استعراض القنابل... وأهلاً بالحرب الباردة!

نشر في 17-04-2017
آخر تحديث 17-04-2017 | 00:19
 صالح القلاب فوراً، وبمجرد إعلان الأميركيين عن "قنبلتهم" العملاقة التي قصفوا بها موقعاً تحت الأرض لـ"داعش" في أفغانستان، مما أدى إلى مقتل تسعين من هذا التنظيم الإرهابي، بادر الروس، ربما من قبيل "المناكفة"، إلى إعلان أن لديهم قنبلة قوتها أكبر أربع مرات من قوة القنبلة الأميركية، وهذا إنْ كان صحيحاً، وحتى إن كان مجرد استعراض للعضلات "الوهمية" فقط، فإنه يعني عودة "الحرب الباردة" التي بقيت محتدمة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى انهيار الاتحاد السوفياتي في بدايات تسعينيات القرن الماضي.

ولأن الأميركيين أطلقوا على قنبلتهم العملاقة، التي تغنَّى بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أساس أنها دلالة تفوق الولايات المتحدة عسكرياً، اسم "أم القنابل"، وقالوا إنها تزن أحد عشر طناً؛ فإن الروس بادروا إلى إعلان أن لديهم قنبلتهم الأسطورية التي أطلقوا عليها اسم "أبو القنابل"، وقالوا، من قبيل النكاية والاستفزاز والمماحكة، إن "أبو القنابل" أصغر حجماً من القنبلة الأميركية، ولكن قوتها أكبر أربع مرات من قوة "أم القنابل" هذه، وإنها تزن أربعة وأربعين طناً.

وحقيقة أن هذه "الملاسنة" التي لجأت إليها روسيا تدل على أن ما هو أكثر وأخطر من الحرب الباردة قادم بالتأكيد، إذا بقيت الأمور بين هاتين الدولتين العظميين تسير في هذا الاتجاه الذي تسير فيه الآن.

وبالطبع فإن هذه "الملاسنة"، التي تدل على أن كل ما قيل عن "تبريد" الأمور بين هاتين الدولتين العظميين، بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى موسكو، من الممكن أن يكون الروس قد لجأوا إليها تحت وطأة شعورهم بالخوف بعد مجيء دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وعلى غرار ما يفعله مسافر الصحراء ليلاً، الذي عندما يصبح فريسة لمخاوفه يبادر إلى "الحداء" بأعلى صوته لمواجهة "وجيب" قلبه، مع أن المفترض أنْ يلجأ إلى الصمت البهيم كي لا يستدرج بحدائه هوامّ الأرض من ضباع وذئاب وحيوانات مفترسة... ويستدرج أيضاً شذّاذ الآفاق والقتلة من أتباع الشنفرى الأزدي.

في كل الأحوال، وهذا هو ما يهمنا: هل تنشيط ترامب لحلف الأطلسي، الذي كان قال فيه خلال معركة الرئاسة الأميركية أكثر مما قاله مالك في الخمر، ودفع الأمور بالإعلان عن "أم القنابل" التي ردَّ عليها الروس بـ "أبو كل القنابل"، سيؤدي إلى عودة الحرب الباردة مجدداً؟ ثم هل الحرب الباردة هذه إن هي عادت بالفعل ستكون في مصلحة العرب والشعوب المستضعفة في العالم بأسره أمْ لا؟!

عندما كان هناك الاتحاد السوفياتي كانت القوتان العظميان تنشغلان بعضهما ببعض، إنْ بالحملات الإعلامية المتبادلة وإنْ بالتآمر والألاعيب المخابراتية، أو بالحروب الطاحنة، كما جرى في كوريا وفيتنام ودول أخرى كثيرة، لكن عندما انهار الاتحاد السوفياتي وانتهى حلف وارسو نهائياً وأصبحت هناك روسيا الاتحادية، تراجعت الحرب الباردة حتى حدود التلاشي، وهذا في الحقيقة دفع ثمنه العرب ومعهم كل الشعوب المستضعفة المهضومة الحقوق... على غرار ما جرى في سورية في عهد إدارة باراك أوباما، مما يعني أن الحرب الباردة، وأيضاً الحرب الساخنة هي في مصلحتنا، وفي مصلحة كل الشعوب المستضعفة هذه!

back to top