سلطنة عمان بلد التعايش

نشر في 24-03-2017
آخر تحديث 24-03-2017 | 00:09
 أ. د. فيصل الشريفي لسنوات مضت كنت أعتقد أن الشعب العماني من الشعوب الصامتة التي تتجنب الحديث في السياسة والدين وغيرها من أمور الدنيا، لكني بعد متابعتي لهم غيرت رأيي لما وجدت لديهم من ثقافة إيجابية تميزهم عن بقية الشعوب العربية.

هذه الثقافة لا تقتصر فقط على النخب، فالشعب العماني حاضر في منتديات وسائل التواصل الاجتماعي، يطرح أفكاره بطريقة بعيدة عن التشنج وسياسة التعصب، فتراه يكتب ويناقش وينتقد الأفكار ويضع الحلول بعيداً عن الشخصانية، ولذلك نجح في إبعاد بلده عن الصراع العقائدي، واستطاع أن يجعل من عمان سلطنة للتعايش السلمي تجمع ولا تفرق.

في زيارتي الأخيرة لسلطنة عمان وبرغم قصرها استطعت أن أرصد بعض المشاهد التي أثارت فضولي وهي كثيرة، فمنذ لحظة الوصول إلى مطار مسقط الدولي والتي لا تستغرق بضع دقائق تشعر بالراحة وحسن الاستقبال لتنطلق بعدها إلى فضاء عمان وإلى شوارعها النظيفة والوسيعة التي تشعرك بالأمان، حيث الالتزام بقواعد المرور، لتستمتع بجمال المدينة وبساطة البناء.

اللافت طيبة أهل عمان وكرمهم، فحتى في اللحظة التي استوقفت أحد الشباب ليدلني على وجهتي وقبل أن يجيبني أصر على ضيافتي، وكأني أعرفه من زمن طويل، لكنه لم يحاول أن يسألني عن اسمي أو البلد الذي جئت منه في دلالة على الضيافة العربية الأصيلة التي تنهى عن طرح الأسئلة على الضيف.

قرأنا وسمعنا عن التسامح الديني بالسلطنة، وكيف استطاع شعبها تجاوز هذه الخلافات عبر تطبيق مفهوم المواطنة، ورغم التزامهم الديني فإنهم استطاعوا أن يعززوه ويجعلوا منه نهجا ووسيلة في تقدم قيمة سامية تدخل من باب احترام المذاهب، فكل ما تسمعه عن هذا التسامح هو حقيقة يترجمها أبناء عمان على أرض الواقع، وحكاية السنّي الذي يصلي بجانب الشيعي واقع رأيته وأشهد عليه.

سلطنة عمان يمكن أن تكون ضمن الدول الأكثر نمواً على المستوى الاقتصادي بالمنطقة، ويمكن أن تجذب المستثمر لا سيما الخليجي، فهي تملك استقرارا سياسيا ونموا في المؤشر الاقتصادي الذي وصل إلى 16 مليار ريال عماني خلال العام المنصرم مع التزام بميزان صرف يتماشى مع خطط التنمية.

سلطنة عمان قد لا تختلف كثيرًا عن دولة الكويت من حيث سخونة الأحداث، والحرب اليمنية تشتد رحاها على الحدود والضغط الإقليمي في أعلى درجاته، ومع ذلك استطاع حكيمها السلطان قابوس أن يجمع الفرقاء، ويمهد إلى خريطة سلام بإبعاد المنطقة عن حرب قد تكون تداعياتها على شعوب المنطقة عالية الكلفة.

الطبيعة الجغرافية للسلطنة تزيد من جمالها، ففيها تنوع مناخي يجعل منها جاذبة للسياح على مدار العام، فإن كانت مسقط عاصمة الشتاء فصلالة حتما واحة الربيع والمصيف، وكأنهما اتفقتا على تبادل الأدوار.

أخيراً، نسأل الله لعمان وأهلها الازدهار والرقي، وأن يمد في عمر جلالة السلطان قابوس بن سعيد.

ودمتم سالمين.

back to top