جهل ترامب في الشؤون الخارجية مشكلة كبيرة

نشر في 04-04-2017
آخر تحديث 04-04-2017 | 00:08
 هافينغتون بوست كانت المستشارة الألمانية تقف على بعد بضعة أمتار عندما أعلن ترامب أن مفاوضي بلدها في مجال التجارة قدموا أداء أفضل من نظرائهم الأميركيين، إلا أنه سيبدّل هذا الواقع، وأضاف ترامب: «نأمل أن نصبح متساويين، فلا نريد الفوز بل الإنصاف، وكل ما نوده هو الإنصاف».

إذا بدت أنجيلا ميركل حائرة فلها كل الحق في ذلك، فلم تعقد ألمانيا أي صفقة تجارية مع الولايات المتحدة، كذلك لا تدين للولايات المتحدة «بمبالغ كبيرة من المال»، كما أصر ترامب، وفق بعض التقارير، في لقاء السابع عشر من مارس مع ميركل وادعى في تغريدة في اليوم التالي.

ذكر يائيل إيسنستات، مساعد سابق لنائب الرئيس جو بايدن متخصص في مجال الأمن القومي: «لا شك أن عدم إدراك الرئيس أننا لم نعقد صفقة تجارية مع ألمانيا محير جداً».

على حلفائنا في الخارج، الذين يتساءلون: «كيف يمكن لرجل غير مطلع البتة على شؤون العالم كما ترامب أن يصل إلى منصب يُعتبر تقليدياً قائد العالم الحر؟»، تأمل أطر حملة الانتخابات الأولية الجمهورية عام 2016.

اعتبرت معظم الشخصيات الجمهورية البارزة أن افتقار ترامب إلى المعرفة وغياب رغبته في تحصيلها فرصة ذهبية لتمرير أجندة الضرائب المنخفضة والقيود المحدودة الذي لطالما حلمت بها، مع ضمانة الحصول على توقيع سهل من رئيس لا مبالٍ.

لم يدرك كثيرون من مشرعي الحزب الجمهوري عواقب مقاربة ترامب إلا بعد إخفاقهم في إلغاء توقيع أوباما على قانون الرعاية الصحية واستبداله. بما أن ترامب لم يعرِب إلا عن فكرة غامضة بشأن قانون الرعاية الصحية القليل الكلفة أو البديل الجمهوري المقترح، لم ينجح في تقديم أي قيادة فعلية في هذا المجال باستثناء مطالبة كل الجمهوريين في مجلس النواب بدعمه بغية التزامه بتعهدات حملته.

لكن الكونغرس والمحاكم تساهم في الحد من وطأة الخطوات التي يتخذها ترامب أو لا يتخذها، لأنهما يُخضعان هذه السياسات لما يحد نطاقها أو يطيل مهلها أو كليهما معاً، إلا أن ما يقرره الرئيس في الشأن الخارجي يعود إليه وحده مع إشراف محدود من الكونغرس.

وهذا ما يقلق خبراء السياسة الخارجية، الذين يضيفون أن عادة ترامب التعبير عن وجهات نظر متهورة وغالباً خاطئة في 140 حرفاً تزيد الطين بلة.

يحذّر إيسنستات، مستشار بايدن السابق، من أن نوبات غضب ترامب على «تويتر» وملاحظاته غير الموزونة تولّد عموماً مشاكل جديدة لحلفاء الولايات المتحدة التقليديين.

حتى اليوم، يتطلع هؤلاء الحلفاء إلى ما وراء نوبات غضب ترامب لمعرفة آراء مستشاريه أمثال وزير الدفاع جيمس ماتيس، ويوضح آدم تومسون سفير بريطانيا السابق إلى حلف شمال الأطلسي: «في تفاعلهم مع تعليقاته المتأججة، وخصوصاً تلك المتعلقة بالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، يبدو أنهم يعتمدون على وزراء حكومته ووزاراته بغية إبقاء العلاقات الأميركية- الأوروبية في مسارها الصحيح».

بالإضافة إلى ذلك يعرب تومسون عن خوفه من تفاقم تراجع مصداقية ترامب، ويتابع موضحاً: «إن لم يسعَ لتعميق معرفته، فقد يبدؤون بتجاهله، مع أن هذه الخطوة تعرضهم للأذى. قد يتعلمون، على غرار وسائل الإعلام، أن يأخذوه على محمل الجد من دون أن يركّزوا على معنى كلماته الحرفي».

لكن المشكلة الكبرى تكمن في كيفية تفاعل خصوم الولايات المتحدة وأعدائها في سعيهم إلى تحسين وضعهم الخاص.

يذكر تومسون: «سيحظى الخصوم بفرص أكبر تتيح لهم تعميق الشقاق بين الولايات المتحدة وحلفائها أو تعزيز على نطاق دولي أي تشويه للحقائق ترتكبه الإدارة الأميركية، حتى إنهم قد يستغلون جهل الرئيس ببعض المسائل كي يوجهوه في مسارات مؤذية أو يعقدوا معه اتفاقات تسيء إلى حلفاء الولايات المتحدة التقليديين».

يعتبر الخبراء أن احتمال تشويه العلاقات هذا يشكّل الخطر الأكبر، وسيأتي يوم تشكّل فيه روسيا أو دولة أخرى خطراً يهدد أوروبا أو حتى الولايات المتحدة مباشرةً، وسيُطلب من ترامب عندئذٍ قيادة الأمم ذاتها التي ينفرها راهناً.

يختم إيسنستات: «قد نواجه في مرحلة ما أزمة، أو قد نصطدم بمناوشات دولية بالغة الخطورة، وفي حالة مماثلة، سنحتاج إلى أولئك الحلفاء، سواء اعتقد ترامب ذلك أم لا».

* إس. في. دايت

* «هافنغتون بوست»

back to top