هو الأمير وليّ هذه الأمة

نشر في 03-03-2017
آخر تحديث 03-03-2017 | 00:00
 عبدالله خلف هو الأمير... والحاملون لقب الأمير من العشائر والقبائل هي ألقاب تسربت في فترات الفوضى، وغفلة بعض المسؤولين... هو الأمير على كل القبائل والعشائر، هو الأمير على البدو والحضر، هو الأمير على المذاهب والملل في البلاد... حلَّقت الكويت بتاريخها الطويل بجناحين قويين؛ الأول توفير الأمان، والثاني دبلوماسية اتقاء الخصوم بالمال لكسبهم كأصدقاء، خلافا لمن يبدد أموال بلده بالمؤامرات والاعتداء على دول الجوار بالحروب الخاسرة.

الجناح الأول توفير الأمن، وإشاعة الأمان، ما جعل جموعا تأوي إلى الواحة الآمنة، وهي بقعة صحراوية، تاركين بلادهم ذات الزرع والضرع، والمياه المتدفقة، هربا من منازعات قبلية وخلافات دينية.

سبق أن استشهدتُ بحكاية الأمن والأمان، وهما مطمع كل الشعوب: كان المغفور له الشيخ مبارك الصباح يُداري الأمور بحكمة مع الحزم، ليوفر الأمان لبلاده وشعبه. فرغم مراسلاته مع الدولة العثمانية كان يتقيها، ليجنب بلاده ويلات بطشها، بالسياسة حيناً، وبالمراوغة. حدث أن جاء إلى الكويت الشيخ عمر عاصم الأزميري مع بداية إنشاء المدرسة المباركية، أول مدرسة نظامية، درس فيها الفقه وعلوم القرآن.

ورغم اتصالات الشيخ مبارك بتركيا، فإنه لم يرها، حتى سنحت له فرص السياسة، فذهب إليها، فوجدها جنة الله في أرضه، حيث المياه والأمطار والأنهار والزراعة واتساع البلاد وطبيعتها الخلابة، فتذكر الشيخ عمر، وتساءل في نفسه: لماذا ترك هذه الجنة وجاء إلينا في بلد غير ذي زرع، ليس فيه من مغريات العصر؟ فأسرَّها في نفسه، حتى عاد إلى البلاد، فسأل الشيخ عمر عاصم عن مجيئه إلى الكويت، وتركه بلاده، وهي جنة الله في أرضه، فقال: يا صاحب السمو ما تقوله عين الصواب، لكن في بلادكم ما نحن محرومون منه، قال: ما هو؟ قال: عندكم الأمان.

نعم، ولا يزال الأمان بفضل الله تعالى سمة البلاد.

* * *

أما الجناح الثاني، فهو كسب الأصدقاء، وتحويل الخصوم إلى من يؤمن جانبهم بالمال والسياسة.

حكاية أوردتها في مقال سابق مفادها: أن لويس بلي (Lewis Pelly) المقيم البريطاني بالكويت في زمن الشيخ صباح الثاني، ابن جابر بن صباح (1859-1866)، روي للمقيم البريطاني، قائلاً: حينما بلغ والدي من العمر 120 عاما، قال لي: أنا لم أجمع ثروة، لهذا لم أترك لك مالاً، لكني كوَّنت العديد من الأصدقاء المخلصين، فاحرص عليهم في الوقت الذي سقطت خلاله دول أخرى وبقيت الكويت.

[المرجع: الكويت في عيون الآخرين. د. يوسف عبدالمعطي. مركز البحوث والدراسات الكويتية 2003].

* * *

نعم سارت الكويت بعهودها حتى الآن زمن الأمير سمو الشيخ صباح الأحمد، فحلَّق بجناحين؛ جناح توفير الأمان، والجناح الآخر كسب الأصدقاء، ولو كان ذلك بالمال.

قوافل الخيرات لا تزال تتحرك نحو الدول العربية وغير العربية المنكوبة. حتى عندما تعرضت الأمم المتحدة إلى عجز في ميزانيتها سارع الأمير إلى سد عجز الأمم المتحدة المالي، والوقوف إلى دول هددتها الحروب، وتعرضت أخرى لجدب أراضيها، حتى هلك ضرعها وزرعها بسبب الجفاف، وأخرى تبددت أموالها من سوء إدارتها.

يتساءل العامة: لماذا تصرف البلاد أموالا في دول عديدة؟ العالم في شبكة موحدة صغيرة... هكذا دفعت دول بعيدة للأمم التي حررت الكويت، كاليابان وألمانيا وغيرهما.

سمو أمير البلاد سليل أسرة كريمة وفَّرت الأمن والأمان، وهو على نهجهم سائر، بإذن الله، وهو دون غيره وهبته الأمم المتحدة لقب "قائد الإنسانية" وهو "عميد الدبلوماسية"، كم أصلح ذات البين، إنه يحسن مواجهة الرياح حتى تهدأ، و"يسوي" الأمور بحكمة وسداد رأي.

إنه وارث مدرسة الحكمة من أسرته الكريمة من عهود إلى عهد الشيخ مبارك الصباح إلى عبدالله السالم، ومن جاء في أثره. نعم الكويت بلد الحكمة، وبلد الأمن والأمان، وبلد الإنسانية.

back to top