المسؤول الدرويش

نشر في 25-02-2017
آخر تحديث 25-02-2017 | 00:10
 أحمد العنزي الدروشة لفظة مشهورة عند الصوفية، يوصف صاحبها بالتقشف والتخفف السلبي من زينة الحياة الدنيا وزهرتها، فيعيش بعضهم على عطايا الآخرين! ويعيش بعضهم على الأناشيد والرقص في الموالد التي ابتدعوها، وأفضلهم حالاً من يعمل لسد رمقه، وكل ذلك بزعم الانقطاع للعبادة، وهل الدين إلا عبادة وعمل ونهضة بالمجتمعات "واسْتَعْمركُم فيها"، ويتفق الدراويش إجمالاً في جهلهم بمهارة التعامل مع الحياة المدنية؛ لعزلتهم عن الناس، فهم جماعة انحرف بهم المسار الفكري عن الإسلام المُصفى، فلا مواكبة لمطالب العصر ولا نهوض بأي مصر.

وينسجم معهم المسؤول الدرويش فكرياً، وإن كان يتبرأ منهم بأعلى صوته، حتى لو كان يحمل أعلى الشهادات، فعقله تشرّب الدروشة وقلبه تغذى منها، فلا للمشورة يقبل ولا عن الرأي يسأل، إن كان يعمل في لجنة في إحدى الوزارات، فهو كثير المعارضة للمجموعة، وإن كان يعمل في إدارة فهو كثير الرفض قليل الخير يطرب عندما يغلق الباب أمام الناس، كأنه عندما يسهل على الناس يدفع من ماله الخاص! ولعل دراويش الصوفية أفضل منه لأن أفعالهم صادرة من نفور من الحياة، أما هو فأفعاله صادرة عن مكر وخديعة.

وجدير بالذكر أن المسؤول الدرويش يحتال لنفسه، فهو يُوظف الدين لتبرير سوء أفعاله فيتجمّل بالورع البارد، وإن كانت الحاجة له أو لأتباع حزبه فيخترع المخارج والرخص وإن كانت حاجة الناس عنده فيطبق عليهم ظواهر النصوص ويحملهم على ورعه المزعوم! فيأخذ بأشد أنواع التعامل بزعم تطبيقه للقانون! وهل القانون شريعة ربانية لا يُحاد عن نصها أو سنة نبوية يُلتزم عينها؟ حتى نصوص الوحيين لها منطوق ومفهوم وأحوال وقرائن وضرورات واستثناءات يعمل بها عند الحاجة، القانون الإداري وجد لخدمة الناس وتسهيل الحياة عليهم وهو منسجم إجمالاً مع المصالح المرسلة التي تكلم عنها علماء الأصول، فلا تجلد الناس بسوط القانون الذي وجد لخدمتهم.

ويتميز المسؤول الدرويش بضعف حساباته وسوء تقديراته، فلا ينتبه لتقلبات الأيام فينسى أنه مُعرّض للنقل أو التقاعد أو الموت! فحينها لا ينفع الندم؛ لأنه لم يجعل لنفسه سيرة طيبة ولم يترك في نفوس الآخرين بصمة نيرة.

أطالب ديوان الخدمة المدنية بأن يشترط في لجان مقابلات الوظائف الإشرافية وجود طبيب نفسي يحلل الشخصية لنسلم من قيادة المضطربين والجبناء.

همسة:

عزيزي المسؤول انتبه فدوام الحال من المحال.

back to top