الفنانة اللبنانية هبة طوجي: أعبّر إنسانياً لا بالكلام السياسي!

نشر في 24-03-2017
آخر تحديث 24-03-2017 | 00:00
الفنانة اللبنانية هبة طوجي
الفنانة اللبنانية هبة طوجي
لم يكن من الصعب على فنانة كهبة طوجي أن تحقّق النجاح تلو الآخر، ذلك بفضل موهبتها الاستثنائية وأعمالها المتميّزة التي تترك أثراً في قلوبنا كلّما استمعنا إليها. اليوم، وبعد نجاحات عدة حققتها، ها هي النجمة اللبنانية الشابة تخوض تحدياً جديداً مع إصدار ألبومها المزدوج «هبة طوجي 30» الذي يحمل جديداً سواء في المواضيع التي تتمحور حولها الأغاني أو في الموسيقى والتوزيع، مع الحفاظ على الجوهر نفسه والمبادئ ذاتها.
طوجي التي حقّقت أخيراً إنجازاً غير مسبوق بمشاركتها في المسرحية الغنائية العالمية Notre Dame de Paris والتي تحتفل اليوم بإطلاق ألبومها، تتحدث إلى «الجريدة» عن تفاصيل عملها الجديد، وعن النجاح الذي يحققه العمل المسرحي في فرنسا والعالم، وغيرهما من مواضيع في هذا اللقاء.

ماذا عن تفاصيل ألبومك الجديد «هبة طوجي 30»؟

هو عبارة عن ألبوم مزدوج يحتوي على اسطوانتين، كل واحدة منها تتضمّن 15 أغنية عربية، من إنتاج أسامة الرحباني وتأليفه، معظمها جديد، وقسم منها عبارة عن أغنيتين من «ريبرتوار» أغانٍ شرقية معروفة أعيد توزيعهما أوركسترالياً، وهما «أهو ده اللي صار» لسيّد الدرويش و«انت عمري» للسيّدة أم كلثوم، فضلاً عن أغانٍ أديتها سابقاً ضمن إطار المسرحيات الغنائية التي شاركت فيها لأسامة الرحباني وللكبير منصور الرحباني، فضلاً عن أغان كنت أصدرتها منفردة.

عنوان استثنائي

هل صحيح أن عنوان الألبوم يحمل معاني كثيرة، لذا وقع اختياركم عليه؟

أحد الأسباب التي دفعتنا إلى اختيار «هبة طوجي 30» عنواناً للألبوم أنني سأبلغ من العمر 30 عاماً في أواخر هذا العام، تحديداً في ديسمبر، كذلك يرمز الرقم 30 إلى الوحي اللامتناهي، والتسامح، والتفاؤل وتقبل الآخر، وكلها محاور مهمة يدور حولها الألبوم، بالإضافة طبعاً إلى أنه يتضمّن 30 أغنية.

ما الجديد الذي ستقدّمينه في الألبوم، خصوصاً بعد النجاح الذي حققته أعمالك السابقة؟

لا شك في أننا مستمرون في تقديم المبادئ نفسها، مع الحرص على الابتعاد عن التكرار كوننا نتماشى دوماً مع الزمن ومع الخبرات التي نكتسبها من حولنا. نأخذ أموراً عدة من ثقافات بلدان عدة نزورها ونضيفها إلى الأعمال مع الحفاظ على هويتنا وأسلوبنا في الوقت نفسه، كي نقدّم في كل مرّة جديداً ونستمر. ستلمسون في الألبوم أغاني تعتمد على الموسيقى الأوركسترالية السمفونية التي سجلناها مع الأوركسترا الوطنية السمفونية في كييف بأوكرانيا، فضلاً عن أغانٍ تعتمد على الأوركسترا بدرجة أقل ولكن فيها كثير من الموسيقى الإلكترونية وتتماشى مع العصر، بالإضافة إلى أعمال عبارة عن مزيج من الاثنين. كذلك ثمة أغان أخرى استخدمنا فيها المزيج الرائع بين الموسيقى الشرقية والغربية، خصوصاً أن لبنان بلد منفتح على الثقافات الأخرى، وهذا الانفتاح يجب أن يشمل الموسيقى.

نفهم من ذلك أن الألبوم موّجه إلى الأذواق كافة وليس إلى فئة معينة أو إلى النخبة؟

يتميّز هذا العمل بالأغاني التي يتضمّنها والتي ترضي الأذواق كافة، من أغانٍ رومانسية وهادئة، إلى تلك التي تحمل إيقاعاً سريعاً، بالإضافة إلى الأغاني الإنسانية والكلاسيكية، وأخرى شبابية سيلمس فيها الناس جديداً من ناحية الإنتاج، وبالتالي سيشعر جيل الشباب بأن الألبوم قريب جداً من ذوقه وتفكيره. كل شخص سيلمس جزءاً من ذاته فيه، خصوصاً أنه عمل عميق أضفنا إليه كثيراً من مشاعرنا، ويتّسم بصدق كبير يحرّك المشاعر الإنسانية.

