الممثل كيفن كوستنر: لا يسرّني ما يحصل في أميركا اليوم ولكنني متفائل بطبعي وأحلم باستمرار

نشر في 23-02-2017
آخر تحديث 23-02-2017 | 00:00
يتحدّث الممثل والمخرج كيفن كوستنر في هذه المقابلة عن تأثره بفيلم Hidden Figures (شخصيات خفيّة) الذي يروي قصة ثلاث نساء أميركيات من أصل إفريقي ودورهن في إطلاق أبرز مهمة فضائية حول الأرض في فبراير 1962.
قبل صدور فيلم Hidden Figures، هل كنت تعرف بوجود تلك النساء؟

أعترف بأنني لم أعرف بوجودهن. لن أقول إنني أشعر بالخجل من ذلك لكن أزعجني ما حصل. من الواضح أن تاريخنا يعجّ بحوادث لا نعرف بها. هل يمكن أن نتصوّر أن الولايات المتحدة لم تكن تتقبل أفكار الثقافات المختلفة في مرحلة معينة ولا تتقبّل بعضها حتى الآن؟! في هذه القصة بالذات، لا يمكن أن نتقبّل إخفاء دور شابة أميركية من أصل إفريقي في إحدى أهم لحظات القرن العشرين. كانت تقوم بحساباتها يدوياً وتوقفت قدرتنا على إرسال جون غلين إلى الفضاء عليها.

هل تظن أن هذه القصة بقيت خفيّة عمداً؟

لا. حصل ذلك بحسب رأيي من باب الكسل أو العجرفة.

هل كان صدور الفيلم في مرحلة تتجدّد فيها مظاهر العنصرية في الولايات المتحدة مجرّد مصادفة؟

واثق من أن الفيلم كان ليعطي الأثر نفسه لو أنه صدر منذ 10 سنوات. تصيبني قشعريرة حين أفكر اليوم بأن السود كانوا يُمنَعون من استعمال الحمّام نفسه مع البيض منذ فترة غير بعيدة في بلد الحريات. في مشهد من الفيلم، أزيل تلك اللافتة المشينة التي كُتِب عليها «ممنوع دخول السود». يسهل أن يتفاعل المشاهدون مع هذا المشهد وكان كافياً كي ينهضوا ويصفقوا. يجب استعمال هذا الفيلم كمرآة لطرح أسئلة وجيهة. فعلاً، أحرزنا تقدماً كبيراً لكنه ليس كافياً.

هل واجهتَ في أية لحظة من حياتك شكلاً من أشكال الظلم؟

نعم، لكني لم أواجه مواقف خطيرة جداً. نظراً إلى طبيعة المكان الذي كنت أقيم فيه، شاهدتُ مظاهر العنصرية في مناسبات كثيرة، من بينها في ملعب مدرستي. أتحدر من بيئة محافظة جداً، وساعدتني هذه الأجواء لاحقاً على أداء الشخصيات التي قدّمتُها لكنها لم تؤثر في نظرتي إلى العالم، إذ لطالما رأيتُه بعيون والديّ. لكني فهمتُ لحسن الحظ ضرورة أن أفصل نفسي عن تلك الأفكار. كل إنسان هو نتاج بيئته، لكن يجب أن يقرر في مرحلة معينة من حياته الشخص الذي يريد أن يصبح عليه.

قال فاريل ويليامز الذي شارك في إنتاج هذا الفيلم وتولى تأليف المقاطع الموسيقية فيه: «كلما حاولتم تحجيم النساء، ستزيدونهنّ قوة». ما رأيك في ذلك؟

بل ستجبرونهنّ على اكتساب القوة!

مواطن عالمي وسياسة

بعيداً عن التمثيل، ما أكثر ما يعبّر عنك؟

قدرتي على استيعاب أفكار جديدة والتعامل بسخاء مع الآخرين وإحراز التقدم! كنت محظوظاً جداً في حياتي وأحرص على أن يستفيد الآخرون أيضاً من حظي. سأكون مجرّداً من الإنسانية ما لم أفعل ذلك. صحيح أنني إنسان بسيط جداً وأميركي بامتياز، لكني أتعامل مع مختلف المسائل كمواطن عالمي.

