السمك... ألا يزال تناوله آمناً؟

نشر في 27-04-2017
آخر تحديث 27-04-2017 | 00:08
No Image Caption
رغم تلوث المحيطات، يمكن الاستفادة من منافع الأسماك عبر تقليص المخاطر المطروحة والقيام بخيارات صائبة. في ما يلي نظرة إلى أبرز المخاطر، لا سيما الزئبق، وإلى الفوائد الغذائية التي نجنيها من تناول السمك.
منذ بضع سنوات تزداد المخاوف بشأن أكل السمك لأن بعض الأصناف قد تحتوي في قشرتها على جرعات متفاوتة من الملوثات الموجودة في البيئة المائية مثل المعادن الثقيلة وعناصر الديوكسين وثنائي الفينيل متعدد الكلور. قد تنعكس هذه الملوثات سلباً على الصحة عند التعرّض لنسبة مفرطة منها.

الزئبق

ينتشر هذا المعدن في الطبيعة عن طريق المخلفات الصناعية (أعمال المناجم، صناعة المعادن، تحويل الطلاء إلى ورق، إحراق النفايات والمواد الأحفورية...). غداة التحولات الكيماوية، يصبح الزئبق ساماً ويسهل أن يمتصّه الجسم. يمكن أن تتراكم كمية كبيرة منه في الكائنات البحرية وتميل نسبته إلى الارتفاع ضمن السلسلة الغذائية.

حين يُستهلَك الزئبق بجرعة مرتفعة، قد يضرّ بالجهاز العصبي ويسبب اضطرابات سلوكية بسيطة أو يؤخر نمو الأطفال الذين يتعرضون له داخل رحم أمهاتهم أو بعد ولادتهم رغم غياب مؤشرات التسمم لدى الأم.

ثنائي الفينيل المتعدد الكلور

مُنِع استعمال هذه العناصر الكيماوية منذ عام 1987 لكنها لا تزال موجودة في البيئة نظراً إلى صعوبة تحلّلها. يمكن أن يذوب ثنائي الفينيل متعدد الكلور في الدهون، ما يعني أنه يتراكم في الأنسجة الدهنية. لذا تزداد كميته ضمن السلسلة الغذائية. بالنسبة إلى الراشدين، يشتق أكثر من 50% من ثنائي الفينيل متعدد الكلور الموجود في الأغذية من صيد الأسماك ويرتبط 20% منه باللحوم و20% بالحليب ومشتقاته.

ينعكس ثنائي الفينيل متعدد الكلور سلباً على الغدد الصماء ويسهل أن يؤثر هذا الاضطراب في الوضع الصحي العام فتتدهور مثلاً نوعية الحيوانات المنوية أو ينشأ سرطان مرتبط بعمل الهرمونات. وترتفع نسبة ثنائي الفينيل متعدد الكلور في أكبر الأسماك المفترسة، منها الأسماك الدهنية مثل السلمون والأنقليس والشبوط والسلور...

هل تتفوق المنافع على المخاطر؟

الديوكسين

تشتق هذه المنتجات بشكل أساسي من صناعة المعادن والورق وحرق المخلفات الصناعية والنفايات المنزلية. تتراكم كميات الديوكسين الموجودة في البيئة ضمن السلسلة الغذائية، لا سيما في فئة الدهون الحيوانية. وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية، يُعتبر الديوكسين ساماً جداً وقد يسبب مشاكل على مستوى الإنجاب ونمو الأولاد وقد يضرّ بجهاز المناعة ويؤثر في عمل الهرمونات، ويسبب بعض أشكال السرطان. تشمل الأسماك الدهنية أعلى نسبة من الديوكسين لأن السموم تميل إلى التراكم في النسيج الدهني ويمكن إيجاد هذا العنصر أيضاً في بعض الأسماك التي تشتد فيها ظاهرة التراكم الحيوي مثل الأنقليس والشبوط.

الأسماك جزء من الأغذية المفيدة للصحة نظراً إلى منافعها المتعددة، فهي تحتوي على كمية بروتينات مقاربة لتلك الموجودة في اللحوم، لكنها لا تشمل دهوناً مشبعة بقدرها. تحتوي الأسماك الدهنية (سلمون، ساردين، رنكة، ماكريل، سلمون مرقّط ومدخّن...) على دهون غير مشبعة مثل الأوميغا 3. تحمي هذه الأصناف من أمراض القلب والأوعية الدموية وتُسيل الدم وتنظم إيقاع القلب وتحسّن وظيفة النظر (عبر الحماية من التنكس البقعي المرتبط بالسن) والدماغ (عبر إبطاء شيخوخته). كذلك تبرز منافع أخرى بفضل الكميات التي تحتوي عليها من الفسفور والزنك والسيلينيوم والفلور والكالسيوم والنحاس والفيتامينات A وD وE وB...

