د. عمر الدوسري و«المسألة الاجتماعية في الكويت» (2)

نشر في 12-04-2017
آخر تحديث 12-04-2017 | 00:10
 خليل علي حيدر عرفت الكويت في النصف الأول من القرن العشرين تدهوراً حاداً في اقتصادها البحري، فقد ظهر اللؤلؤ المزروع منافسا حرفة استخراج الأصداف ومهنة الغوص وتجارة اللؤلؤ، وغزت السفن التجارية الكبرى النقل البحري، وغيرت الحربان العالميتان الأولى والثانية من أوضاع التجارة والمواصلات وغيرها، وأدى تغير الحياة الاجتماعية إلى تراجع استعمال اللؤلؤ الطبيعي، وتغير الذوق العام في استعمال المجوهرات للنساء، وعندما ظهر النفط بكميات تجارية كان الاقتصاد الكويتي جاهزا لبدء مرحلة جديدة مع بداية خمسينيات القرن العشرين.

يتحدث د. عمر أبا الخيل الدوسري عن الأسرة الحاكمة مشيراً إلى مراجع عديدة، فيؤكد أن الكويت "لم تخضع للحكم الاستبدادي المطلق، فدائماً نجد الحاكم يراعي آراء مواطنيه، وتتغير درجة تأثير سياسته بآراء وجهاء شعبه من وقت لآخر، ما عدا بعض فترات حكم الشيخ مبارك والشيخ أحمد الجابر، وظل الحكم إلى أيام الشيخ مبارك شورى بين الحاكم ووجهاء القوم".

ويضيف د. الدوسري أن الكويت منذ تأسيسها في القرن الثامن عشر "لم تعرف نظاماً إداريا منظماً، وكان حكام الكويت يديرون شؤون البلاد من قصورهم أو من ساحة البلدة، وكان حكم الفرد الواحد والمركزية سمتين رئيستين للنظام الكويتي، حيث اعتاد شيوخ الكويت أن يحكموا لوحدهم ويتجنبوا تفويض أي أحد غيرهم السلطة".

ويقول د. الدوسري مضيفاً: "واستمر هذا الخط البدائي للسلطة إلى أن تولى الشيخ أحمد الجابر الحكم عام 1921، في ذلك العام كان انتخاب الحكام يتوقف على شرط واحد وضعه وجهاء البلد، وهو وضع مجلس للشورى من الشعب يساعد الحاكم في إدارة البلد".

وربما شعر القارئ أن تحليل د. الدوسري لطبيعة الأسرة الحاكمة، وكذلك علاقة الأسرة بالتجار بحاجة إلى شيء من التوضيح في هذا الفصل، فهو يعرض آراء واقتباسات تظهر جوانب ديمقراطية أو شعبية في طبيعة الأسرة، ويعرض على النقيض اقتباسات أخرى تقول إن شيوخ الكويت اعتادوا "أن يحكموا لوحدهم، لهذا يعتبر هذا النظام نظاماً قبلياً وذا طبيعة بدائية"، ويقول مثلا إن الأسرة الحاكمة "أظهرت قدراً كبيراً من التسامح السياسي مع أهل الكويت"، في حين يقول اقتباس آخر وارد في الكتاب إن "حكام الكويت كانوا يديرون البلاد من قصورهم"، بما يفهم منه أنهم كانوا ينفردون بالرأي مهما قل نصيبه من موافقة الشعب، فما خلاصة الرأي في هذا التقييم؟

وعن التجار يؤكد د. الدوسري في فترة لاحقة أن الأسرة الحاكمة مع نهاية القرن التاسع عشر استغنت عن دورهم المالي تقريباً، مع بروز مصادر أخرى لدخل الأسرة وإدارة الدولة، تعتمد على أملاك الأسرة من نخيل الفاو بالعراق، وما كانت تدفعه بريطانيا إثر اتفاقية الحماية لعام 1899، فيقول ص54: "وبالنسبة للموارد الاقتصادية للأسرة الحاكمة، فكما هو معروف مع تولي الشيخ صباح الأول حكم الكويت نشأت مجموعة من العلاقات والاتفاقيات غير المكتوبة بين آل الصباح والتجار، بحيث يتولى الحاكم إدارة شؤون البلاد، ويتفرغ التجار للتجارة مقابل جزء يسير من دخل التجارة يقدم للحاكم، والنتيجة أن حقق التجار ثراء كبيراً على عكس آل الصباح الذين شغلتهم شؤون الحكم في ذلك الوقت عن العمل بالتجارة، ولكن ومنذ نهاية القرن التاسع عشر بدأ الموقف يتغير، حيث اقتربت وتوطدت علاقة الكويت بالإدارة العثمانية في العراق، ونتيجة لذلك امتلك آل الصباح حدائق النخيل في منطقة الفاو، والتي درت على آل الصباح دخلاً خاصاً بهم قلل من الاعتماد على المساهمات المالية التي يقدمها لهم التجار، وفي عهد الشيخ مبارك أصبح للحاكم دخل آخر من بريطانيا نتيجة اتفاقية الحماية البريطانية".

back to top