ننتقم ولا نصلح

نشر في 26-03-2017
آخر تحديث 26-03-2017 | 00:10
تحولت المساءلة السياسية إلى نوع من الانتقام أو إبراء الذمة تجاه الإصلاح، فالفساد يعود آمنا بعد انتهاء الاستجوابات، هكذا تسير الأمور في حقيقتها.
 مظفّر عبدالله أول العمود:

ربما ستقدم التحقيقات الجارية حول انتحار نزيل السجن المركزي فرصة جيدة للجنة حقوق الإنسان البرلمانية لتنظيف السجن من ملاحظات عالقة لسنوات.

***

سأتطرق لمسألة يساهم فيها كل من عضو مجلس الأمة ومجلس الوزراء والوزراء فرادى، وهي ظاهرة محاربة الفساد وإصلاح الجهاز الإداري للدولة، ولا شك أن المساءلة السياسية للوزراء مطلوبة، ويجب أن تكون تمرينا عاديا لكن جوهر هذه الممارسة باستعراض تاريخ العلاقة بين السلطتين، يفضي إلى ما يمكن أن يوصف بأنه انتقام لا إصلاح، فحتى الاستجوابات "الصادقة" كانت تقود إلى حالة سياسية- نفسية مفادها في عقل رجل الشارع: أخيرا تخلصنا من هذا الوزير الفاسد، و"برافو" لمجلس الأمة! لكن الفساد يبقى على حاله ولا يتغير.

من جانب آخر يستنفر مجلس الوزراء في أكثر الاستجوابات إلى ممارسة دوره التقليدي، وهو تقديم الحماية لنجاة الوزير من طرح الثقة فيه، ويتم تناسي المشكلة الحقيقية التي من أجلها قدم الاستجواب، ويفشل المجلس التشريعي في متابعة قضايا الفساد المطروحة في معظم الاستجوابات بسبب عدم جدية المحاسبة أو تصنيف وفرز مقدمي الاستجواب والبحث في "أغراضهم" الرمادية من ورائه.

على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على الممارسة البرلمانية في الكويت فلا تزال الشخصانية بارزة في العمل، يطاح بوزراء ويبقى الفساد والخلل الإداري ينخر في مقدرات الدولة.

اليوم ومع وجود وجوه جديدة في البرلمان الحالي نلاحظ تكرار الطريقة ذاتها: التهديد بالاستجواب، يعقبه إقرار الوزير بأن الاستجواب حق دستوري، ويتم الاستجواب دون أي نتائج ملموسة، ويقع ذلك أمام عجز تام من السلطة التنفيذية في إصلاح العديد من الملفات، وهذا سبب رئيس في تحول الممارسة السياسية إلى موضوع شخصي بحت بين المستجوبين والوزير.

بالطبع الملام هنا مجلس الوزراء الذي يناط به عمل التخطيط والتنمية ومحاربة الفساد بدون استجوابات، وبنص المادة ١٢٣ من الدستور (يهيمن مجلس الوزراء على مصالح الدولة، ويرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية).

أين نحن من ذلك؟ وماذا حققنا على الأرض؟

back to top