لماذا يعاني كثيرون متلازمة التعب المزمن؟

نشر في 08-03-2017
آخر تحديث 08-03-2017 | 00:00
No Image Caption
تتراكم الأدلة التي تُظهر أن متلازمة التعب المزمن تعود إلى انتقال الجسم إلى طرائق أقل فاعلية لإنتاج الطاقة.
تصيب متلازمة التعب المزمن، التي تُعرف أيضاً بالتهاب الدماغ والنخاع المؤلِم للعضلات، نحو 250 ألف شخص في المملكة المتحدة وحدها. ومن أبرز أعراضها الإنهاك الجسدي والعقلي المستمر الذي لا يتحسّن بعد نيل قسط وافٍ من النوم والراحة. تظهر هذه الحالة عادةً بعد التعرّض لعدوى معتدلة الحدة، إلا أن أسبابها لا تزال مجهولة.

يعتبر البعض أن التعب المزمن حالة نفسية من الأفضل مداواتها بالعلاج السلوكي المعرفي. لكنّ البحوث تشير اليوم إلى أن هذه المتلازمة ربما تعود في حالات كثيرة إلى خسارة المريض القدرة على استغلال سكر النشويات بالكامل بغية توليد الطاقة. للتعويض عن ذلك، تعتمد خلاياه على وقود لا يولّد طاقة عالية، كالأحماض الأمينية والدهون، وتراكم اللاكتات، وهو منتج ثانوي مؤلِم. وهكذا يساهم هذا الطرح في تعليل فقدان الطاقة، فضلاً عن ذلك تسبّب ممارسة التمارين الخفيفة الإنهاك والألم.

الأحماض الأمينية

درس أويشتاين فلوج وفريقه من مستشفى هوكلاند الجامعي في بيرجن بالنرويج الأحماض الأمينية في حالة 200 مريض يعانون متلازمة التعب المزمن و102 شخص لا يعانونها، فاكتشفوا انخفاضاً حاداً في معدلات أنواع من الأحماض الأمينية يمكن استخدامها كوقود في دم النساء اللواتي يعانين هذه المتلازمة.

لكن هذا التراجع لم يظهر في حالة الرجال الذين يعانون هذه المتلازمة. لربما يعود ذلك إلى أن الرجال يميلون إلى استخلاص الأحماض الأمينية للطاقة من العضلات بدل الدم. واعتبر الفريق معدلات الأحماض الأمينية المرتفعة هذه إشارة إلى هذه العملية. يذكر فلوج: «يبدو أن مرضى متلازمة التعب المزمن الرجال والنساء على حد سواء يعانون خللاً في عملية أيض النشويات بغية الحصول على طاقة، إلا أنهم يعوّضون عن هذا النقص بطرائق مختلفة على الأرجح».

علاوة على ذلك، يحمل الجنسان معدلات عالية من إنزيمات تثبط عمل نازعة البيروفات (PHD)، وهو إنزيم ضروري لنقل النشويات إلى متقدرات الخلية بغية توليد الطاقة (مجلة التحقيق السريري).

خلل في حرق السكر

لمّحت دراسات عدة إلى أن الخلل في حرق السكر ربما يسبّب متلازمة التعب المزمن، إلا أن العلماء ما زالوا لا يعرفون كيفية حدوث هذا الخلل. يوضح كريس أرمسترونغ من جامعة ميلبورن بأستراليا، الذي كشف بحثه عن خلل مماثل في معدلات الأحماض الأمينية: «لا نعتقد أن المشكلة تقتصر على نازعة البيروفات، بل ترتبط بعملية أيض السكر عموماً».

يوافقه الرأي روبرت نافيو، باحث من جامعة كاليفورنيا بسان دييغو اكتشف استنفاد الأحماض الأمينية في حالة مرضى متلازمة التعب المزمن، ما يشير إلى أن هذه الجزيئات تُستخدم كوقود. يقول: «ما من إنزيم واحد يعلّل متلازمة التعب المزمن».

إذاً، إلامَ يعود هذا الانتقال إلى نمط مختلف في عملية الأيض؟ يعتقد فريق فلوج أن جهاز المريض المناعي يوقف عمل نازعة البيروفات نتيجة للإصابة بعدوى معتدلة الحدة.

سبق أن أظهر الفريق أن استعمال دواء السرطان الذي يقضي على خلايا مناعية تُدعى خلايا بائية في حالة مرضى متلازمة التعب المزمن يخفّف من هذا المرض. تُنتِج هذه الخلايا الأجسام المضادة، ويظنّ فلوج أن بعض هذه الأجسام المضادة التي تتصدّى للعدوى يعطّل أيضاً نازعة البيروفات.

تشير هذه التأثيرات الأيضية إلى أن لمتلازمة التعب المزمن سبباً كيماوياً. يشدّد أرمسترونغ: «من المؤكد أن التأثيرات التي نلاحظها جسدية لا نفسية. أراهن بحياتي على ذلك». لكنه يضيف أن الكيمياء النفسية وكيمياء الدماغ ربما تؤديان دوراً في بعض الحالات.

back to top