«كنسينغتون»... اكتشف وسط لندن الملكي!

نشر في 29-04-2017
آخر تحديث 29-04-2017 | 00:05
إذا كانت مريلبون قرية لندن المُدنية النموذجية وبلومزبري مركزها الثقافي، تُعتبر كنسينغتون نواة لندن الملكية، فيقصدها كثيرون لأنها مقاطعة كنسينغتون الملكية.
وقد اكتسبت هذه المنطقة الراقية رابطاً ملكياً من نوع ما بُعيد غزو النورمان إنكلترا عام 1066. ومنذ ذلك الحين، ترك الملوك المتعاقبون، خصوصاً الملكة فيكتوريا والأمير ألبرت، بصمتهم على تلك المنطقة.
لعل الرمز الملكي الأكثر بروزاً فيها قصر كنسينغتون، الذي أصبح اليوم مقر الأمير وليام ودوقة كامبريدج. يجذب هذا القصر، الذي يقع عند الطرف الغربي من حدائق كنسينغتون، السياح، فيزورون مساحاته المفتوحة للعموم وحدائقه المغمورة الرسمية قبل التوجّه إلى بستان برتقال داخل غرفة من زجاج بغية تناول الشاي بعد الظهر.

إذا كنت تخطّط لزيارة القصر هذه السنة، يمكنك أيضاً زيارة معرض خاص بعنوان «ديانا، قصتها مع الموضة». يتتبع هذا المعرض تطوّر أسلوب ملابس أميرة ويلز الراحلة ويشمل بعض أثوابها المميزة (من بينها ثوب مخملي أزرق أنيق ارتدته خلال زيارة إلى البيت الأبيض).

لكن القصر ليس إلا واحداً من مصادر جذب كثيرة في هذا المنتزه، الذي تبلغ مساحته 107 هكتارات تقريباً، علماً بأن لندن تحتوي على ثمانية منتزهات ملكية. يضم هذا المنتزه أيضاً «الملعب التذكاري» الذي أُنشئ تكريماً لذكرى ديانا، ونافورة بيتر بان، ونصب ألبرت التذكاري، وصالة سيربنتين التي شكلت في الماضي جناحاً لتناول الشاي، إلا أنها تحوّلت اليوم إلى معرض للفن المعاصر.

في الجهة المقابلة لحدائق كنسينغتون، نعثر على ما يعتبره كثيرون أعظم مركز حفلات في العالم: صالة ألبرت الملكية. يمتاز تصميم هذه الصالة الخارجي المذهل بإفريز من الفسيفساء يصف «انتصار الفنون والعلوم». أما تصميمها الداخلي، الذي يضمّ أكثر من 5 آلاف مقعد ويتزيّن بعدد كبير من الأوراق والزينة الذهبية ما يجعل فورت نوكس يشعر بالخجل، فعليك أن تزوره لتصدّق ما تراه عيناك.

قصدتُ صالة ألبرت للمشاركة في أحد عروض الأفلام الكلاسيكية الدورية. يُعرض الفيلم على شاشة عملاقة تُعلّق فوق المسرح. استمتعتُ في هذا العرض بمشاهدة Titanic Live، الذي اختير لمرور 20 سنة على صدور هذا الفيلم الضخم. وخلال العروض، تتولى الأوركسترا الفيلهارمونية الملكية أداء موسيقى الأفلام مباشرة.

أُقيمت عروض مماثلة لأفلام هاري بوتر، وJurassic Park،

وJaws الذي جعل المشاهدين على الأرجح يتكوّرون في مقاعدهم.

مركز المتاحف

إن كان من مصدر جذب أكثر شعبية من القصر، فهو ثلاثي المتاحف الذي يشغل منطقة كنسينغتون الجنوبية ويقع في ما يُدعى «جادة المتاحف» (Museum Mile).

يُعتبر متحف فيكتوريا وألبرت أكبر متحف في العالم مخصص للفن الزخرفي مع مجموعة دائمة تضمّ نحو 5 ملايين قطعة. يُضاف إليه متحف «الآليين» الحالي الذي يتتبّع تاريخ الكائنات المعدنية البراقة حتى 500 سنة مضت (مَن كان يعلم أن الآليين كانوا موجودين في القرون الوسطى؟) ومتحف التاريخ الطبيعي الذي يقدّم شتى المعروضات من الفراشات إلى الديناصورات ومن الأرصفة المرجانية المهددة إلى النمور الهندية المعرضة للانقراض.

يضمّ متحف التاريخ الوطني، الذي يقع داخل مبنى ضخم مستوحى من الطراز القوطي، نحو 80 مليون قطعة موزعة على خمس مجموعات رئيسة: علم النبات، وعلم الحيوان، وعلم الإحاثة، وعلم المعادن، وعلم الحشرات. هذا المعرض بالغ التميّز، ويستحق بالتأكيد الانتظار طويلاً في الصف، خصوصاً أيام الآحاد.

