احظروا التغير المناخي لا اللاجئين

نشر في 06-03-2017
آخر تحديث 06-03-2017 | 00:05
 ريل كلير في عام 2007 نشر أحد عشر جنرالاً تُزيّن أكتافهم ثلاث أو أربع نجوم تقرير "الأمن القومي وخطر التغير المناخي"، الذي صاغوه ضمن إطار عمل مجلس استشاري، وساهمت مقاربتهم في تحديد السياسات والخطوات في نهاية عهد بوش. كانت الخلاصة التي توصلوا إليها: "قد يشكّل التغير المناخي عاملاً يضاعف خطر عدم الاستقرار في بعض أكثر مناطق العالم تقلباً، فضلاً عن أنه يمثل تحديات كبيرة في مجال الأمن القومي بالنسبة إلى الولايات المتحدة".

في العقد الذي تلا نشر هذا التقرير تحوّلت المخاطر التي تحدث عنها من نظرية إلى ضرورة ملحّة وحقيقية، يقوم الجزء الأكبر من هذه المخاوف على مضاعفة عدم الاستقرار القائم. على سبيل المثال كان معظم الشرق الأوسط وسورية غارقين في الاضطرابات قبل أن يقضي الجفاف غير المسبوق بين عامَي 2006 و2009 على المحاصيل ويقتل المواشي، ولا شك أن هذا الجفاف زاد الإجهاد والتوتر إلى حد كبير، فقد أدى إلى تهجير الأفراد والعائلات، تاركاً الناس من دون مصدر رزق، أو طعام، أو ماء.

نتيجة لذلك هجر السوريون الريف وانضموا إلى لاجئي الحرب في العراق في المدن المثقلة أساساً، وهكذا ارتفع عدد سكان المدن السورية بين عامَي 2002 و2010 من 8.9 ملايين نسمة إلى 13.8 مليوناً، وفي عام 2011 بدأت الاضطرابات المميتة وها هم اللاجئون السوريون اليوم يبدلون وجه العالم.

بالإضافة إلى ذلك يرى الجيش الأميركي أن التغير المناخي يشكّل خطراً مباشراً يهدد أصول هذا الجيش، فمن المتوقع بحلول عام 2050 أن يواجه نصف المنشآت العسكرية الثماني عشرة الواقعة على السواحل الشرقية وسواحل خليج المكسيك في الولايات المتحدة فيضانات جارفة، لكن السفن التي تنطلق من نورفولك تؤدي مجموعة من الأولويات العسكرية الأميركية الحساسة، منها الاستجابة السريعة في وجه العواصف بحد ذاتها، ففي عام 2013 مثلاً تفاعلت الولايات المتحدة مع الإعصار هايان بنشرها آلاف الجنود وتقديمها دعماً بملايين الدولارات، وذكر لاحقاً العميد المتقاعد ستيفن تشيني، مدير مشروع الأمن الأميركي: "ما من بلد في العالم قادر على تأمين مستوى مماثل من المساعدة الإنسانية، نحن وحدنا قادرون على ذلك".

قبل أشهر من إعصار هايان، سُئل الأميرال البحري سامويل لوكلير الثالث، مسؤول بارز في قيادة القوات الأميركية في المحيط الهادئ، عن الخطر الطويل الأمد الأكبر في المحيط الهادئ، وفي منطقة تحفل بالعلاقات الحساسة والتحديات الكبيرة، مثل الصين وكوريا الشمالية، ففاجأ كثيرين حين أجاب: التغير المناخي.

نظراً إلى مدى المخاطر كيف نحدد الأولويات في استجابة الولايات المتحدة؟ أولاً، يلزم أن نعيد العمل بعملية قبول اللاجئين. تملك الولايات المتحدة نظام تقييم، علماً أن هذا النظام انتُقد كثيراً خلال عهد أوباما لأنه اعتُبر متشدداً على نحو مبالغ فيه، فعلى سبيل المثال تمر 18 إلى 24 شهراً قبل أن يحصل اللاجئ السوري على الإذن بالاستقرار في الولايات المتحدة، ومن الضروري أن تعاود الولايات المتحدة الالتزام بأهدافها الإنسانية الراسخة.

ثانياً، على القادة تخطي الحدود الحزبية والتعاون معاً بغية تقديم حلول مناخية، علماً أن هذه مسألة يجمع عليها الأميركيون رغم الخطاب الذي اعتمدته حملة ترامب، ففي عام 2016 كشف استطلاع مجلس شيكاغو رأي الشعب الأميركي أن غالبية مَن يعتبرون أنفسهم جمهوريين، أو ديمقراطيين، أو مستقلين يدعمون مشاركة الولايات المتحدة في اتفاق باريس بشأن التغير المناخي، كذلك يقدّم الاقتراح الجمهوري الأخير "فرض ضريبة على الكربون" فرصة للتوصل إلى حلول مشتركة بدل الاقتتال بشأن الأسباب.

ثالثاً، من الضروري أن يحفّز القادة المحليون والمسؤولون في الولايات العمل المناخي.

رابعاً، يجب أن تحرص الإدارة والمشرّعون على تمتع الجيش بالأدوات الضرورية لحماية الأمن، ولا شك أن التفاعل السريع مع الحالات الطارئة والطاقة المتجددة يجعلان الجيش غالباً أكثر فاعلية.

تشكّل الولايات المتحدة المساهم التاريخي الأكبر في غازات الدفيئة التي تعزز التغير المناخي، مضاعفة بالتالي الصراعات حول العالم، ويهرب الكثير من اللاجئين اليائسين، الذين ترفض الولايات المتحدة مساعدتهم، من تأثيرات هذا التغير، ويذكر موقع وزارة الخارجية الأميركية على شبكة الإنترنت: "يعكس برنامج استقبال اللاجئين الأميركي أبرز قيم الولايات المتحدة وميولها إلى التعاطف، والكرم، والقيادة".

ولكن إذا أردنا حقاً تحسين أمننا القومي فعلينا مواجهة انبعاثات الكربون التي تعزز تغير المناخ، لا الناس الهاربين منه.

* كارين فيغرت | Karen Weigert

back to top