ماذا إذا فازت لوبن؟!

نشر في 21-04-2017
آخر تحديث 21-04-2017 | 00:23
 صالح القلاب ليس الفرنسيون، وحدهم فقط، الذين ينتظرون، على أحر من الجمر، نتائج الانتخابات الرئاسية، فالأوروبيون، مثلهم مثل اليسار الفرنسي ومثل "الليبراليين" الفرنسيين والجالية الإسلامية والعربية، هم بدورهم يضعون أيديهم على قلوبهم وتساورهم مخاوف فعلية من أن الفوز في هذه الانتخابات، سيكون إلى جانب هذه اليمينية المتطرفة مارين لوبن... لماذا؟ لأنها إذا أوفت بوعودها ستلحق فرنسا ببريطانيا في الخروج من الاتحاد الأوروبي، ولأنها اتخذت، مبكراً، من المسلمين والعرب و"الغرباء" مواقف عدائية، ولأن لديها نزعات "عنصرية" واضحة، إن هي أصبحت في موقع المسؤولية وطبقتها فعلاً، فإن فرنسا قد تسير على الطريق الذي سارت ألمانيا عليه في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، وكانت النتيجة تلك الكوارث التي حلت بأوروبا والعالم كله!

لقد قالت لوبن بعد عودتها من موسكو: "إن بوتين يمثل رؤية جديدة... لقد ظهر عالم جديد خلال السنوات القليلة الماضية هو عالم فلاديمير بوتين". وهنا، وإذا كان صحيحاً أن التواجد الروسي في هذه الانتخابات، أي الانتخابات الفرنسية، غير مسبوق، وأنه واضح وملموس؛ فإن فوز هذه المرشحة اليمينية سيعني أول ما يعني تحالفاً مع روسيا الاتحادية، مما سيشكل خللاً في المعادلة ستترتب عليها تحولات كثيرة قد تؤدي بالنتيجة إلى حروب طاحنة.

وبالطبع، وخلافاً لكل هذه الاستنتاجات والتوقعات السوداوية، فإن هناك من يقول إن "حديث السرايا يختلف عن حديث القرايا"، وإن ما يقال خلال المعارك الانتخابية لدغدغة عواطف البسطاء ولاجتذاب فئات معينة من الناخبين، ليس بالضرورة الأخذ به، بعد الوصول إلى موقع المسؤولية، وبخاصة إذا كان كرسي الرئاسة... و"كلام الليل يمحوه النهار".

والمؤكد أن لوبن، إن هي حالفها الحظ وفازت فعلاً برئاسة دولة بكل هذا الحجم، وبكل هذه التركيبة المعقدة المتداخلة، وهذه العلاقات الدولية، فإنها ستستدير استدارة كاملة، و"ستلحس" ما قالته وما وعدت به، وستتخلى عن كل أحلامها وتتحول إلى أقصى درجات "الواقعية".

إن أهم ما يريده بوتين من مارين لوبن، إن هي فازت في هذه الانتخابات التي ستكون، في الحالات كلها، مفصلاً تاريخياً وستأخذ هذا البلد إلى مسارٍ جديد غير مسارها السابق منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، هو: إخراج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، وبالتالي هو تدمير هذا الاتحاد لتعود أوروبا إلى ما كانت عليه في السنوات السابقة، ولتستعيد روسيا الاتحادية نفوذ الاتحاد السوفياتي في أوروبا الشرقية، وتعزل ألمانيا التي سيسهل الاستفراد بها، إنْ هي بقيت في الميدان وحدها بعد خروج الفرنسيين والبريطانيين من هذا الإطار الأوروبي الذي تواصل العمل من أجل إيصاله إلى الوضعية التي وصل إليها قرابة ستين عاماً!

ربما يكون كل هذا الذي يقال عن فرنسا ومصيرها ومستقبلها، إن فازت مارين لوبن في هذه الانتخابات، هو مجرد افتراضات ستنقلب إلى ضدها، عندما يقف الناخب الفرنسي مع نفسه ومع "مزاجه" أمام صندوق الاقتراع... وهكذا فإنه حتى الأكثر تشاؤماً في فرنسا لا يعتقدون أن الفوز سيكون حليف هذه المرشحة اليمينية.

back to top