خارج السرب: طريق الخرير

نشر في 29-03-2017
آخر تحديث 29-03-2017 | 00:09
لا تظلموا الأمطار فهي بريئة، ولم تغرق بيوت المواطنين وسياراتهم داخل الأنفاق بسبب سيلها العرم، فالمسألة كلها خمسون مليمتراً، بل غرق من غرق وغاص من غاص بسبب "سيولة نقدية" ذهبت هباء منثورا، فملايين الدنانير صرفت على البنية التحتية ومع أول اختبار غرقت كالعادة.
 فالح بن حجري قبل شهور ضاع حلم "طريق الحرير" بعد نشر الصين خريطتها الجديدة التي لا تضمّنا حتى بـ"كيلومتر" ولو جبر خاطر ولا "سكك" من بعيد، ولكن الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، بعد هجر "طريق الحرير" القاسي لنا ضمّنا "طريق الخرير" الحنون إلى صدره وبقوة... وأنتم شلونكم؟

لا تظلموا الأمطار فهي بريئة، ولم تغرق بيوت المواطنين وسياراتهم داخل الأنفاق بسبب سيلها العرم، فالمسألة كلها خمسون مليمتراً، بل غرق من غرق وغاص من غاص بسبب "سيولة نقدية" ذهبت هباء منثورا، فملايين الدنانير صرفت على البنية التحتية ومع أول اختبار غرقت كالعادة، واقلب جرة المشاريع على فمها تطلع البنية التحتية على شؤمها، أنفاق وشوارع طول بعرض تغرق بـ"شربة ميه" وازفلت "يهالوه" يمارس طفولته علينا فيحذفنا بالحصى ثم يهرب "لابداً" وراء أقرب جدار بيروقراطية مخرجاً لسانه لنا، ومحطات مجارٍ تجري رياحها النتنة بلا ما لا يشتهي "الخشم"! وبيوت جديدة من رمال تمثل "فوتوشوب" معمارياً رديئاً لبيت العمر الذي تنتظره كل أسرة. الحل الوحيد لكل ما سبق هو استبعاد من أثبت فشله وسقط في اختبارات المصداقية، وإن كنا فعلا نريد الفوز في مباراة التنمية فيجب علينا إخراج الكرت الأحمر وبدون تردد لكل متهاون أو متمصلح أو فاسد، لا حل آخر، فكل الحلول الأخرى تمثل مستنقعات ستقودنا حتما بمرارة نحو الغرق مرة بعد مرة!

يقال على ذمة الرواة إن أقدم طرفة مدونة في التاريخ خطها الفراعنة قبل 3200 قبل الميلاد، وقد تم العثور عليها مكتوبة داخل سطور ورق بردي، وتقول هذه الطرفة: إن أحد الكتبة كان يعمل في غرفة بمعبد "تحوت" فأزعجته الضوضاء المنبعثة من الغرفتين اللتين تحيطان بغرفته، وكان يقيم في إحداهما نجار وفي الأخرى حداد، ولما أوشك أن يجن قصد النجار ودفع إليه مبلغا من المال لكي يغادر غرفته إلى غرفة أخرى، ثم فعل الأمر ذاته مع الحداد وقبل الرجلان، وفي اليوم التالي اكتشف الكاتب أن الحداد انتقل إلى غرفة النجار وانتقل النجار إلى غرفة الحداد وظل وضع الضوضاء على ما هو عليه ولم يتغير شيء!

الخلاصة: التنمية تثبت يوما بعد يوم أنها تجيد السباحة عكس "الدينار"!

back to top