روسيا بيت بناه بوتين ولن يتخلى عنه مطلقاً

نشر في 30-03-2017
آخر تحديث 30-03-2017 | 00:08
ما زال مبكراً إصدار الحكم الأخير بشأن الرئيس بوتين، فقد حافظ على تماسك بلده وأعاد إليه مكانته العالمية، وما زال يُعتبر شخصية مذهلة لا تنفك تفاجئنا، كذلك ترك بصمة عميقة في بلده، الذي صار «روسيا بوتين»، ويعود ذلك عموماً إلى أنه بوتين روسيا.
 الغارديان عندما سئل فلاديمير بوتين عن عمله بعد سنتَين من تربعه على عرش الكرملين عشية رأس السنة عام 1999، تحدث عن كونه مديراً منتخباً من الشعب الروسي لولاية محددة، ولكن عندما سئل أخيراً عن عمله، دعاه "القدر".

عيّن رئيس روسيا الأول بوريس يلتسين بوتين ليكون خلفه، إلا أن إنجازاته شملت ترويض النخبة الثرية الحاكمة، وإنهاء الحرب التي طالت كثيراً في الشيشان، وكسر عماد الحزب الشيوعي الذي كان واسع النفوذ في الماضي، وتهميش الليبراليين، كذلك أعاد ابتكار نظام الحكومة الهرمية في روسيا، وهكذا صار بإمكان الدولة، التي باتت خاضعة للحاكم الجبار، أن ترد بقوة، مؤكدة سلطتها الكبيرة، وهكذا أعاد بوتين لروسيا مكانتها كقوة عظمى، بعد أن كانت قد خسرتها مع الاتحاد السوفياتي.

صنّف بوتين نفسه ذات مرة الوطني الأول في روسيا، كذلك ادعى أن القومية تشكّل فكرة روسيا الوطنية، وبما أن نظراءه في الداخل غائبون وفي الخارج قلائل فإن هذا يشكّل عبئاً نفسياً كبيراً يحتاجه المرء للتطلع إلى سلطة أعلى، وبالنسبة إلى بوتين لا يشكّل الدين مسألة شخصية فحسب، ويعتبر هذا الرئيس المسيحية الأرثوذكسية مصدر توجيه روحاني وأخلاقي وجوهر الحضارة الروسية الفريدة، فمن دونها لا يمكننا أن نفهم بالكامل تاريخ هذا البلد وأدبه وفنه الكلاسيكيين.

من المفترض أن يخوض بوتين انتخابات رئاسية في السنة المقبلة، ويتوقع الجميع أن يترشح، ولا يشكك أحد في فوزه،

ومن المستبعد أن يغادر بوتين المسرح حتى في عام 2024 بعد إمضائه نحو ربع قرن في السلطة: عمله مهمةٌ لن تنتهي طالما أنه ناشط، ويكمن التحدي الأكبر الذي يواجهه على الأمد الطويل في نقل القيادة إلى جيل جديد من القادة الروس والحرص على نجاح هذه الخطوة. يبدو بوتين اليوم منهمكاً في اختيار هؤلاء الأشخاص، الذين يبلغ معظمهم العقد الرابع أو الخامس من العمر، وقد يشكّل هؤلاء تلك المجموعة.

عُيّن بعضهم اليوم في مناصب بارزة كوزراء، وحكام، أو مسؤولين رفيعي الشأن، ولا شك أنهم سيخضعون جميعاً لتجارب واختبارات، وستوكل إليهم مهام لإنجازها، أما بوتين نفسه، الذي يراه أتباعه كأب، فسيصبح "أبا الأمة" أو الرئيس المعلّم، إذا استعملنا صيغة سنغافورية.

لكن الوقت ما زال مبكراً لنصدر الحكم الأخير بشأن هذا الرئيس، فقد حافظ بوتين على تماسك بلده وأعاد إليه مكانته العالمية، وما زال يُعتبر شخصية مذهلة لا تنفك تفاجئنا، كذلك ترك بوتين بصمة عميقة في بلده، الذي صار "روسيا بوتين"، ويعود ذلك عموماً إلى أنه بوتين روسيا.

دميتري ترينين*

*«الغارديان»

back to top