حفيد «ليبرالي» للصدر يدير حواراً صعباً حول مستقبل الموصل

نشر في 27-04-2017
آخر تحديث 27-04-2017 | 00:10
زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر
زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر
يستقبل كبار المسؤولين والساسة في العراق منذ أسبوع، وفداً يمثل قيادة تيار مقتدى الصدر يبحث خصوصاً مستقبل الإدارة والسياسة لمرحلة ما بعد تنظيم "داعش"، الذي يوشك أن يخسر أهم معاقله مع تقدم معركة الموصل.

ونجح هذا الوفد في ترميم شروخ عديدة، لا سيما مع أربيل التي عاشت بروداً واضحاً مع زعيم التيار طوال العامين الماضيين، وصخب احتجاجات بغداد واقتحام البرلمان وإعفاء الوزراء واستجواب المسؤولين.

لكن أبرز انطباع حققته هذه الجولات يتمثل في محاولة التيار الصدري "استعادة السياسة المسؤولة" بدلاً من التركيز المكثف على دعم التظاهرات الشعبية المندفعة والمستمرة منذ نحو عامين، ولذلك لجأ مقتدى الصدر إلى الدفع بوجه جديد شاب من عائلته عرف بابتعاده عن التشدد الديني والانحيازات الطائفية، وهو أحمد الصدر، طالب الدكتوراه في العلوم السياسية الذي لم يبلغ الثلاثين بعد، ليصبح رئيساً لوفد التيار الذي التقى أهم زعماء البلاد، وناقش معهم مستقبل الموصل والمدن السنية الأخرى في مرحلة ما بعد "داعش".

وأحمد هو ابن أخ مقتدى الصدر، وهو عملياً حفيد لثلاثة مراجع دينيين تعرضوا للقتل أو التغييب خلال العقود الأربعة الماضية، فجده لأبيه هو المرجع محمد الصدر الذي اغتاله صدام حسين في النجف عام 1999، وجده لأمه هو المرجع محمد باقر الصدر الذي أعدمه صدام أيضاً عام 1980، وجدته لأمه هي شقيقة الإمام (اللبناني الإيراني) موسى الصدر الذي اختفى في ليبيا ويرجح أنه اغتيل وهو ضيف على معمر القذافي عام 1987.

ولا يبدو أن أسرة الصدر قادرة على مغادرة هذه التراجيديا العائلية، إذ يتحدث مقتدى الصدر منذ نحو شهر عن "معلومات وتهديدات" بتصفيته جسدياً، حتى إنه قرأ وصيته أمام الآلاف من أتباعه خلال تظاهرة حاشدة في بغداد، ثم عيّن ابن أخيه على رأس أكثر من لجنة سياسية، ودفعه لقيادة جولات الحوار الأخيرة في بغداد وأربيل.

ويتوقع المراقبون أن "الصدر الشاب" المعروف بنزوعه الليبرالي وانفتاحه على العلمانيين وابتعاده عن تجارب العنف والقتال الطائفي، يجري تأهيله ليصبح الزعيم السياسي للتيار، في حين قد يكتفي مقتدى بدور الزعيم الروحي ويكرس لسلطته العلمية والدينية، وأحد نتائج ذلك هو تخليص مقتدى الصدر من أشكال الحرج التي تقيد أحياناً مناوراته السياسية، كرجل دين مقيد بتاريخ خاص وأعباء الزعامة الروحية، في وقت يمكن للصدر الشاب أن يتنقل بين المدن والبلدان بحرية أكبر، ويسنده طاقم من أشد القيادات اعتدالاً في تياره، وهم الذين يتولون تأهيله سياسياً وفكرياً، وهو الموضوع الذي شغل وسائل الإعلام العراقية العربية والكردية طوال الأسبوع الماضي.

لكن الأوساط السياسية ترى أن مهمة الصدر الشاب في بناء تحول عقلاني ستكون سهلة، حتى لو أشرف مقتدى الصدر على انعطافة بطيئة، لأن القيادات التقليدية القريبة من الجناح العسكري (جيش المهدي المعروف سابقاً) ترتاب من مقولات "التجديد والانفتاح"، كما أن الجمهور الصدري، وهو يتشكل في العادة من الطبقات الفقيرة، لن يتقبل بسرعة وجود شاب يتحدث بصوت خافت ولغة هادئة وهو الذي تعود على خطابات نارية يلقيها مقتدى الصدر منذ سقوط صدام حسين عام 2003، لحشد جماهيره في أخطر الصراعات.

وتوجد أكثر من مبادرة شيعية للحوار مع السنة والأكراد بشأن مستقبل المناطق المحررة من "داعش"، وبات الصدر الشاب مسؤولاً عن تنفيذ مبادرة عمه بشأن الموصل، لاسيما وهي تنطوي على اعتراف جزئي بضرورة منح الموصليين صلاحيات أكبر لإدارة أنفسهم، وضمان عدم تكرار أخطاء الحكومة المركزية معهم، إضافة إلى منح الأمم المتحدة نوعاً من الإشراف على إعادة الاستقرار، لتقييد أي طرف آخر (بما في ذلك إيران) يطمح إلى بناء نفوذ في الموصل من شأنه خلق الاحتقان الطائفي والعرقي في محافظة نينوى التي تعد الأكثر تنوعاً في دياناتها ولغاتها.

back to top