رسالة إنسانية

لاحظنا أن قصيدة «عرفت أم لا» للكبير منصور الرحباني التي تؤدينها بالفصحى هي الأكثر استماعاً عبر تطبيق «أنغامي». كيف تقيمين هذا العمل، وما سبب اختيارك الدائم لأعمال بالعربية الفصحى؟

هذه ليست المرة الأولى التي أغني فيها بالفصحى، ولعل «يا حبيبي» للكبير منصور الرحباني كانت الأكثر رواجاً، بالإضافة إلى أغانٍ مماثلة أديتها في مسرحياتي الغنائية. أشعر بأن الناس يحبون هذا النوع من الأغاني ويشتاقون دوماً إلى الاستماع إليه. ولا شك في أن السبب الإضافي الذي جعل الأغنية تلقى هذا الرواج الكبير كونها تحمل توقيع الكبير منصور الرحباني. بالتالي، كان من الطبيعي أن نختار له أيضاً قصيدة «عرفت أم لا» لنضيفها إلى الألبوم. والرواج الكبير الذي تلقاه عبر تطبيق «أنغامي» دليل قاطع على أن كثيرين متعطشون لأغانٍ تحمل في طيّاتها رسائل إنسانية تحفّز الأشخاص على التفكير، ورقياً يمسّ المشاعر الشخصية.

تطرقت إلى موضوع معاناة اللاجئين السوريين من خلال أغنية «إيلان» التي جاءت إهداء لروح الطفل السوري الشهيد. ماذا عن تفاصيل هذا العمل الإنساني؟

تحمل هذه الأغنية توقيع أسامة الرحباني كلاماً ولحناً وتوزيعاً. لا شك في أن صورة الطفل السوري التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتفاعل معها الناس من مختلف أنحاء العالم تركت أثراً كبيراً داخل كل شخص بصرف النظر عن ميوله السياسية. والفنانون لا يعبّرون بالكلام السياسي إنما إنسانياً لأننا ملك الجميع. بالتالي، أشعر بأن أي شخص حين يشاهد صورة مماثلة، خصوصاً لطفل لم يطلب من الحياة سوى أن يعيش إسوة بجميع الأطفال، أي أن يكون لديه سقف يحتمي تحته وعائلة ومدرسة يتعلم فيها، سيتعاطف تلقائياً معه وسيقول بينه وبين نفسه إن هذا الطفل يمثله ويمثل كثيراً من الأطفال المحتاجين الذين يعيشون المعاناة. من واجبنا أن نكون هذا الصوت الذي يوصل هذه الصورة بأفضل كلام ولحن.

في رأيك إلى أي حدّ بإمكان الأغاني التي تطرحينها التأثير في الناس وتحريك مشاعرهم؟

بقدر ما يتأثر الفنان بالأغنية وبقدر ما تكون الأخيرة نابعة من مشاعر صادقة، بقدر ما تصل إلى الناس بصدق وتدخل قلوبهم. من ثم، الطريقة التي نعالج فيها مواضيع الأغاني كفيلة بأن تمسّ كل شخص، فيشعر بأنها تعنيه شخصياً أو ربما تذكّره بحالة مرّ بها أحد المقرّبين منه. فالألبوم مهما كان شخصياً إلا أنه قادر على التأثير في كل واحد منا.

يتزين الألبوم بأغنية «لا تواخذونا» التي تتميز بكلامها المحكي القريب من القلب، ما يعيدنا بالذاكرة إلى أغاني السيدة فيروز.

تلمس في هذه القصيدة بصمة الرحابنة التي أحببناها وكبرنا عليها كونها من كلمات الكبير منصور الرحباني التي تجمع بين السهل الممتنع والفكاهة، والبساطة الجميلة. هي خلطة استثنائية من الجمالية والعمق.

تجربة الإخراج

لماذا وقع اختيارك على أغنية «وحدي لحالي» لتصويرها على طريقة الفيديو كليب؟

فرعي

كانت «بغنيلك يا وطني» آخر أغنية صوّرتها في فيديو كليب ضخم بمستواها، وبالتالي أحببت أن أختار هذه المرّة أغنية عاطفية وبسيطة تماماً. صورناها في فرنسا بالتزامن مع جلسة التصوير الخاصة بالألبوم، بطريقة رومانسية وبسيطة، قريبة من القلب على غرار الأغنية.

