إليوت بوريت... تحرٍّ لا ينسى الوجوه!

نشر في 17-04-2017
آخر تحديث 17-04-2017 | 00:04
No Image Caption
لا ينسى التحري إليوت بوريت أي وجه يراه، لذا تستفيد الشرطة البريطانية من قدرته للقبض على المجرمين!
طوال سنوات، كان أوستن كاباليرو سارقاً يستهدف المتاجر الصغيرة الراقية في مناطق لندن الميسورة، فسرق جواهر وملابس لمصممين مرموقين تصل قيمتها إلى 100 ألف جنيه استرليني.

يعترف التحري إليوت بوريت ببراعة ذلك السارق: «كان يبدو رجلاً هادئاً ومرتّباً، فيدخل إلى المتجر ويتحدث إلى الموظفين، ثم يسرق ما يريده خلسةً حين يديرون ظهرهم». حتى أنهم ما كانوا يلاحظون أحياناً أنهم تعرّضوا للسرقة قبل مرور يومين أو ثلاثة أيام.

وحده بوريت تمكّن من التعرف إلى السارق كون هذا التحري يتمتّع بقدرة خارقة على تذكّر الوجوه حتى لو كانت نصف مكشوفة أو مبهمة.

بعد حملة بحث مكثّف، حُصرت صور المشبوهين غداة مشاهدة عشرات آلاف الصور، ولوحظ أن ارتكابات كاباليرو متكررة، فنجح التحري في تحديد مكانه، وحُكم على السارق بالسجن ثلاث سنوات وثلاثة أشهر.

يقول بوريت إن بعض صور كاباليرو تعود إلى عام 2012. كان يظنّ على الأرجح أن أحداً لن يتعرّف إليه. لكن تغيّر الوضع اليوم لأن المجرمين أصبحوا تحت المجهر منذ سنوات، وتُستعمل تقنية «الدوائر التلفزيونية المغلقة» لكشف هويتهم.

ظهرت «وحدة الرصد الخارقة» تزامناً مع الاضطرابات المدنية الحادة التي هزّت لندن صيف عام 2011. اتّضح حينها غياب أية طريقة منهجية للتعامل مع أعداد كبيرة من صور «الدوائر التلفزيونية المغلقة». لذا برزت الحاجة في المرحلة الأولى إلى إنشاء قاعدة بيانات محوسبة للصور بشرط أن ترتكز على معايير متنوعة كالانتماء العرقي والملابس وتسريحة الشعر.

قدرة خارقة

عندما بدأ استعمال قاعدة البيانات، اتّضح أن بعض الضباط يتمتع بقدرة خارقة على التعرف إلى الوجوه. بدوره، كان التحري بوريت يجهل أنه يتمتّع بموهبة خارقة، إلى أن اتصل به مدير الوحدة الخاصة وأخبره بأنه سيصبح جزءاً من لائحة التحريين الخارقين لديه. يقول في هذا الشأن: «لطالما كنت أجيد تذكّر الأسماء والوجوه، لكني لم أظن في صغري أنها موهبة لافتة. لكن من خلال العمل في «وحدة الرصد الخارقة»، أدركتُ أن الناس لا يرون الآخرين بالطريقة التي أراهم فيها أنا. في الماضي، كنت أنظر إلى صورتين وأستنتج أنهما تعودان إلى الشخص نفسه وأستغرب حين يشكك الآخرون في رأيي».

يتابع: «يمكن أن يتذكر أصحاب هذه الموهبة الخارقة وجوهاً شاهدوها منذ سنوات طويلة. يستطيع الشخص العادي أن يحفظ بين 20 و50% من الوجوه لكن يخبرنا الأكاديميون بأننا نستطيع أن نحفظ حتى 90% من الوجوه!».

يتمتع 1 أو 2% من الناس بهذه المهارة المميزة ولم يكتشف العلماء السبب حتى الآن. لكن يمكن اختبار هذه الموهبة بطريقة علمية، وجرى التأكد من وجودها لدى أعضاء «وحدة الرصد الخارقة» كلهم. منذ افتتاح هذه الوحدة في مايو 2015، تم التعرف إلى أكثر من 1800 شخص مشبوه، ما ساهم في إنهاء أكثر من 900 قضية.

قضايا ضخمة

يشارك بوريت وزملاؤه دوماً في قضايا ضخمة ويقدمون المساعدة لتحديد المجرمين المعروفين. كُلّف عشرة تحريين خارقين مثلاً بقضية أليس غروس الشهيرة، أي المراهِقة التي فُقدت في غرب لندن في أغسطس 2014 ثم وُجدت مقتولة. كان عملهم أساسياً لإيجاد جثتها التي أخفاها القاتل تحت جذوع شجر في أحد الأنهار.

برز دليل محوري على عودة القاتل لإخفاء الجثة كان أغفل عنه الضباط الذين شاهدوا صور الجريمة في المنطقة. نتيجةً لذلك، تجددت عملية البحث وعثر المفتشون على الجثة واتضحت معالم القضية بدءاً من تلك اللحظة.

في بداية عام 2016، قصد بوريت وزميل له مدينة «كولونيا» الألمانية لمساعدة الشرطة هناك على التحقيق بعدد متزايد من حوادث الاعتداءات الجنسية والسرقات. كانت المرة الأولى التي تقدم فيها الوحدة مساعدتها إلى جهة خارجية.

يعترف المسؤولون في الشرطة الألمانية ببراعة هؤلاء التحريين، وبدأوا يفكرون في إنشاء وحدة مماثلة لديهم. بعدما كانوا يطمحون إلى إيجاد حلول تكنولوجية، لاحظوا أن العقل البشري أكثر إثارة للاهتمام!

اشترى الجيش الأميركي حديثاً 500 «نظارة تجسّس» تسمح للمستخدم بمطابقة الوجوه مع قاعدة بيانات محوسبة في الوقت الحقيقي. يكون برنامج التعرّف إلى الوجوه مفيداً طبعاً وقد أصبح أساسياً في مجالات متعددة، لكن يثبت التحريون الخارقون أن العقل البشري لا يزال يتميز بقدرات مدهشة.

لا يستطيع برنامج التعرف إلى الوجوه أن يرصد الأشخاص بدقة في جميع الحالات بل يتطلب ظروفاً مثالية كي يعطي نتائج دقيقة. غالباً ما تتجه كاميرات «الدوائر التلفزيونية المغلقة» نحو الأسفل ويمكن أن تتغير الزوايا والإضاءة والدقة وتعابير الوجه لذا يبقى العنصر البشري بالغ الأهمية. وعلى عكس الآلات، لا يكف التحريون الخارقون عن العمل وينجحون في التعرف إلى المجرمين المطلوبين في اللحظات التي يرتكبون فيها الجرائم.

يتمتّع بقدرة خارقة على تذكّر الوجوه حتى لو كانت نصف مكشوفة أو مبهمة

يتمتع 1 أو 2% من الناس بهذه المهارة المميزة ولم يكتشف العلماء السبب بعد
back to top