نحل آلي في مزرعتك!

نشر في 08-03-2017
آخر تحديث 08-03-2017 | 00:04
ذات يوم، لن يسمع المزارعون طنين النحل فحسب بين أزهارهم، بل أزيز الآليين أيضاً. يقول علماء في اليابان إنهم نجحوا في تحويل طائرة صغيرة عادية من دون طيار إلى ملقِّح يتحكمون فيه عن بعد بوضعهم شعر حصان مطلياً بـ«جيل» دبق خاص على بطنه.
صحيح أن هذا النظام، الذي وُصف في مجلة Chem، لم يصبح جاهزاً بعد للتوجّه إلى الحقول الزراعية، إلا أنه يمهّد الطريق أمام تطوير تقنيات تلقيح آلية في وقت تواجه فيه مستعمرات النحل تراجعاً حاداً.
في النباتات المزهرة، تشمل العلاقة ثلاثة أطراف غالباً. تحتاج الأزهار التي ترغب في نقل غبار الطلع من أجزائها الذكورية إلى الأجزاء الأنثوية في زهرة متفتحة أخرى إلى مرسال يحمله من زهرة إلى أخرى. يكون هذا الطرف الثالث عادةً من الحيوانات التي تُعرف بالملقّحة: مجموعة متنوعة من الكائنات تشمل النحل، والفراشات، والعصافير، والخفافيش، وغيرها.

ثمة حاجة إلى حيوان ملقّح في عملية تكاثر نحو %90 من النباتات المزهرة وثلث محاصيل طعام الإنسان، وفق خدمة الحفاظ على الموارد الطبيعية في وزارة الزراعة الأميركية. لا يُعتبر تراجع النحل

ظاهرة مقلقة بسبب الخلل الذي يحدثه في النظام البيئي فحسب، بل الخلل الذي يولده أيضاً في الزراعة والاقتصاد. نتيجة لذلك، يحاول الناس العثور على تقنيات بديلة، حسبما يشير باحثو الدراسة، إلا أنهم لم يتوصلوا بعد إلى أي حل فاعل، حتى إن مضار بعضها تفوق فوائده.

فكّر العلماء في استعمال الطائرات من دون طيار، إلا أنهم لم يتوصلوا إلى طريقة تتيح لهم تطوير حشرة آلية تطير بحرية تعتمد على طاقتها الخاصة من دون الحاجة إلى سلك متصل بها.

يذكر إيخيرو مياكو، باحث بارز وعالم كيمياء في المعهد الوطني للتكنولوجيا والعلوم الصناعية المتقدمة في اليابان: «شكّل هذا عملاً بالغ الصعوبة».

«جيل»

تشمل مساهمة مياكو المميزة في هذا المجال جيلاً كان اعتبره هفوة قبل 10 سنوات. كان هذا العالم يعمل على تطوير موائع موصلة للكهرباء. في إحدى المحاولات، توصل إلى «جيل» بدا دبقاً بقدر شمع الشعر. أدرك في الحال أن هذا لا يفي بالغرض. لذلك حفظه مياكو في زجاجة لا سدة لها في الخزانة. وعندما أعاد اكتشافه بعد عقد، لاحظ أن «الجيل» لم يتبدل البتة: لم يجف أو يتفكك مطلقاً.

يخبر: «فوجئت جداً لأنه يتحلّى بلزوجة عالية جداً».

لاحظ عالم الكيمياء أيضاً أن هذا «الجيل»، عند إسقاطه، يمتص كمية كبيرة من الغبار عن الأرض. وهكذا أدرك أن هذه المادة مفيدة جداً لالتقاط غبار الطلع.

أخذ العالم نملاً، طلى بعضه بقليل من «الجيل» الأيوني، ثم سمح للحشرات المطلية به وغير المطلية به بالتجول في حوض من أزهار التوليب. في إثر ذلك، تبيّن له أن احتمال التقاط غبار الطلع أكبر بكثير بين النمل المطلي بـ«الجيل»، مقارنة بالحشرات الخالية من أي مادة دبقة.

شعر حصان

شملت الخطوة التالية اكتشاف ما إذا كان هذا «الجيل» فاعلاً أيضاً عند استخدامه على آليين. اختار مياكو وزملاؤه جهاز تحليق من دون طيار يعمل بأربع مراوح وتبلغ قيمته بالمفرق 100 دولار، ثم علقوا على بطنه الناعم شعر حصان بغية محاكاة جسم النحل المغطى بالوبر. عمل الباحثون بعد ذلك على تغطية شعر الحصان بـ«الجيل»، وحلقوا بهذه الأجهزة فوق أزهار الزنبق اليابانية، حيث تلتقط غبار الطلع من زهرة وتضعه في زهرة متفتحة أخرى، مخصبةً إياها.

تأمل العلماء الشعر تحت مجهر للمسح بالإلكترونات وأحصوا حبوب غبار الطلع المتصلة بالسطح. اكتشفوا أن الآليين المزودين بشعر حصان مطلي بـ«الجيل» حملوا كمية من غبار الطلع أكبر بنحو 10 أضعاف، مقارنة بالآليين الذين لم يُطلَ شعرهم بالجيل.

يشير الباحثون في الدراسة: «من الضروري التدرب مسبقاً على استخدام الملقّحين الاصطناعيين الذين يجري التحكم فيهم عن بعد».

لا يعتقد مياكو أن الآليين يحلوّن مكان النحل بالكامل، ولكن بالإمكان استعمالهم لمساعدة هذه الحشرات في عمليات التلقيح. يقول: «يشكّل التعاون أفضل طريقة».

خطوات ضرورية

ثمة خطوات ضرورية كثيرة قبل أن تتحوّل هذه الفكرة إلى واقع. يجب أولاً تعزيز قدرة الآليين على المناورة والحد من استهلاكهم الطاقة، فضلاً عن زيادة ذكائهم بتحسين ما يستخدمونه من أنظمة تحديد المواقع والذكاء الاصطناعي، وفق مياكو.

كذلك يجب برمجة الآليين للتنقل بأنماط «بحث عن غبار طلع» أكثر فاعلية.

العلماء لم يتوصلوا إلى تطوير حشرة آلية تطير بحرية تعتمد على طاقتها الخاصة من دون سلك متصل بها
back to top