6/6 : مخاطر تشريعية

نشر في 24-03-2017
آخر تحديث 24-03-2017 | 00:25
 يوسف الجاسم تعيش الساحة المحلية حالة من الترقب على وقع التجاذبات في عدد من القضايا التي لا تلامس الأوجاع الحقيقية للبلد تنموياً ومعيشياً بقدر ملامستها للعواطف والمكاسب الانتخابية بالدرجة الأولى. ومع الاحترام للنوايا الطيبة من النواب مقدمي الاقتراحات ومؤيديهم، لكن فزعنا من تلك المقترحات يأتي على قدر ما تحمله من مخاطر بنيوية على الأمن الوطني والنسيج الاجتماعي من جهة، وعلى قيم العمل والإنتاج ونبذ الاتكالية لدى الإنسان الكويتي من جهة أخرى.

إننا لم نستطع فهم الخلط بين التحركات الأخيرة المتمثلة في المساعي الحميدة لمنح الجنسية الكويتية لمن تم إسقاطها عنهم أو سحبها منهم لأسباب عديدة، وبين تبني عدد من النواب مقترحات بتعديلات على قانون الجنسية، ستعرض على المجلس في جلسة 3/28، وهي في مجملها ستؤسس لتهالك بنيان الهوية الوطنية، من خلال شرعنة ازدواج الجنسية، فضلاً عن شرعنة الغش والتزوير بأسانيد الحصول عليها، مع غل يد الدولة عن تدارك الأخطاء بعد انقضاء مدد زمنية للتقادم، والحيلولة دون قدرتها على سحب الجناسي أو إسقاطها عن الحاصلين عليها بالباطل، هذا فضلاً عن حزمة تعديلات لم يُنزل الله بها من سلطان! وهنا نتساءل:

- هل ما حدث من سحب لجنسيات البعض والتعاطف معهم يستدعي إشعال قيامة تشريعية تؤدي إلى هدم بناء قانون التجنيس الصادر عام ١٩٥٩ قبل الدستور، وهو القانون الذي نظم عمليات المنح والسحب والإسقاط كحق سيادي للدولة، بل ورسم أطر بناء الهوية الوطنية، وصادقت وسارت عليه الأجيال المتعاقبة من بناة الكويت الحديثة؟

- هل ما حدث من عمليات التجنيس العشوائي والجائر في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي يدعونا اليوم إلى خلط الأوراق، فنغرس عبر تلك التعديلات إسفيناً بصدر مفاهيم الانتماء الوطني، والسماح لمزدوجي الجنسية والمزورين باختراقها مع عدم تمكين الدولة من محاسبتهم وفقاً للقانون، وبما يقود للزج بمستقبل وطننا وأبنائنا إلى مجهول لا يعلم مداه إلا الله سبحانه؟

- أما التعديل التشريعي الآخر (المستغرب) فهو ما وافقت عليه بالإجماع الأسبوع الماضي اللجنة المالية بالمجلس لخفض سن تقاعد المرأة الكويتية إلى ٤٥ عاماً، وخفض سنوات خدمتها الفعلية إلى ٢٠ عاماً، وخفض سن تقاعد الرجل إلى ٥٠ عاماً وسنوات خدمته إلى ٢٥ عاماً!

وهنا نتساءل:

- هل نحن بحاجة للمزيد من أدوات تدمير المُدَمّر أصلاً، وهو إنتاجية الفرد ونسف قيم العمل والإنتاج لدى الإنسان الكويتي؟!

- هل أنتم بمثل ذلك التشريع ستحسنون من مراتبنا المتأخرة بمقاييس التنافسية العالمية أم ستزيدونها تخلُفاً؟!

- هل أنتم تخدمون تطلعاتنا نحو أداءٍ تنموي أفضل نحن بأمس الحاجة إليه؟ أم أنكم تسيرون بِنا عكس مسيرة العالم المتحضر الذي يرفع سن الخدمة والتقاعد إلى ٧٥ عاماً للمزيد من العطاء للوطن؟

أخيراً نوابنا الأفاضل:

رفقاً بالكويت حاضراً ومستقبلاً، ونحن لم ننتخبكم لمثل هكذا تدمير سلاحه التشريع!

***

همسة:

ورد في مقالتي الأسبوع الماضي بالخطأ نسبة أغنية "تكون ظالم" في الستينيات للأستاذ "شادي الخليج"، وهي في الواقع للقامة الفنية الكبيرة الأستاذ "عبدالكريم عبدالقادر"، العملاق الآخر من عمالقة الأغنية الكويتية دون شك، لذا أعتذر عن الخطأ غير المقصود.

back to top