بطرقاتها الجميلة المرصوفة بالحجارة وجواهرها المخبأة، تُعتبر كنسينغتون إحدى أجمل مناطق لندن. تتفرّع من شارع كنسينغتون الرئيس مداخل سرية تقودك إلى جواهر جميلة مخبأة: حديقة خاصة هنا وحانة مذهلة هناك. وتبقى أفضل طريقة لاستكشاف هذه الجواهر المشاركة في إحدى النزهات التي تنظمها وكالة London Walks في كنسينغتون.

أما إذا كنت تبحث عن فندق وسط هذه المنطقة المفعمة بالحياة، فاحجز غرفة في فندق «كنسينغتون» العائد إلى مجموعة «دويل»، التي تتخذ من دبلن مقراً لها، إلا أنها تملك أيضاً فنادق في بلومزبري ومريلبون.

يقع الفندق في منطقة Queen’s Gate، لذا من السهل التنقل منه سيراً على الأقدام إلى معظم مصادر الجذب في جنوب كنسينغتون. فضلاً عن ذلك، يمتاز بطابعه الفائق الأناقة الذي يذكّر بالمنازل اللندنية الخاصة الفاخرة، أو بالأحرى أربعة منها متصلة معاً.

صحيح أن الخدمات التي يقدّمها الفندق لا تقل عن طابعه تميزاً ورفاهية، إلا أن مساحاته العامة الهادئة تشجّع الضيوف على إطالة الجلوس أثناء تناول القهوة أو الشاي ومطالعة الصحيفة. أما مطعم Town House في هذا الفندق، فيتألف من ثلاث غرف رسم متداخلة تضمّ مواقد، ويقدّم قائمة متخصصة في الأطباق البريطانية والقارية.

من الضروري ألا تفوّت الاستمتاع بكوب شاي في غرفة الرسم. إلا أنك ستواجه خيبة أمل بسيطة: من المؤسف أن شاي «الجميلة والوحش»، الذي صُمم ليرافق صدور فيلم الحركة المميز هذا، بيع بالكامل في نوفمبر.

ولكن لا تهلع. يساعدك مارتن كوب، حارس مساعد في فندق كنسينغتون، في وضع خطط بديلة.

إليك لائحة بنشاطات يعتبرها مارتن من كنسينغتون ضرورية:

المتاحف: على غرار معظم المتاحف في لندن، تسمح متاحف فيكتوريا وألبرت، والعلوم، والتاريخ الطبيعي للزوار بالدخول مجاناً، ولا تفرض رسم دخول إلا على المعارض الخاصة.

المنتزهات: تبلغ مساحة حدائق كنسينغتون ومنتزه هايد بارك المجاور لها 252 هتكاراً، علماً بأن هذه المساحة تفوق مساحة إمارة موناكو. وتتراوح النشاطات التي يقدمانها بين ركوب الخيل في Rotten Row (هايد بارك) والتنزه بالمركب في سيربنتين (بحيرة للتنزه مساحتها 16 هكتاراً تشكّل الحد الفاصل بين المنتزهين).

التبضع في متجرَي «هارود» و«هارفي نيكولز» العريقين.

أهم أسرار كنسينغتون

عندما تلتف يساراً من طريق كنسينغتون الرئيس إلى شارع ديري، تصل إلى مبنى ديري البسيط، هو بسيط باستثناء ما يحمله على ارتفاع 30 متراً فوق الشارع: إحدى أجمل حدائق لندن. تبلغ مساحة حدائق كنسينغتون على السطح، التي بدأ إنشاؤها في ثلاثينيات القرن الماضي، نحو نصف هكتار، وهي مقسّمة إلى ثلاثة أجزاء.

تتبع الحديقة الإسبانية تصميم حديقة في قصر الحمراء في غرناطة بإسبانيا، وتضمّ نوافير راقصة تفضي إلى برج أجراس يحمل فسيفساء أصلية. ويملأ حديقة تيودر عطر الخزامى والورد، فضلاً عن نباتات أخرى ساد انتشارها في إنكلترا خلال عهد أسرة تيودر. كذلك تمتاز هذه الحديقة بنبات الوستاريا المتدلي الذي يخفي وراءه أماكن سرية. أما حديقة وودلاند الإنكليزية، فتتزين بأزهار اللبن، والجريس، والزعفران، فضلاً عن بستان من أشجار إنكلترا، وجدول، وبركة حديقة يعيش فيها بط البلبول الشمالي وأربعة من طيور النحام الوردي المقيمة.

تعود ملكية هذه الحدائق إلى مؤسس مجموعة «فيرجين» السير ريتشارد برانسون. إلا أن الزوار يستطيعون التنزه فيها مجاناً، إلا إذا كانت تضمّ حفلة خاصة أو جلسة تصوير (من الطبيعي أن تشكّل خياراً ممتازاً تلجأ إليه المجلات لتزيين صفحاتها). يكفي أن تسأل مكتب الاستقبال في الطابق الأول. أما إذا لم تنجح في الدخول إلى هذه الحدائق، فتستطيع دوماً أن تحجز طاولة في مطعم «بابيلون» المطل على حديقة وودلاند.

إذا كنت تخطط لزيارة قصر كنسينغتون هذه السنة يمكنك زيارة معرض «ديانا، قصتها مع الموضة»
back to top