الأزمات العالقة تؤدي إلى تفكيك العراق

نشر في 28-04-2017
آخر تحديث 28-04-2017 | 00:12
 محمد واني لم يتوقف الصراع الطائفي والعرقي في العراق منذ سقوط النظام السابق لحظة واحدة، كل يوم يتصاعد أكثر ويستعر ويأخذ أبعاداً أخرى خطيرة، قد يؤدي في النهاية إلى التقسيم والتفكك، وحالة الفوضى السياسية التي يعيشها العراق الآن لا تحتاج إلى تصورات المحللين السياسيين ولا إلى توقعات المراقبين الاستراتيجيين وإلى إرهاصات المنجمين والمتنبئين ليخبرونا أن العراق مقبل على النهاية المحتومة، ليس لأن العراق مهيأ الآن أكثر من أي وقت مضى لهذا التغيير أو أنه يدخل في صميم المشروع التقسيمي للشرق الأوسط الكبير الذي بشرت به أميركا، بل لأن طبيعة الشعوب العراقية المتنافرة تتجه إلى مثل هذا المصير، فالعراق منذ تأسيسه بداية القرن الماضي يعاني أشد المعاناة من المشكلة القومية والطائفية، وظلت هذه المشكلة تتفاقم وتتوسع دون أن تقوم الحكومات العراقية المتعاقبة بوضع حلول ناجعة لها.

المشكلة لا تكمن في وجود الأزمة بحد ذاتها، فهي قابلة للحل في أي لحظة، ولكن المشكلة الكبيرة تكمن في الإصرار على عدم معالجتها والمضي قدما في وضع العراقيل أمام تقدمها في طريق الانفراج، فالحكومات العراقية المتعاقبة ومن ضمنها حكومة "حيدر العبادي" التي أسندت إليها إدارة البلاد لسبب واحد، وهو إصلاح ما أفسدته حكومة المالكي وإعادة مياه الشراكة الوطنية مع الأحزاب السنية والكردية إلى مجاريها الصحيحة، ولكنها لم تفعل شيئا وسار العبادي على نهج صاحبه ورئيسه في الحزب الحاكم، بل في عهده ازدادت الأزمات وتصاعد التوتر بين مكونات العراق الثلاثة الرئيسة (الشيعة والسنة والكرد)، وارتفعت حدة الصراع الطائفي والعرقي بصورة لم يشهد العراق لها مثيلاً من قبل، وخصوصا بعد ظهور هيئة الحشد الشعبي (وهي إطار يضم أكثر من أربعين ميليشيا شيعية كان لبعضها دور كبير في إشعال الحرب الأهلية عامي 2006 و2007) في الساحة السياسية والعسكرية، وأخذت تمارس دورها في توتير الأجواء وتعكير العلاقات بين الفرقاء السياسيين أكثر، وخصوصاً بعد أن تحولت إلى قوة رسمية وقانونية عبر تصويت البرلمان على قانونها، ونتيجة التصعيد السياسي الطائفي من قبل الأحزاب المنضوية في التحالف الوطني الحاكم ارتفعت دعوات الاستقلال والانفصال عن العراق لدى الكرد، وطالبت الأحزاب السنية المؤثرة بتشكيل إقليم خاص بهم مشابه لإقليم كردستان على ضوء المادة 119 الدستورية التي تجيز ذلك، هذه التطورات السياسية ما كانت لتحدث لو استجابت حكومة العبادي لمطالب أهم مكونين في العراق (الكرد والسنّة) اللذين يشكلان الجزء الأساسي في الكيان العراقي وفتحت صفحة جديدة معهما، واستجابت لمطالب الكرد من خلال المادة 140 الدستورية التي تعالج الأراضي الكردية التي استولت عليها الحكومات العراقية عن طريق التهجير والتعريب القمعي ومن ضمنها مدينة كركوك، ولكن إصرار العبادي على السير في اتجاه المالكي نفسه ورفض تلك المطالب القانونية المشروعة، دفع برئيس إقليم كردستان مسعود برزاني إلى الخروج عن صمته الطويل واتخاذ قرار حاسم بإجراء استفتاء هذا العام والانفصال عن العراق نهائيا ردا على "أفعال وقرارات الحكومة العراقية التي وقفت ضد المبادئ التي جاءت في الدستور، ووصل الأمر إلى الثأر وتعميق الطائفية والحصار ضد البيشمركة وتهديد إقليم كردستان، وبالنتيجة النهائية قطع قوت الشعب الكردستاني، وهو ما يفشل التوافق والفدرالية وأسس الشراكة" على حد قوله.

* كاتب عراقي

back to top