أحلامنا... أي مناطق في الدماغ مسؤولة عنها؟

نشر في 19-04-2017
آخر تحديث 19-04-2017 | 00:03
No Image Caption
في دراسة لها انعكاسات بالغة الأهمية على فهمنا هدف الأحلام والوعي بحدّ ذاته، حدّد علماء مناطقَ في الدماغ ترتبط بالأحلام. علاوة على ذلك، تبيّن أن تبدّلات في نشاط الدماغ تقدّم إشارات إلى ما يدور حوله الحلم. «الغارديان» سلطت الضوء على الموضوع.
لطالما اعتقد العلماء أن الحلم يحدث خلال نوم حركة العين السريعة، وهي مرحلة من النوم تشمل نشاطاً سريعاً في الدماغ شبيهاً بما نختبره أثناء اليقظة. ولكن تشير تقارير عدة إلى حدوث الأحلام أيضاً خلال نوم حركة العين غير السريعة، ما أوقع العلماء في حيرة حيال ما يميّز الأحلام.

تذكر فرانشيسكا سيكلاري، باحثة من جامعة ويسكونسن-ماديسون في الولايات المتحدة شاركت في الدراسة: «من المحيّر أن تحظى بالأحلام وغياب الأحلام على حد سواء في هذين النوعين المختلفين من المراحل».

لكن هذه الحيرة تبدّدت أخيراً على ما يبدو. علاوة على ذلك، اكتشف الفريق أن رؤية أحلام عن وجوه تزيد النشاط العالي الوتيرة في منطقة من الدماغ تُعنى بتمييز الوجوه. وعلى نحو مماثل، ارتبطت الأحلام التي تدور حول الإدراك المكاني، أو الحركة، أو التفكير بمناطق في الدماغ تتولى هذه المهام خلال اليقظة.

توضح سيكلاري: «يشكّل هذا الاكتشاف دليلاً على أن الحلم تجربة تحدث فعلاً أثناء النوم لأن باحثين كثراً كانوا يصرّون حتى اليوم على أنه أمر نختلقه عندما نستيقظ. قد يكون الدماغ الحالم والدماغ المستيقظ أكثر تشابهاً مما نظن لأنهما ينشّطان جزئياً المناطق عينها لأنواع التجارب ذاتها».

اكتشاف مهم

أكّد الخبراء أهمية هذا البحث، قائلين إنه يساهم في حل معضلة أهداف الأحلام وحتى طبيعة الوعي البشري. يذكر مارك بلاغروف، مدير مختبر النوم في جامعة سوانسي لم يشارك في الدراسة: «تتخطى أهمية هذا العمل ما كُتب في التقرير بأشواط. يضاهي الاكتشاف اكتشاف نوم حركة العين السريعة، حتى إنه أكثر منه أهمية في بعض المجالات».

كشفت سيكلاري وزملاؤها من الولايات المتحدة، وسويسرا، وإيطاليا في مقالهم في مجلة Nature Neuroscience كيفية إجرائهم سلسلة تجارب ضمت 46 مشاركاً سُجل نشاط دماغ كل منهم أثناء النوم بواسطة جهاز تخطيط موجات الدماغ (تقنية غير غازية تشمل وضع نحو 25 قطباً على فروة الرأس والوجه بغية مراقبة عدد موجات الدماغ وحجمها بسرعات مختلفة).

صحيح أن التجارب تناولت أوجهاً مختلفة من الأحجية، إلا أنها شملت جميعها إيقاظ المشاركين في مراحل مختلفة من الليل والطلب منهم تحديد ما إذا كانوا يحلمون. تخبر سيكلاري: «خلال التجارب كلها، أيقظنا المشاركين أكثر من ألف مرة».

إذا تبيّن أن المشاركين كانوا يحلمون، طلب منهم الباحثون أن يحددوا كم دام الحلم في رأيهم وما إذا كانوا يتذكّرون تفاصيل عنه. هل شمل وجوهاً، أو حركة، أو تفكيراً ما؟ أو هل كان تجربة حسية حيوية؟

كشف تحليل تسجيلات تخطيط موجات الدماغ أن الأحلام ترتبط بانخفاض في النشاط العالي الوتيرة في جزء في الجهة الخلفية من الدماغ دعاه الباحثون «المنطقة الساخنة القشرية الخلفية» (يشمل هذا الجزء مناطق بصرية وأخرى تؤدي دوراً في تكامل الحواس). ولم تختلف النتيجة في شتى الحالات، سواء تذكّر المشارك الحلم أو لا، وسواء حدث الأخير في نوم حركة العين السريعة أو غير السريعة.

تأمل الباحثون أيضاً التبدلات في النشاط العالي الوتيرة في الدماغ، فاكتشفوا أن الأحلام ترتبط بتنامي هذا النشاط في ما دعوه «المنطقة الساخنة» خلال نوم حركة العين غير السريعة. علاوة على ذلك، حدّد الفريق منطقةً في الدماغ يبدو أنها تؤدي دوراً مهماً في تذكّر محتوى الحلم، بعدما لاحظ أن عملية التذكُّر هذه ترتبط بارتفاع في النشاط العالي الوتيرة نحو الجهة الأمامية من الدماغ. كذلك ميّز الباحثون نمطاً مماثلاً من النشاط في المنطقة الساخنة وخارجها مع الأحلام التي حدثت خلال نوم حركة العين السريعة. وهكذا استخلصوا أن الأحلام ترتبط بالتبدلات ذاتها في نشاط الدماغ بغض النظر عن نوع النوم. في هذا المجال تؤكّد سيكلاري: «يمكنك فعلاً تحديد بصمة مميزة للدماغ الحالم».

طبيعة الوعي

استناداً إلى هذه الاكتشافات، أدرك الفريق أنه يستطيع توقّع ما إذا كان المشاركون يحلمون خلال نومهم. في تجربة شملت سبعة مشاركين، نجح الباحثون في توقّع حالة الحلم أو غيابه بنحو %87 من المرات.

بالإضافة إلى ذلك، يوضح الباحثون أن الدراسة تساهم أيضاً في تسليط الضوء على طبيعة الوعي، كاشفةً عما يحدث في الدماغ خلال النوم عندما ننتقل من حالة اللاوعي إلى خوض تجربة واعية. ولا شك في أن لهذا الاكتشاف أهمية كبيرة، وفق الباحثين، نظراً إلى كثرة العوامل المعقدة المرتبطة بمقارنة اليقظة بحالة من اللاوعي.

تضيف سيكلاري أن هذه الاكتشافات شكلت مفاجأة. تقول: «كنا نعتقد أن توليد تجارب واعية يحتاج إلى تنشيطٍ محدّد ودقيق جداً للدماغ. كنا نظنّ حتى اليوم أن من الضروري تنشيط مناطق كبيرة من الدماغ بغية توليد تجارب واعية».

على نحو مماثل، يشدّد بلاغروف على أن تأثير الدراسة عميق، وأن فهم ما يسبب التبدل في نشاط «المنطقة الساخنة» ربما يكشف ما إذا كان للأحلام هدف، في معالجة الذكريات مثلاً. يتابع موضحاً: «تكشف تبدلات مماثلة في النشاط عملية معالجة إضافية. وربما يكون واقع أنك تحفّز هذا العالم جزءاً من عملية المعالجة الإضافية هذه»

تخطيط موجات الدماغ كشف أن الأحلام ترتبط بانخفاض في الجهة الخلفية من الدماغ
back to top