نقطة : يا حكومة تعالي...

نشر في 15-04-2017
آخر تحديث 15-04-2017 | 00:24
 فهد البسام في الانتخابات النيابية الأخيرة قام مؤيدو أحد المرشحين من أبناء إحدى القبائل الكريمة أثناء عرضتهم الحماسية بإنشاد قصيدة رائعة لا تخلو من الطرافة، وتحوي أعمق معاني التآزر والتضامن الذي تفتقده حكوماتنا المتعاقبة، حيث يقول مطلعها "يا حكومة تعالي واسحبي باقي جناسينا..."، وللأسف لم ينتبه أحد منكم ربما للرسالة الواضحة في مثل هذا الشطر الرائع، ومر عليكم مرور الكرام رغم وضوحه الباهر، لكني لن أدعه يفلت مني، فكيف أمرره ولي رأي سابق معلن أظنه يتماهى معه، كما أن هذه ليست المرة الأولى في تاريخنا العربي المتعلق كثيراً بالكلام يكون لبيت من الشعر دوره في حل أو خلق القضايا والأزمات السياسية، ولكم في بيت الشابي الشهير "إذا الشعب يوماً..." عبرة فهناك من يستخدمه كعلاج مُسكن للآلام، وهناك من يسيء استخدامه فيجعل منه جرعة زائدة تؤدي للانتحار، لذا فلا غرابة ولا عجب أنه قد يمكننا من وحي هذا الشطر الشعري النبطي السهل حل مشكلة الجنسية المعقدة جذرياً، ما سيؤدي بالضرورة الى الاستقرار والتهدئة وطمأنة الناس بأن الوثيقة سند المواطنة، والهوية المشتركة لن تكون محل تجاذب ومزايدات مرة أخرى بين الأطراف المختلفة والمتخلفة.

وبما أن الهدم وإعادة البناء أفضل وأقوى من الترميم والتصليح، وخلع الضرس التالف وزراعة البديل أنظف وأريح من كثرة التخدير والحلول الترقيعية، وحتى لا ينبذ أحدكم الآخر بأسبقية الوصول، ويعايره الآخر بجهة القدوم، ويتناسى كل منكم أنه بعد إقلاع الطائرة فإن جميع ركابها يصلون في نفس الوقت رغم اختلاف الدرجات، ولن ينفع أحد منهم موقع كرسيه أو أقدمية ركوبه أو عدد مرافقيه وحقائبه أو الأميال المحسوبة في رصيده إذا تعرضت لحادث أو خلل فني، لا سمح الله، من ثم قد يكون الحل الجذري المستوحى من شطر بيت القصيدة أعلاه قائماً حسب فهمي المتواضع على إسقاط الجنسية عن جميع المواطنين، ثم العمل على إعادة التجنيس مرة أخرى على "ميّه بيضه"، وفق معايير وشروط جديدة تناسب العصر وتوافق المرحلة وتستشرف المستقبل، ولا تكون الصدف المكانية والجينية أساسها الوحيد، فنطلب على سبيل المثال أن يتعهد طالب الجنسية بالتضحية والبذل في سبيل الوطن عند اللزوم، أو نشترط عليه مثلاً ألا تكون لديه أي خطوط رجعه، كي لا يكون هذا الوطن مجرد محطة مؤقتة، أو نطلب منه مثلاً تقديم ذمته المالية لهيئة الفساد قبل الحصول على الجنسية، لنعرف حقيقة من يريد البقاء حباً بالوطن أو حباً بمناقصات وآبار الوطن واستثماراته الخارجية، وأراهنكم بأنكم قد تحصلون عليها أنتم وأجيالكم القادمة بالتمرير قبل أن تتمكن الهيئة ذاتها من حل خلافاتها الداخلية، هذا وطالما دخلنا مرحلة تجديد بنود المواصفات والدماء فلا مانع من اشتراط وجود الكفاءة والخبرة والعلم النافع دون النظر لدين أو ملة أو قومية أو مصلحة انتخابية لما يحققه ذلك، بسبب تلاقح الأفكار والحضارات والتجارب واندماجها من تجديد وانفتاح وتطور وتحسين للنسل على المدى البعيد، كما أن هناك غير ذلك الكثير من الشروط والمواصفات التي يمكن التوافق عليها بين الجميع، بحيث تضمن العدالة والمساواة التي تكفل مستقبلاً أكثر أماناً واستقراراً للوطن والمواطن، لا نحتاج فيه للجنة تسترجع أمجاد ماضي لجان التجنيس لتعيد البحث والتحقيق بعد نصف قرن، ولا نسمع فيه مغبوناً يردد مرة أخرى مع رفاقه "يا حكومة تعالي واسحبي باقي جناسينا".

back to top