تأثيرات سندات اليورو على سوق البنك المركزي الأوروبي

نشر في 25-03-2017
آخر تحديث 25-03-2017 | 00:00
يمكن أن تسهم السندات المشتركة في تسهيل انسحاب البنك المركزي الأوروبي من السوق، ومن شأن ذلك توفير طريقة للالتفاف على حدود قدرة البنك بشأن شراء ديون الدول، والتي ثبت أنها مشكلة صعبة نظراً لنفاد موجوداته من السندات الألمانية والبرتغالية.
 بلومبرغ • يُزيل احتمال توقف برنامج شراء السندات من قبل البنك المركزي الأوروبي في نهاية هذه السنة وقاء قوياً يشكل حماية ضد ارتفاع نفقات الاقتراض الحكومية، ومع صعود الأحزاب المناهضة لليورو في أوروبا فقد أفضت هذه الفكرة الى اخافة المستثمرين أيضاً، وربما حان الوقت الآن لانعاش الفكرة القديمة الداعية الى مركزية اصدار السندات بصورة تشمل كل أعضاء اليورو.

وقد أحيا رئيس الوزراء الاسباني ماريانو راجوي القضية المتعلقة بمبيعات السندات المشتركة في تعليقات له في برلمان بلاده خلال الأسبوع الماضي، قائلا إنه «يتعين علينا أن نوجه رسالة عن الوحدة والأمل والتكامل، وبين أشياء اخرى فإن هذا يعني وجود ميزانية أوروبية مشتركة تستطيع مساعدة الدول على المضي قدماً في خضم وضع معقد، وربما اصدار ديون بصورة مشتركة تدعى سندات اليورو بحيث يستفيد من ذلك كل الأوروبيين عبر ظروف وشروط تمويل أفضل من خلال التمتع بدعم من الخزانة الأوروبية وليس من وزارات مالية وطنية فقط».

ومن السهل استيعاب فكرة فوائد مبيعات السندات المشتركة لأن السندات الفردية سوف تكون أكبر وأكثر سهولة في التداول والسوق ككل سوف يكون أكثر عمقاً وسيولة كما أن المقترضين الأضعف حالاً سوف يستفيدون من التمويل الأرخص نتيجة تحويل الأرباح الى مستوى وسطي، وعلى سبيل المثال فإن اسبانيا تدفع حوالي 1.8 في المئة لاقتراض الأموال مقارنة مع 0.4 في المئة لألمانيا وقد توسعت الفجوة الى حوالي 140 نقطة أساس قبل ستة أشهر.

ولكن توجد جوانب سلبية أيضاً في هذه العملية، واذا كان في وسع حكومات أقل مصداقية ائتمانية تخطي الانضباط المالي الموجود لدى نظيراتها الأوروبيات فإن الحافز للاصلاح سوف يختفي.

وقد شعرت ألمانيا بشكل خاص بهلع ازاء اعطاء تصنيفها من «اي اي اي» الى جارتها، وعلى الرغم من ذلك فإن مشروع اليورو في حاجة الى شيء ما من أجل اسكات جوقة الرافضين، وفي الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، نشرت صحيفة فايننشال تايمز مقالة تحت عنوان: الجدل حول جدوى التخلي عن اليورو يزداد حدة، وتحدثت مقالة اخرى عن مايكل هاسنستاب الذي يدير صندوق سندات بقيمة 41 مليار دولار في فرانكلين تمبلتون الذي يراهن ضد اليورو بسبب «الحالة غير العادية» في أوروبا حيث «يبدأ الناس بالتشكيك في أسس شرعية العملة».

أجرت «سنتكس جي ام بي اتش»، وهي شركة تتخذ من فرانكفورت مقراً لها ومتخصصة في قضايا السلوك المالي دراسة شهرية حول توقعات المستثمرين ازاء تفكك اليورو، وفيما يظل الخطر دون حدود الذروة التي شهدتها الأسواق في منتصف 2015 و2016 عندما بدت اليونان متعرضة بشدة الى الخروج من التكتل الأوروبي فإن ذلك الخطر ارتفع الى 25 في المئة.