كيف يمكن أن يحافظ الممثل على استقامته تزامناً مع تقدّمه في هوليوود؟

يجب أن نحمل وجهة نظر محددة. لكن لا يحمل نصف الناس في هوليوود أية وجهة نظر. شخصياً، لا أتبع النزعات الرائجة ولن أتبعها يوماً. كنت أشارك في أفلام مماثلة قبل أن تصبح شائعة. منذ سنتين، أنتجتُ فيلم Black or White (أسود أو أبيض). فعلاً، لطالما فعلتُ ما أريده بطريقتي الخاصة وفي التوقيت الذي أختاره.

تمرّ الولايات المتحدة بمرحلة حساسة جداً من تاريخها. كيف تنظر إلى المستقبل؟

لا يمكن إلا أن نتفاءل! أجد صعوبة في تقبّل فكرة أن يقضي شخص على مفهوم الحرية الذي يشكّل جوهر هذا البلد. لستُ مسروراً بأي شكل مما يحصل اليوم. لكني أؤمن بأن الرجال والنساء الذين يحملون قناعات حقيقية سيتّحدون لإسماع أصواتهم. يعبّر عدد متزايد من الناس عن قلقهم من التدهور البيئي والظلم العنصري، ومع ذلك لا تتلاشى مظاهر الظلم وتستمر الحروب. جعلَنا عشرات الأفراد في هذا العالم رهائن لديهم، إذ يكفي أن يجتمع عدد صغير من الأشخاص كي يفسدوا العالم كله.

العائلة والأحلام

لديك سبعة أولاد تتراوح أعمارهم بين 6 و32 عاماً، منهم ثلاثة أولاد من زوجتك الأخيرة كريستين. أي رسالة تريد توجيهها لهم؟

أنا مستعد لفعل كل ما يلزم لإسعاد أولادي. ربيتُ شخصياً بلا مال، لكني أريدهم أن ينسوا أنهم من أصحاب الامتيازات. أكرر على مسامعهم دوماً أنهم وُجدوا في هذا العالم كي يُحدثوا فرقاً حقيقياً.

أي نوع من الآباء أنت؟

أنا حاضر في حياة أولادي وأعبّر عن حبي لهم بكل وضوح وأعانقهم طوال الوقت. حين لا أكون منشغلاً بالعمل، أصطحبهم بنفسي إلى المدرسة في الصباح. وحين أعود إلى المنزل في المساء، ألعب معهم. لكني أتصرّف بحذر شديد أيضاً وأجادلهم دوماً كي لا يضيّعوا وقتهم على هواتفهم الذكية مثل معظم المراهقين اليوم.

لا ينقصك شيء اليوم. هل لديك أية أحلام أخرى؟

أحلم باستمرار. أعشق الحياة. أحب أن أتعلّم وأعلّم الآخرين. لكني أريد في المقام الأول أن أكون متصالحاً مع نفسي.

هل حقّقتَ هذا الهدف؟

أظن ذلك. لكن لا يمنعني هذا الوضع من التخطيط لمشاريع تثير حماستي. يمكن أن أمضي الليل كله وأنا أخطط ليوم الغد ثم أنهض باكراً وأستعد لبدء المعركة.

كنت سأصبح صياداً

ماذا كان كيفن كوستنر ليفعل لو لم يستعمل السينما للتعبير عن نفسه؟ يجيب: «أطرح هذا السؤال على نفسي دوماً. لا أحب المدن بطبيعتي. أظن أنني كنت لأعيش في الشمال الغربي وأصبح صياداً. لو لم أكن ناجحاً كرجل أعمال، كانت حياتي لتنهار منذ فترة طويلة. أما الشهرة، فلا أعتبرها غاية بحد ذاتها».

يتابع: «لم أشأ يوماً أن أصبح مشهوراً بل أريد أن أتصرف على سجيتي بكل بساطة».

الممثل الذي يبلغ 62 عاماً، يثق، كما يقول، بقناعاته «مع أنني أكون أحياناً جزءاً من الأقلية».

أريد لأولادي أن ينسوا أنهم من أصحاب الامتيازات

شاهدتُ مظاهر العنصرية في ملعب مدرستي
back to top