جهود الحفاظ على الشركات الآسيوية المتعثرة

نشر في 08-04-2017
آخر تحديث 08-04-2017 | 00:00
يطلق على الشركات الضعيفة التي تعود إلى الحياة، شركات الزومبي، ويرى الاقتصاديون أن عودة تلك الشركات تحرم الأخرى السليمة فرصَ التوسع، كما تسهم في خلق حواجز أمام شركات جديدة نشيطة، وهو ما يفضي إلى تعثر الاستثمارات.
تستمر الحكومات والبنوك في شتى أنحاء آسيا – وبدافع القلق من تسريح الموظفين والقروض المتعثرة – في تقديم تمويل رخيص وأنواع اخرى من الدعم من أجل ضمان استمرار عمل الشركات الضعيفة الأداء، ويسود الأمل في أن تلك الشركات سوف تصبح قادرة على العمل من جديد اذا تم احياء النمو، ولكن حقيقة الأمر أن هذه الشركات تدمر الاقتصاد العالمي وتبدد الموارد ومكاسب الانتاجية، وهكذا تسهم في تعطيل التعافي الذي تأمل أنه سوف ينقذها.

وعلى سبيل المثال: اذا نظرنا الى ما يحدث الآن في شركة دايوو لبناء السفن في كوريا الجنوبية التي تعرضت الى متاعب شديدة سوف نجد أن بنك التنمية الكوري وبنك الاستيراد والتصدير الكوري وافقا على تقديم قرض الى هذه الشركة المتعثرة بمبلغ 2.6 مليار دولار ومبادلة الديون بأسهم بغية منع احتمال تعرضها للتخلف عن السداد، وحذر بنك التنمية الكوري في بيان له من أن افلاس شركة دايوو سوف يعني أن الخسارة بالنسبة الى اقتصاد البلاد سوف تشمل كل صناعة بناء السفن التي يمكن أن تنهار وتلحق الخسائر بالمؤسسات المالية.

وصحيح أن دايوو تعاني في خضم انكماش مروع في صناعة بناء السفن والشحن البحري نتيجة الركود في النمو العالمي والتجارة ولكن شركة كورية عملاقة اخرى تدعى هانجين للملاحة تعرضت الى افلاس في السنة الماضية أيضاً، ويأمل دائنو دايوو بعملية انقاذ لدعمها الى أن تتحسن ظروف هذا القطاع.

وقد مر أقل من عامين على تلقي شركة دايوو لقروض جديدة ضمن عملية انقاذ سابقة ومبادلة ديون بأسهم، وفي حقيقة الأمر عادت الحياة الى هذه الشركة – وبعد أن انهارت في أعقاب الأزمة المالية الآسيوية في أواخر تسعينيات القرن الماضي تعافت دايوو وأصبحت شركة مستقلة في سنة 2000.

وبالتأكيد يوجد ثمن يتعين دفعه من أجل دفع شركة مثل دايوو الى اشهار افلاسها، وقد يشمل ذلك انهاء خدمات العديد من العمال وتعمد البنوك الى تجميع ديون معدومة، ولكن توجد تكلفة أكبر في هذا الصدد على أي حال، وقد أنحت دراسة صدرت في يناير عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية باللائمة على الشركات القديمة التي تعرضت الى صعوبات مستمرة بسبب دفع فوائد على الديون لاسهامها في تباطؤ أرباح الانتاجية، ما أفضى الى انكماش النمو في العالم المتقدم.

وشركات الزومبي (الضعيفة التي تعود الى الحياة من جديد) تحرم الشركات السليمة من فرص التوسع كما أنها تسهم في خلق حواجز أمام شركات جديدة نشيطة ويفضي ذلك كله الى تعثر الاستثمارات، وبالنسبة الى دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يربط الخبراء زيادة الزومبي مقارنة مع الفترة التي سبقت الأزمة المالية العالمية في سنة 2008 بخسارة متراكمة عند 2 في المئة في الاستثمار وخسارة 0.7 في المئة في التوظيف.

وفي ضوء النمو الطفيف واستمرار البطالة كان التعافي في فترة ما بعد الأزمة صورة لفرص ضائعة تهدف الى توفير وظائف وتشجيع المستثمرين.

وبحسب واضعي الدراسة المشار اليها فإن «النتائج تظهر أن هيمنة شركات الزومبي ارتفعت منذ منتصف الـ 2000 وأن قدرة البقاء المتزايدة لتلك الشركات ذات الانتاجية المتدنية تقيد نمو الشركات الأكثر انتاجية».

وعلى الرغم من ذلك يظل صناع السياسة بشكل ما على قناعة بقدرتهم على تحدي السوق، وفي الصين، على سبيل المثال، نكث كبار المسؤولين مراراً بوعودهم حول القضاء على شركات الزومبي في قطاعات تحفل بزيادة مفرطة في المعامل وديون عالية.

وفي ميدان الصلب زادت طاقة التشغيل في سنة 2016 بحسب أحد التقديرات، وعلى الرغم من ارتفاع حالات الافلاس فإن عدد الشركات الضعيفة يظل ضخماً، وقد حسب هي فان، وهو اقتصادي في جامعة رينمين في بكين في الآونة الأخيرة، أن حوالي 10 في المئة من الشركات المدرجة في الصين مؤهلة لصفة الزومبية، وهو رقم يعتقد أنه يقلل من حجم المشكلة.

ولكن إهدار الأموال على مشاريع عقيمة، وإضافة مزيد من الأعباء الى الديون الكبيرة في قطاع الشركات دفع المسؤولين الصينيين الى انقاذ الوظائف في الوقت الراهن عبر التضحية بالنمو وفرص العمل والابتكار الذي سوف يحتاج الاقتصاد اليه في المستقبل. وكتب هي فان يقول إن «مشاريع الزومبي تعوق التعافي الاقتصادي في الصين، كما أن وجودها يمنع استغلال الموارد في صناعات أكثر انتاجية».

وتوجد هنا دروس بالنسبة الى الولايات المتحدة – وفي سعيه الى احياء التصنيع الأميركي يتعين على الرئيس دونالد ترامب توخي الحذر حتى لا يستخدم مفهوم الحكومة الكبيرة من أجل تحويل وإنهاء حكم السوق من خلال فرض تعرفة عالية أو ضرائب لمواجهة فوائد تكلفة انتاج البضائع خارج الولايات المتحدة. ثم إن المعامل التي تستطيع البقاء والاستمرار في ظل مثل هذه الخطوات الحمائية لن تكون زومبية من الوجهة الفنية، ولكنها سوف تسبب تأثيراً مماثلاً على الاقتصاد. ومن خلال منع انتاج أوفشور – وهو نوع مختلف عن البريكست – يستطيع دونالد ترامب انقاذ عدد قليل من فرص العمل، ولكن فقط عن طريق اضافة مزيد من الأعباء على المستهلكين على شكل أسعار أعلى وعلى المساهمين عبر خفض أرباح الشركات.

الشركات الضعيفة الأداء تدمر الاقتصاد العالمي وتبدد الموارد ومكاسب الإنتاجية وهكذا تسهم في تعطيل التعافي

هيمنة شركات الزومبي زادت منذ منتصف عام 2000 وقدرة بقائها المتزايدة مع إنتاجيتها المتدنية يقيدان نمو الشركات الأكثر إنتاجية

في الصين نكث كبار المسؤولين مراراً بوعودهم بشأن القضاء على شركات الزومبي في قطاعات تحفل بزيادة مفرطة في الديون العالية
back to top