ما تبقى من يهود مصر.. قلة من العجائز ومعابد خاوية

نشر في 26-03-2017 | 10:32
آخر تحديث 26-03-2017 | 10:32
ماجدة هارون رئيسة تجمع يهود مصر
ماجدة هارون رئيسة تجمع يهود مصر
بعد آلاف السنين من العيش على ضفاف النيل في مصر، لم يتبق من يهود مصر الان سوى قلة من السيدات العجائز بينما تطرح مشكلة رعاية تراثهم المنسي.

ومنذ اندلاع الصراع العربي الإسرائيلي في 1948، فر آلاف اليهود أو طردوا من مصر. وبقي اخرون بعد ان غيروا ديانتهم غالبا بسبب زيجات مع مسلمين.

في الواحدة والتسعين من عمرها، تعد مارسيل هارون واحدة من اخر ستة اعضاء، ست نساء، في الطائفة اليهودية في القاهرة. في الاسكندرية، لم يبق سوى 12 من افراد الطائفة اليهودية في الأسكندرية، معظمهم كذلك من السيدات المسنات.

وتنظر هارون الى الماضي بحنين وتبدي قلقا على التراث اليهودي المصري. وتقول "ربما تكون هناك رغبة في محو كل اثر ليهود مصر" ولكنها تردف "وفقا للتاريخ، اليهود موجودون في مصر منذ الفراعنة. كيف تريدون محو قرون من التاريخ؟".

والتراث اليهودي في مصر يضم اليوم قرابة عشرة معابد وعددا لا يحصى من المقتنيات الدينية، لكنها مهجورة منذ زمن طويل. ومثلها مثل الأثار المصرية الأخرى، تحتاج الآثار اليهودية إلى ترميم.

ففي الاسكندرية، انهار سطح أحد المعابد جزئيا في 2016، لكن الحكومة تمكنت من الحصول على تمويل لترميمه.

الطائفة اليهودية المصرية التي كان عددها يراوح ما بين ثمانين الفا و120 الف شخص في منتصف القرن العشرين وفق التقديرات المختلفة، توشك اليوم على الانقراض.

وشارك اليهود المصريون في مختلف المجالات الاقتصادية مثل التجارة وصناعة القطن. كما كانوا ممثلين في الحياة الثقافية من خلال نجوم ذائعي الصيت مثل المغنية والممثلة ليلي مراد والسينمائي توجو مزراحي.

وفي شارع مزدحم في وسط القاهرة، يقع احد رموز هذا الماضي، معبد "شعار هاشامايم" وهو مبنى حجري بني على الطراز المعماري لمصر القديمة.

وفي وسط قاعة الصلاة الخاوية تتذكر ماجدة هارون (65 عاما) ابنة مارسيل وشحاتة هارون التي تتراس الان الطائفة اليهودية في القاهرة، المكان الذي كان يشغله والدها المحامي الشهير الراحل، عندما يأتي للصلاة.

والان هي الوحيدة التي تملك مفتاح قدس الاقداس: الخزانة التي رصت داخلها اوراق ملفوفة من التوراة يعتبرها البعض اثار حقيقية وتتعامل مع هذه الاوراق بحرص بالغ.

وتعد ماجدة هارون اليوم حامي حمى من تبقى من الطائفة اليهودية في العاصمة المصرية وهن خمس سيدات في الاجمالي من بينهن والدتها.

وترعى ماجدة أيضا تراث الطائفة. وتقول "انه واجبي تجاه الاجيال المقبلة"، موضحة ان التراث اليهودي هو جزء من تاريخ مصر.

وهي تحلم باليوم الذي ترى فيه هذا التراث معروضا أمام الجمهور الواسع.

وقالت هارون ان "الوزير (الآثار) وعدني بفتح معبد للحضارات ستمثل فيه كل الحضارات التي عاشت في مصر".

ولا تميز الحكومة المصرية رسميا بين التراث الفرعوني والإسلامي والقبطي واليهودي.

وأوضح وزير الآثار المصري، خالد العناني لوكالة فرانس برس أنه شكل لجنة في بداية العام 2016 لجرد "كل الأثار اليهودية وكل مجموعات (المعالم) اليهودية الموجودة في المعابد".

غير ان نظرة المصريين الى يهود بلادهم ليست ايجابية تماما.

وردا على رأيه بهذا الشأن، يؤكد المخرج الشاب أمير رمسيس، مؤلف الفيلم الوثائقي "عن يهود مصر" في 2013، ان "هذه مسألة معقدة للغاية".

ويضيف ان مسألة الحديث عن يهود مصر "ظلت لزمن طويل في قائمة المحظورات".

واستقبل الجمهور فيلم رمسيس بشكل جيد نسبيا لكنه خرج للنور بعد شد وجذب مع الرقابة التي هددت بعدم عرضه للجمهور.

وفي نهاية المطاف، حصل رمسيس على الترخيص اللازم لعرض الفيلم.

إلا أن وزارة الثقافة طالبته بإضافة رسالة في بداية الفيلم تقول "هذا العمل نتاج خيال المؤلف والمخرج".

ولم تقع اي اعمال مناهضة للسامية في مصر اخيرا ولكن في 2010 القى شخص حقيبة بها قنبلة محلية الصنع على المعبد اليهودى في وسط القاهرة من دون ان يسفر ذلك عن سقوط ضحايا.

ويحاول يوسف جاعون رئيس الطائفة اليهودية في مدينة الاسكندرية عدم إغضاب السلطات المصرية.

ورفض جاعون إجراء مقابلة بالفيديو كما رفض التقاط صور له واجاب باقتصاب شديد على اسئلة فرانس برس معبرا عن "ثقته" في ان الحكومة المصرية ستقوم بترميم الآثار اليهودية.

back to top