منظور آخر: ستعلمك الحياة

نشر في 27-04-2017
آخر تحديث 27-04-2017 | 00:13
ستعلمك الحياة أنك حين تكون ناجحا الكل سيتفاخر بمعرفتك، لأن الناس تحب دوما التقرب من الناجحين، ولكن حين تمر بأزمة أو تتعرض لانتكاسة سينكر الكثيرون معرفتك، لا أحد يريد معرفة فاشل، لذا تيقن أن أصدقاء النجاح ليسوا سوى أصدقاء للنجاح وليس لك.
 أروى الوقيان صديقي القارئ كل ما هو قادم ليس سوى خلاصة تجربة شخصية قابلة للتغير مع التقدم في العمر، ولكن أشعر برغبة تجبرني على أن أسرد لك: ماذا ستعلمك الحياة، إن كانت تشبه حياتي على الأقل.

ستعلمك الحياة يا صديقي أن كلمة "إلى الأبد" جميلة جدا ولكنها قد لا تدوم، فهي تقال دوما عن تلك العلاقات القوية والصادقة آنذاك، ولكن ستتعلم أن "إلى الأبد" مجرد تعبير مجازي عن شعور لحظي، وستعلمك الحياة أن للابتلاء سواء بالصحة أو العلاقات أو العمل جانبا مشرقا؛ لأنه يكشف سريعا معدن وحقيقة الأوفياء ومن هم مدعو الوفاء فقط.

وستصدم حين لا تجد أحداً في أشد الأوقات التي احتجت فيها إلى شخص مقرب، وأن من يقف بجانبك هو شخص ما قد أهملته في حياتك ولكنه لم يهملك يوما، وستعلمك الحياة أنك ستحب بعض الأشخاص أكثر مما يحبونك، وسيحبك أشخاص أكثر مما تحبهم، ولن تجد وجه العدالة بالفرص والحب أحيانا، ولكن قد تكون تلك هي قمة العدالة دون أن تشعر.

وستعلمك الحياة يا صديقي أن تكون حذرا حين تقطع الوعود، لأننا في الحياة لن نستطع أن نفي بجميع الوعود التي قطعناها، وذلك لأن التغير هو سنة الحياة وحتى إن لم نكن نتمنى ذلك.

ستعلمك الحياة أنك حين تكون ناجحا الكل سيتفاخر بمعرفتك، لأن الناس تحب دوما التقرب من الناجحين، ولكن حين تمر بأزمة أو تتعرض لانتكاسة سينكر الكثيرون معرفتك، لا أحد يريد معرفة فاشل، لذا تيقن أن أصدقاء النجاح ليسوا سوى أصدقاء للنجاح وليس لك.

ستعلمك الحياة، ولو بعد حين، أنك لم تكن دوما الضحية، وتلك السنوات التي قضيتها تنتحب ضيّعتها من عمرك، وأنت من أردت أن تكون ضحية، ومن الغباء أن تستمر في العيش تحت خلجات ثوب الضحية، اخلعه الآن لأنه لا يليق بك، ويجعلك قبيحا بشكل لا يطاق.

ستعلمك الحياة من خلال أقسى التجارب أن من حقك أن تكون أنانيا بشكل منطقي أحيانا، فالكثير من العطاء للغير هو ذلك الذي قد يؤدي بك إلى التهلكة، والذي لم يكن يستحق أن تهدر صحتك وراحتك لأجله، أحبب وأعطِ وقم بالخير كثيرا ولكن ليس على حساب نفسك، حين تجعل من نفسك أولوية ستكون في موضع قوة، موضع يجعلك قادرا أكثر على العطاء لا العكس.

ستعلمك الحياة أن بعض الأصدقاء سيكونون دوما في حياتك، لن تغيرهم الأيام ولا ظروف الحياة، وستعلمك أيضا أن أعز أصدقائك وأقربهم لك في حقبة معينة هم أصدقاء هذه الحقبة فقط، وسيكونون مجرد صورة جميلة في "برواز" حياتك، تذكرها بحب ولا تجعل تلك الحقيقة تزعجك، وادعُ لهم بظهر الغيب.

ستعلمك الحياة أن كل شيء قابل للزوال، فكن مستعداً دوما لحياة جديدة، وبشر جديدين قد يدخلون إلى حياتك مصادفة، وستعلم أن أغلب المصادفات هي من تصنع أجمل تجارب حياتك، لا تقفل الباب واجعله مواربا، فأنت لا تعلم من قد يصنع لك التغيير.

أهم درس يجب فعلا أن تتعلمه وتحرص أن تذاكره بشكل يومي إلى أن تقنع عقلك الباطن به هو ألا تتوقع الكثير من الآخرين، لا سيما أولئك الذين أحسنت لهم طوعا، وإن لم يمتنوا لك فلا تنتظر امتنانهم، واعتبر كل عطاء قمت به هباء منثورا، لا تنتظر منه سوى الأجر من رب العباد لا العباد أنفسهم.

قفلة:

لك الحق في أن تحب وتختلف فيما أكتب، ولكن هل ستكرهني إن اختلفت تجربتي عن تجربتك؟ من المفترض لا، غالبا أولئك الكارهون ليسوا متصالحين مع ذواتهم، وإن صادفت هذه النوعية من البشر في حياتك فأنصحك بالبحث عن مخرج الإنقاذ منهم لأنهم سيلتهمونك كنار مستعرة، ولن يرتاحوا إلا حين تتحول إلى رماد.

back to top