تجديد شباب الدم القديم ممكن!

نشر في 11-04-2017
آخر تحديث 11-04-2017 | 00:02
No Image Caption
ربما يسمح بروتين بتحسين خلايا الدم الجذعية ويدفعها إلى التصرف كالخلايا الموجودة في أجسام أشخاص أصغر سناً. هل سيكون ذلك البروتين محورياً لتفعيل قوة الدم الشاب؟
يتمتع دم الشباب بقدرات شفائية، بحسب الباحثين، لكن كيف يمكن استعماله من دون الاتكال على الواهبين؟ يشكّل اكتشاف بروتين يحافظ على شباب خلايا الدم الجذعية خطوة مفيدة في هذا المجال.

ظهرت فكرة تجديد الشباب عبر دم الشباب خلال تجارب ربطت بين فئران شابة وأخرى مسنّة كي تتقاسم نظام الدورة الدموية نفسه. نتيجةً لذلك، تحسنت صحة الفئران الأكبر سناً بينما تدهورت صحة الفئران الأصغر سناً. منذ ذلك الحين، أشارت دراسات أخرى جرت على الحيوانات إلى أن حَقْن دم شاب أو قديم يعطي آثاراً مشابهة.

يمكن تطبيق هذه الطريقة على البشر أيضاً. يخضع الدم الشاب للتجارب باعتباره علاجاً لحالات كالزهايمر ولوحظ أن الفئران المسنّة التي تُحقَن بدم مأخوذ من مراهقين تسجّل تحسناً على مستوى المعرفة والذاكرة ودرجة النشاطات الجسدية.

لكن تتكل هذه الدراسات على شبّاب يتبرعون بدمهم: إذا أصبحت هذه الطريقة العلاج المعتمد لاستهداف الأمراض المرتبطة بالسن، لن يسهل الحصول على تبرعات كافية لتلبية حجم الطلب.

الخلايا الجذعية

ربما تقدم الخلايا الجذعية الموجودة في دمنا مقاربة بديلة. تُصنَع خلايا الدم الحمراء والبيضاء من الخلايا الجذعية التي تشتق بدورها من خلايا جذعية «أصلية» تقع في النخاع العظمي. لكن مع التقدم في السن، يتراجع عدد تلك الخلايا الأصلية. لوحظ أن امرأةً من بين النساء اللواتي عِشْن لأطول فترة في العالم كانت تحمل خليتَين من هذا النوع في دمها حين ماتت عن عمر يناهز 115 عاماً.

بسبب تراجع الخلايا الجذعية الأصلية لدى البشر، تنخفض أعداد خلايا الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء التي تُسمّى الخلايا اللمفاوية البائية والتائية. قد يؤدي هذا الوضع إلى نشوء مشكلة فقر الدم وإضعاف جهاز المناعة. يقول هارتموت غيجر من جامعة «أولم» في ألمانيا: «في العادة، لا يكون جهاز المناعة لدى المسنين مستعداً لمحاربة الالتهابات بقوة».

حين حلّل فريق غيجر النخاع العظمي لدى الفئران، اكتشف أن الحيوانات الأكبر سناً تسجل مستويات أدنى بكثير من بروتين «أوستيوبونتين». للتأكد من أثر الأخير في خلايا الدم الجذعية، حقن الباحثون خلايا جذعية في الفئران التي كانت تفتقر إلى الأوستيوبونتين ولاحظوا أن الخلايا شاخت بسرعة.

لكن حين خُلِطت الخلايا الجذعية المسنّة في طبق مع الأوستيوبونتين وبروتين ينشّطه، بدأت تنتج خلايا دم بيضاء مثلما تفعل الخلايا الجذعية الشابة. تشير هذه النتيجة إلى قدرة الأوستيوبونتين على تجديد شباب الخلايا الجذعية. يقول غريجر: «إذا تمكنا من تحويل هذه النتيجة إلى علاج، سننجح في تجديد شباب الدم القديم».

تعتبر هنادي يوسف من جامعة «ستانفورد» في كاليفورنيا هذا الاستنتاج مثيراً للاهتمام. لكن لا بد من إجراء دراسات تمتدّ فترات أطول للتأكد من قدرة هذه المقاربة على تجديد شباب نظام الدورة الدموية كله.

حتى الآن، ركز معظم الجهود التي تستعمل الدم كعنصر لتجديد الشباب على البلازما، أي العنصر السائل، إذ يفترض البعض أنها تحمل عوامل مذوّبة تساهم في الحفاظ على الشباب. لكن يظنّ غيجر أن الخلايا الموجودة في الدم تؤدي دوراً محورياً لأنها تجيد اختراق أنسجة الجسم.

صحة القلب

من المتوقع أن تبرز أهمية العوامل القابلة للذوبان وخلايا الدم معاً، بحسب يوسف. صحيح أن حِقَن البلازما الشابة تجدد شباب الحيوانات الأكبر سناً، لكن لا يعطي العلاج أثراً قوياً بقدر ما يفعل حين تتقاسم الحيوانات الشابة والمسنّة نظام الدورة الدموية نفسه.

يعمل فريق غيجر على تطوير دواء يحتوي على الأوستيوبونتين والبروتين المُنَشّط لتشجيع خلايا الدم الجذعية على تجديد شبابها. يُفترض أن يقوي ذلك الدواء جهاز المناعة لدى المسنين، بحسب غيجر.

ربما يعطي هذا الدواء منافع تتجاوز محاربة الالتهابات وتخفيف فقر الدم. يظن فريق البحث أن البروتين سيحسّن أيضاً مستويات الخلايا الجذعية الأصلية. برز رابط بين تراجع أعداد تلك الخلايا وأمراض القلب، لذا يتحدث غيجر عن احتمال تجنب تلك الأمراض من خلال تقوية الخلايا.

على صعيد آخر، يقول مارتن بيرا من مختبر «جاكسون» في «بار هاربور»، «ماين» إن الأوستيوبونتين قد يساهم في معالجة الاضطرابات الدموية المرتبطة بالسن، كخلل التنسج النقوي الذي يشمل خلايا شائبة: «ربما يكون تجديد شباب الخلايا الجذعية في النخاع العظمي مفيداً لمعالجة تلك الحالات».

يقول يواكيم سبيريدوبولوس من جامعة «نيوكاسل»، بريطانيا: «تقدم الدراسة أدلة إضافية على إمكان تجديد شباب الخلايا. رغم تجدّد شباب الدم القديم، يجب التأكد من قدرته على اكتساب خصائص الدم الشاب عبر التجارب العيادية».

الدم الشاب يخضع للتجارب باعتباره علاجاً لحالات صحية
back to top