لو

نشر في 22-03-2017
آخر تحديث 22-03-2017 | 00:14
علينا أن نحمد الله حمداً كثيراً أن هناك من واجه وتصدى لتخلف التيارات الدينية على مر السنين؛ كي ننعم نحن بحياة أفضل بعيدة عن ظلاميتهم ورجعيتهم، بل على التيارات الدينية اليوم أن تحمد ربها أكثر وأكثر، فلولا من تصدوا لهم منذ عقود لما تمكنوا من إتحافنا بتخلفهم المستمر إلى اليوم.
 علي محمود خاجه أحيانا يطرح علي تساؤل من المقربين بنية صادقة وحرص أفهمه وأقدره، فحوى هذا التساؤل وإن اختلفت مفرداته يحمل مضمونا واحدا: "ما الجدوى من مهاجمة التيارات الدينية وممارساتهم ومحاولة كشف تناقضاتهم؟ مهما صفق لك الناس فإنهم بالنهاية سيتجهون لتلك التيارات ولا فائدة مما تقول".

ولكي أختصر كل الإجابات أقدّم هذه الفرضية القائمة على أساس واحد، وهو عدم مواجهة اجتهادات التيارات الدينية في المئة عام الأخيرة في الكويت تحديدا، تلك المواجهة التي قادها مفكرون وروّاد كويتيون على مر السنين، فتخيلوا معي ماذا سيكون الوضع لو تم الأخذ بكل ما قيل من التيارات الدينية على مر السنين؟

أولا سيكون المجتمع الكويتي كله أمياً لا يعرف سوى القراءة والكتابة على أن تكون تلك القراءة والكتابة في اتجاه واحد ومحدد مقتصر فقط على القرآن الكريم والأحاديث وقصص الأنبياء، فالعلوم والرياضيات واللغات كلها حرام ومن الأعمال الشيطانية المحرمة كما ادعت التيارات الدينية، بل وصل الأمر بتلك التيارات حتى لتكفير المعلم والمربي وأحد رواد التعليم بالكويت المرحوم يوسف بن عيسى القناعي.

ثانيا: لن تكون حتى تلك القراءة والكتابة متاحة لنساء الكويت ممن حُرّم تعليمهم بالمجمل من بعض التيارات الدينية في القرن الماضي.

ثالثا: لن يتمكن الكويتيون من العمل في ثروتهم الأساسية، وأعني البترول لأن من استكشفه في الكويت بداية هم الكفار الصليبيون، والعمل تحت إمرتهم غير جائز حسب ادعاءات بعض التيارات الدينية سابقا.

رابعا: لن يسمح أبدا بإدخال الراديو، ومن بعده التلفزيون، لأنهما من الوسائل التي لم يرد فيها دليل على إباحتها والأصل عند البعض التحريم.

خامسا: التصوير حرام فإن سمحت التيارات الدينية بالصحافة فلن تنشر الصحف أي صورة، ولن يتمكن الناس من توثيق ذكرياتهم لحرمة التصوير.

سادسا: قد يسمح بإدخال الكمبيوتر للكويت ولكن بما أننا مجتمع أمي فلن نعرف كيف نستخدمه، وقد يقتصر استخدامنا له كآلة حاسبة ضخمة إن أجازوا لنا استخدام الحساب.

سابعا: الستلايت حرام، هذا الطبق الخبيث المدمر للمجتمعات والكاشف للحرمات، عموما لا يهم فالتلفاز حرام أصلا.

ثامنا: هيهات من الإنترنت فهو مدمر للعقول وقد يلهينا عن العبادات.

تاسعا: لا حاجة لتصور تاسعا وعاشرا والمئة.

نعم هكذا سيكون التصور غير الكامل لحال الكويت لو لم تواجه التيارات الدينية منذ القدم، وعلينا أن نحمد الله حمدا كثيرا بأن هناك من واجه وتصدى لتخلفهم على مر السنين؛ كي ننعم نحن بحياة أفضل بعيدة عن ظلاميتهم ورجعيتهم، بل على التيارات الدينية اليوم أن تحمد ربها أكثر وأكثر، فلولا من تصدوا لهم منذ عقود لما تمكنوا من إتحافنا بتخلفهم المستمر إلى اليوم وعبر كل الوسائل التي حرمها أسلافهم.

لذلك فإن مواجهتهم واجبة لحمايتنا منهم وحمايتهم من أنفسهم أيضا، وما عليكم سوى أن تتخيلوا لو توقفت مواجهتنا لهم والخضوع لأفكارهم وأطروحاتهم، فكيف ستكون حال من سيكتب عنا بعد مئة سنة.

back to top