هل ستعيدين تكرار تجربة الإخراج في ألبومك الجديد؟

أتمنى ذلك خصوصاً أن ثمة أغاني عدة أرغب شخصياً في إدارة إخراجها، علماً بأن تجربتي الأخيرة مع الإخراج كانت من خلال أغنية «بغنيلك يا وطني» التي أطلقتها منذ أشهر قليلة، والتي أضفناها أيضاً إلى الألبوم الجديد. وأشير إلى تصوير كليب «وحدي لحالي» تحت إدارة المخرج مختار بيروت الذي نفّذ أيضاً جلسة التصوير الخاصة بالألبوم.

إنجاز غير مسبوق

حققت إنجازاً غير مسبوق من خلال مشاركتك في المسرحية الغنائيةNotre Dame de Paris بدل الفنانة العالمية هيلين سيغارا. كيف تقيّمين هذه التجربة وإلى أي حدّ أنت سعيدة بها؟

أعتقد أن مشاركتي في هذه المسرحية بمثابة نقطة تحوّل في مسيرتي المهنية وخطوة عالمية كونها إحدى أنجح المسرحيات الغنائية الفرنسية وأكثرها انتشاراً، خصوصاً أنها جالت العالم وحققت رواجاً كبيراً لم تحققه مسرحية فرنسية أخرى. الجميع كان بانتظار انطلاقتها الرسمية من جديد. أما الأصداء التي حصدتها في باريس فكانت أكثر من رائعة سواء من الإعلام أو من الناس، وأخيراً سافرنا إلى تايوان حيث عشنا تجربة جميلة جداً ولمسنا تعلق الناس الكبير بهذا العمل المسرحي. راهناً، نحضّر لجولتنا الفرنسية التي تبدأ خلال شهر أبريل وتستمر لغاية ديسمبر على أن تشمل المناطق الفرنسية كافة، بالإضافة إلى عروض في جنيف، وفي لبنان ضمن إطار مهرجانات جونية الدولية من 8 إلى 11 يوليو المقبل. وأضيف في السياق نفسه أن مسرحية Notre Dame de Paris كان لها الدور الكبير في انتشاري في أوروبا وفي الدول الفرنكوفونية، واستضافتني برامج أوروبية مهمة خلال عرضها، ما يغني مسيرتي المهنية في لبنان التي تشكّل بدورها سنداً كبيراً وخبرة مهمة لعملي في الخارج، وهما يكمّلان بعضهما بعضاً.

ولكن انتشارك في أوروبا، تحديداً في فرنسا، كانت شرارته الأولى بدأت عند مشاركتك في برنامج The Voice بنسخته الفرنسية.

صحيح، خصوصاً أن مشاركتي في البرنامج لفتت أنظار منتج المسرحية إليّ، واتصل بي وبأسامة الرحباني بعدما اطلع على الكمّ الهائل من المسرحيات الغنائية التي أديتها في لبنان وتأكد من الخبرة الكبيرة التي املكها في هذا المجال، ما زاده حماسة ليعرض عليّ الدور.

إلى أي حدّ أثرت فيك شخصية إيزميرالدا؟

هي شخصية جميلة جداً تشبه حالات كثيرة نشهدها في الزمن الراهن، خصوصاً أن المسرحية تتحدث عن اللاجئين الذين يطالبون بأن نتقبلهم في المجتمع، وإيزميرالدا فتاة غجرية تأتي من مكان مختلف كلياً إلى العاصمة باريس وتطالب بأن تصبح جزءاً من هذا المجتمع الذي انتقلت اليه. عموماً، في العمل حالات عدة تشبهنا.

أكبر تحدٍّ

تشير هبة طوجي إلى أن أكبر تحدٍّ واجهته في مسرحية Notre Dame de Paris تمثّل في العروض المكثفة التي قدّمتها على مدار سبعة أيام في الأسبوع، وشملت عرضين متتاليين يومي السبت والأحد، ما تطلب جهداً جسدياً ومعنوياً، مضيفة أن أهم تحدٍ يكمن في أدائها أغاني المسرحية مباشرة تزامناً مع الأداء الراقص والحركات الجسدية الصعبة.

وحول مدى تقبّل الجمهور الفرنسي وجود فنانة عربية في عمل مسرحي يمكن وصفه بالفرنسي البحت، أجابت طوجي: «المعروف عن مسرحية Notre Dame de Paris غناها الثقافي الكبير سواء من ناحية الموضوع الذي تعالجه والذي يتناول التنوع الثقافي أو من ناحية فريق العمل من الكاتب والمؤلف والموسيقيين والمغنين والراقصين، وغيرهم الذين يأتون من مجتمعات وثقافات مختلفة، أضف إلى ذلك أن التنوع الثقافي الذي تتميز به الأعمال الفنية الفرنسية ليس بجديد على فرنسا».

نسبة كبيرة من الناس متعطشة إلى أغانٍ مثل عرفت أم لا»

إيزميرالدا تشبه حالات كثيرة نشهدها في الزمن الراهن
back to top