لا موانع استعمال

وفق الوكالة الوطنية لسلامة الغذاء والبيئة والعمل، لا يطرح استهلاك السمك أي مخاطر صحية بسبب ميثيل الزئبق لأن نسبة تعرّض الناس لهذا العنصر تبقى أقل من الجرعة اليومية المقبولة التي حددتها منظمة الصحة العالمية. لذا لا سبب يجعلنا نحذف الأسماك من نظامنا الغذائي! لكن توصي الوكالة في الوقت نفسه بتناول السمك مرتين أسبوعياً، على أن تشمل إحدى الوجبات نوعاً من الأسماك الدهنية تزامناً مع تنويع الأصناف المنتقاة. لكن كتدبير وقائي، من الأفضل أن تتجنب المرأة في فترتي الحمل والرضاعة والأطفال قبل عمر السنتين ونصف أكثر الأسماك تلوثاً.

أفضل أشكال السمك

تبدو الأسماك الطازجة صحية وطبيعية أكثر من غيرها، لكن لا يستطيع المستهلكون التخلي نهائياً عن الأسماك المجمّدة والمعلّبة والمقلية والخلطات الجاهزة... لكن كيف نختار أفضل المنتجات؟

أسماك أليفة أم برية؟

يصعب اتخاذ قرار حاسم في هذا المجال مع أن الجهات الصحية تميل إلى تفضيل الأسماك البرية. يجب أن نأخذ بالاعتبار المخزون البحري الذي بدأ يتضاءل والأجناس التي باتت مهددة. لذا يحتلّ الصيد المستدام وتربية الأسماك أهمية كبرى ويُفترض أن تساهم هذه الطرائق في تلبية الحاجات المتزايدة.

من الناحية الغذائية، تكون نوعية هذه الأسماك متقاربة في أطباقنا. وفيما تحتوي الأنواع الأليفة على نسبة إضافية من الدهون، تبقى كمية الأوميغا 3 مشابهة تقريباً.

السوريمي ليس مجرّد سمك

السوريمي عبارة عن عجينة من السمك المطحون المصنوع بشكل أساسي من السمك طبعاً، لكنه لا يستعمل الشرائح المسحّبة بل يشمل لحم السمك وقشرته وأعضاءه الداخلية المخفوقة وتُضاف إلى الخلطة مواد عطرية ونشا وسكر وزيت ومضافات أخرى مثل غلوتامات الصوديوم. باختصار، يتمتع هذا الغذاء بخصائص متفاوتة بحسب الماركة التي نختارها وتكون فيه البروتينات غير كافية ويحتوي على السكر. لذا يصعب اعتباره صنفاً من الأسماك.

أسماك طازجة أم مجمّدة أم معلّبة؟

تتمتع الأسماك الطازجة بمزايا عدة، وتحديداً في ما يخص مذاقها، لكن يجب تناولها في أسرع وقت ممكن.

لا تخسر الأسماك المجمدة من جهتها مغذيات كثيرة وتحافظ على أحماضها الدهنية رغم تراجعها بنسبة معينة مع مرور الوقت.

أما الأسماك المعلّبة، فتُعتبر عملية وغير مكلفة. من الناحية الغذائية، تتراجع كمية الأوميغا 3 فيها بسبب العلاج الحراري. لكن تبقى كمية الفيتامينات والمعادن ثابتة (حديد، زنك، يود، كالسيوم...).

يُشار إلى أن الأوميغا 3 الموجودة في الأسماك تنتقل إلى زيت المعلبات ولن نستفيد منها إذا رمينا ذلك الزيت. تحتوي التونة البيضاء تحديداً على كمية أوميغا 3 أكثر من تونة الزعنفة الصفراء بثلاثة أضعاف، لكنها تشمل كمية زئبق أكثر منها بخمس إلى ثماني مرات. لذا من الأفضل تنويع المعلبات (ساردين، ماكريل، تونة).

السمك المقلي والأطباق الجاهزة

تحتوي هذه الأصناف عموماً على نسبة ضئيلة من البروتينات (أقل من %10) ونسبة مفرطة من الدهون السيئة، وقد يضاف إليها فائض من السكر أو الملح. كلما كانت لائحة المقادير قصيرة، يُعتبر المنتج أفضل من الناحية الغذائية ويُفترض أن يكون السمك أول عنصر على تلك اللائحة.

الأسماك تحتوي على بروتينات مقاربة للموجودة في اللحوم ولكنها لا تشمل دهوناً مشبعة بقدرها
back to top