تصريحات «حماس»: من المستفيد؟!

نشر في 27-02-2017
آخر تحديث 27-02-2017 | 00:25
 صالح القلاب أليس مُضحكاً حتى الاستلقاء على الظهر أن يقول قادة حركة "حماس" في قطاع غزة، وهم يحتفلون بقائدهم الجديد يحيى السنوار، الذي يقال إنه أكثرهم تشدداً باعتباره "ابن" الذراع العسكرية لهذه الحركة: "إنَّ حل الدولتين ساقط من يومه، ولا بديل عن فلسطين كاملة"، ولعل ما يجب أن يقال هنا إنه من حق كل فلسطيني أن يتمسك بأن فلسطين كاملة، من النهر إلى البحر، فهي وطن الشعب الفلسطيني الذي لا وطن له غيره، لكن بعد كل هذه التجارب المريرة حقاً لابد من التعامل مع الواقع كواقع. والواقع أن تحرير هذا الوطن لا يمكن أن يتم بضربة واحدة، وأنه لابد من حلول "المراحل"، وهكذا فإن أكبر إنجاز من الممكن أن يتحقق في هذه الظروف الصعبة، التي لا أسوأ منها، قيام دولة فلسطينية على كل الأراضي التي أحتلت في عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

والمشكلة في إطلاق الكلام على عواهنه والقول: "إن حل الدولتين ساقط من يومه"، وإن قائليه لا يعرفون أن بنيامين نتنياهو هو الأكثر سعادة بإطلاق هذه التصريحات العرمرمية التي تشبه القنابل الدخانية، إذْ إنه بدوره يعتبر أن هذا الحل، (حل الدولتين)، ساقط من يومه، وأنه -مستغلاً هذه الظروف المأساوية التي تمر بها هذه المنطقة- يسعى إلى استبدال هذا الحل بحل "أعرج" لا يعطي الفلسطينيين إلا "بقعاً" متباعدة من الضفة الغربية، تكون مأوى مؤقتاً فحسب، وإلى حين تتهيأ الظروف لـ"رميهم" شرقي نهر الأردن، كما حدث في عامي 1948 و1967.

وهكذا فإنه من المؤكد أن بنيامين نتنياهو الأكثر سعادة بتصريحات قادة "حماس"، فهي ستجعله يواجه كل من يطالبه بحل الدولتين بالقول، إنه مادامت حركة المقاومة الإسلامية، التي هي القوة الرئيسية في الواقع الفلسطيني! ترفض هذا الحل، وتصر على أنه "لا بديل عن فلسطين كاملة"، فإن من حق الإسرائيليين أن يرفضوا حل الدولتين، وأن يصروا على الحل الذي يتمسك به رئيس وزرائهم، والذي بادرت السلطة الوطنية ومعها الأردن، ومعظم العرب، وأغلبية دول العالم، إلى رفضه والتمسك بحل الدولتين.

إنه على "إخواننا" في "حماس" أن يراجعوا تاريخ القضية الفلسطينية قبل أن يندفعوا بكل هذا "الحماس"، لتصديق كل ما يصدر عن قادة إيران بالنسبة إلى قضية فلسطين، فالمعروف أنَّ هناك، سواء من الفلسطينيين، أو العرب من كان يرفع شعار: "إلقاء الإسرائيليين في البحر"، وأن هناك من أطلق شعار: "تجوع يا سمك"، وكانت النتيجة تلك الكارثة التي لاتزال قائمة حتى الآن، عندما تذرعت إسرائيل بهذه الشعارات وبغيرها، واحتلت في عام 1967 سيناء كلها حتى قناة السويس، والضفة الغربية حتى نهر الأردن، والجولان حتى مشارف دمشق.

يجب ألا يصدق قادة "حماس" ما يسمعونه من تصريحات "عرمرمية" يتوعد فيها الإيرانيون "العدو الصهيوني" بالويل والثبور وعظائم الأمور، إذْ إن من يريد تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، كحل بديل لحل الدولتين، فإنه المفترض ألا يشغل المنطقة كلها بكل هذه الحروب الطائفية القذرة التي يفتعلها في العراق وسورية واليمن ولبنان، والمهم في هذا المجال هو الأفعال لا الأقوال، لذلك فإنه على قادة حركة المقاومة الإسلامية أن ينهوا انقسام الساحة الفلسطينية، وأن يضعوا أيديهم في أيدي إخوتهم في السلطة الوطنية، لتحقيق حل الدولتين، لأن هذا الحل، إن على المدى القريب أو البعيد، خطوة صحيحة مضمونة في اتجاه كل فلسطين.

back to top