الشباب لا يشاركون «الاحتياطي الفدرالي» حماسته

نشر في 18-03-2017
آخر تحديث 18-03-2017 | 00:00
تشهد الولايات المتحدة صداماً فكرياً بين صناع القرار الأكبر سناً، الذين كانوا يشترون الأسهم متوقعين طرح حوافز مالية، ويسعون إلى تشديد السياسة النقدية، وبين صغار المستهلكين ومشتري المنازل المحتملين الذين يشعرون بأن الأشياء لم تتغير كثيراً منذ الانتخابات الرئاسية، أو أنها ربما سارت نحو الأسوأ.
 بلومبرغ • فاجأ مجلس الاحتياطي الفدرالي الأسواق في الآونة الأخيرة عندما تحدث العديد من مسؤوليه، وآخرهم رئيسة المجلس جانيت يلين، عن مفارقات محتملة في رفع معدلات الفائدة خلال اجتماع لجنة السوق المفتوحة للمجلس الشهر الجاري، وقد أفضى الارتفاع في الثقة الاقتصادية الذي أعقب الانتخابات الرئاسية الأميركية في شهر نوفمبر الماضي الى حدوث تقبل في هذا المسار بين أعضاء مجلس الاحتياطي الفدرالي.

ولكن يتعين علينا التريث أمام هذه الزيادة في الثقة، إذ توجد فجوة ثقة بين الناس الذين يقومون بالاستثمار ويتخذون قرارات السياسة وبين اولئك الذين يحركون ويوجهون الاقتصاد، وإذا تبين أن صناع السياسة قد أفرطوا في ثقتهم فقد يعمدون الى تشديد السياسة النقدية بسرعة كبيرة ربما تهدد بحدوث ركود مبكر.

وقد ارتفعت مفارقات رفع معدلات الفائدة في شهر مارس الحالي من حوالي 40 في المئة الى حوالي 90 في المئة خلال أسبوع واحد فقط، مدفوعة بشكل رئيسي بخطابات من ثلاثة أعضاء في لجنة السوق المفتوحة في مجلس الاحتياط الفدرالي –رئيس المجلس في نيويورك وليم دادلي والحاكم لايل برينارد ورئيسة المجلس جانيت يلين. وفاجأت تلك الخطابات الأسواق لأن التغير في النبرة بين صناع السياسة لم يكن بسبب التغير في أي "معلومات اقتصادية قوية" خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتشير توقعات الناتج المحلي الاجمالي الحالية من مجلس الاحتياطي الفدرالي في أتلانتا الى أن نمو الناتج المحلي الاجمالي خلال الربع الأول من هذه السنة سوف يصل الى 1.8 في المئة – وهي توقعات تقل عن تلك التي صدرت قبل أسابيع قليلة فقط.

ويتمثل الشيء الذي أضفى درجة من الالحاح على فكرة رفع معدلات الفائدة في الشهر الجاري في اجراءات الثقة والظروف المالية، وكما لاحظ زميلي في وكالة بلومبرغ تيم داي فإن دادلي طرح اشارة واضحة الى هذا الجانب في خطابه، وجادل في فكرة رفع تلك المعدلات في شهر مارس، كما لاحظ أيضاً الزيادة في ثقة الشركات والعائلات في الولايات المتحدة منذ الانتخابات الرئاسية في نوفمبر الماضي، اضافة الى الارتفاع في تسهيلات الظروف والشروط المالية وتوقعات حدوث سياسة مالية تحفيزية من جانب الادارة الأميركية الجديدة.

ثقة المستهلكين

والشيء الذي يستحق الملاحظة هو تلك الشريحة التي عبرت عن الزيادة في الثقة، وعلى سبيل المثال فإن اجراءات مجلس المؤتمر المتعلقة بثقة المستهلكين في أوساط الأميركيين الذين تجاوزوا الرابعة والخمسين من العمر ارتفعت منذ شهر أكتوبر الماضي من 84.6 درجة الى 110 وهي الآن عند أعلى مستوياتها في 15 سنة، ولكن على الرغم من ذلك فإن الثقة في أوساط الشريحة التي تقل أعمارها عن 35 سنة قد هبطت منذ شهر أكتوبر من 124.1 الى 116.3.

ولاحظ معهد غالوب في الشهر الماضي أن الرضا منذ الانتخابات الرئاسية ازاء اتجاه الولايات المتحدة قد ارتفع بالنسبة الى الجمهوريين الأكبر سناً في العادة وهبط بالنسبة الى الديمقراطيين الأصغر سناً.

تأثير الثقة على الاقتصاد

سوف يشير من يشعر بتفاؤل ازاء كيفية تأثير الثقة على الاقتصاد الى أن الأميركيين الأكبر سناً هم الذين يملكون القدر الأكبر من المال، وذلك صحيح بما لا يدع مجالاً للشك، ثم إن الارتفاع المباشر والفوري في الثقة في أوساط المديرين التنفيذيين للشركات والمستثمرين الأكبر سناً سوف يظهر في الدراسات المتعلقة بثقة الشركات حيث يتمتعون بتمثيل زائد، وفي الأسواق المالية حيث يقوم الأميركيون الأكبر سناً باتخاذ قرارات حول مخصصات الأصول، ونحن نشهد حدوث ذلك كما أن هذا سوف يشير الى نظرية تقول ان التوظيف والنشاط الاقتصادي سوف يستتبع ذلك في مرحلة لاحقة.

ولكن في أغلب الأحوال فإن الأشخاص الأكبر سناً ليسوا من يقدم على الزواج وينجب الأطفال ويشتري المنازل، وهي الشريحة التي تحرك بشكل رئيسي عملية الاستهلاك والنمو الاقتصادي، وإذا تراجعت مستويات الثقة في أوساط الشباب فإن ذلك سوف يطرح خطراً محتملاً لأن صناع القرار الأكبر سناً يبنون ثقتهم على السياسة والأسواق المالية.

ويتكون مجلس الاحتياطي الفدرالي، مثل معظم مؤسسات صنع السياسة، من أشخاص أكبر سناً في معظم الحالات، والأعضاء الأكبر سناً هم الذين قدموا خطابات ثقة حول رفع معدلات الفائدة في الشهر الجاري، فيما كان العضو الأصغر سناً في لجنة السوق المفتوحة الفدرالية في مينيابولس، نيل كاشكاري (43 عاماً) ضمن شريحة الحمائم. وقال في 21 فبراير الماضي انه لا يزال يظن بوجود البعض من الانكماش في سوق العمل، كما أنه لم يعدل توقعاته الاقتصادية ازاء أي تحفيز مالي محتمل.

ويطلق هذا صداماً فكرياً بين صناع القرار الأكبر سناً الذين كانوا يشترون الأسهم وهم يتوقعون طرح حوافز مالية ويسعون الى تشديد السياسة النقدية وبين صغار المستهلكين ومشتري المنازل المحتملين الذين يشعرون بأن الأشياء لم تتغير كثيراً منذ الانتخابات الرئاسية، أو أنها ربما سارت نحو الأسوأ، وإذا ظنت مجموعة أن الوضع يتحسن وتصرفت على هذا الأساس فيما ظنت مجموعة اخرى العكس فإن الاقتصاد سوف يسير الى كارثة.

back to top