدّم لنفسك التقدير الذي تسعى خلفه. قف وقل لنفسك: «أنا سعيد وانتهى الأمر». لننمِّ في داخلنا الإحساس بالفخر والامتنان. ولا شك في أن هذه الخطوة تعزّز تقديرنا ما نقوم به، فضلاً عن أنها تحررنا من شعور عدم الرضا اللامتناهي.

ليلى (40 سنة، مدرسة): نظمت أهدافي

ظللت طوال خمس سنوات أقوم بعملين: التدريس والمساعدة في دار البلدية. نتيجة لذلك، وصلت ساعات عملي إلى 15 ساعة في اليوم كُنت أمضيها في حالة من العصبية والإثارة الدائمتين. لم أستطع التوقف. تحوّل هذا الوضع إلى ما يشبه المخدّر. لكن جسمي سرعان ما استسلم بفعل الإجهاد والتعب. وقعت ضحية المرض، وما عدت أستطيع العمل. ومع هذا التوقف المفاجئ، نجحت في إعادة تنظيم أهدافي وأولوياتي: عائلتي، حبي للتعليم، خصوصاً صحتي».

back to top