ازدياد خطر تفكك اليورو

ويتصادف ذلك الارتفاع الذي حدث في الآونة الأخيرة حول اليورو مع استطلاعات للرأي تشير الى أن مارين لوبان يمكن أن تفوز في المرحلة الأولى من الانتخابات الفرنسية فيما يتوقع أن تخسر في الجولة الثانية وبقوة واضحة وهو ما جعل المستثمرين ينظرون بجدية الى العواقب نظراً لتهديدها باخراج فرنسا من تكتل اليورو.

ويراهن هيو هندري الذي يدير صندوق ادارة أصول اكليتيكا الذي يتخذ من لندن مقراً له على أن السندات الايطالية معرضة بصورة خاصة للخطر في حال فوز مارين لوبان في انتخابات الرئاسة الفرنسية. وفي رسالته الى المستثمرين في شهر مارس الحالي قال إنه يرى «امكانية كبيرة في حدوث مثل ذلك التحول السياسي» في حال فوز لوبان، وهو يرى أيضاً أن الفجوة متسعة جداً بين أرباح السندات الايطالية والألمانية لعشر سنوات، وكتب يقول: «حتى اذا خسرت مارين لوبان في الانتخابات فإن نهاية برنامج التيسير الكمي في البنك المركزي الأوروبي سوف تشكل خطراً على السندات الايطالية».

وبحسب هندري فهو يتوقع حتى من دون أي غليان سياسي أن يستمر البنك المركزي الأوروبي في جهوده لانهاء برنامجه المتعلق بشراء السندات ومع الطلب من القطاع الخاص تمويل المزيد من ديون ايطاليا المستحقة فإن الأرباح والعوائد سوف تستمر في الارتفاع، ويضيف: «هكذا سوف نكون أمام موقف جوهري يشكل فجوة متسعة بين أرباح السندات الايطالية لعشر سنوات وبين السندات الألمانية».

دور اليورو المتراجع

ويمثل الدور المتراجع لليورو في احتياطي العملات الأجنبية للحكومات حول العالم أدلة اضافية على تردي العملة المشتركة.

وقد لا يكون من قبيل المصادفة المجردة أن يريد رئيس الوزراء الاسباني اعادة المحادثات حول مبيعات السندات المشتركة في الشهر نفسه الذي يسبق قرار البنك المركزي الأوروبي المتعلق بخفض مشترياته الشهرية من السندات لتصل الى 60 مليار يورو (65 مليار دولار) بعد أن كانت في السابق عند 80 مليار يورو وذلك مع استعداد البنك لانهاء برنامج الشراء في نهاية هذه السنة. وبينما يعتبر من المستحيل حساب كمية تكلفة الاقتراض المتزايدة بشكل مؤكد من دون مشتريات البنك المركزي الأوروبي فإن مبلغ الـ 1.7 تريليون يورو الذي أضافه البنك المركزي الى ميزانيته في العامين الماضيين قد أبقى من دون أدنى شك نسبة الأرباح أقل مما كان يمكن أن تكون عليه لولا تلك الخطوة.

الانسحاب من السوق

يمكن أن تسهم السندات المشتركة في تسهيل انسحاب البنك المركزي الأوروبي من السوق، ومن شأن تلك العملية توفير طريقة من أجل الالتفاف على حدود قدرة البنك المركزي الأوروبي على شراء ديون الدول والتي أثبتت في الأساس أنها مشكلة صعبة نظراً لنفاد موجوداته من السندات الألمانية والبرتغالية، كما أن مثل هذه الخطوة سوف تمنع المتداولين والتجار من اختيار الأعضاء الأضعف في أوروبا الواحد تلو الآخر وذلك من خلال الرهان على ديونهم بمجرد أن يغيب البنك المركزي الأوروبي عن المسرح لتوفير دعم للأرباح، كما أن من شأن ذلك توجيه اشارة مهمة عن التصميم على التمسك بالاتحاد النقدي الذي أصبحت ثغراته واضحة جداً بحيث يستحيل تجاهلها، وبالنسبة الى ألمانيا فإن خطر تراجع برنامج شراء السندات لا يمكن أن يقارن بخطر تفكك منطقة اليورو.

••• Mark Gilbert

ربما حان الوقت لإنعاش الفكرة القديمة الداعية إلى مركزية إصدار السندات بصورة تشمل كل أعضاء اليورو

إسبانيا تدفع حوالي 1.8% لاقتراض الأموال مقارنة بـ 0.4% لألمانيا
back to top