أهمية ما قاله جاويش أوغلو!

نشر في 22-02-2017
آخر تحديث 22-02-2017 | 00:19
 صالح القلاب عندما يقول وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، مضطراً، إن الدور الإيراني يزعزع الاستقرار، وإن طهران تسعى إلى تحويل سورية والعراق إلى دولتين شيعيتين، فإن هذا يعني أن الإيرانيين قد تمكنوا من فرض "أجندتهم" الطائفية على هذه المنطقة التي يبدو أنها - في ضوء كل ما يجري - ذاهبة إلى صدام صفوي - تركي جديد، سيكون العرب فيه مرغمين على الاصطفاف إلى جانب تركيا، كما اصطف أجدادهم بجانب الدولة العثمانية خلال الهجمة الصفوية على العراق.

وبالطبع، فإننا لا نتمنى أن يحدث هذا على الإطلاق، بل نتمنى أن تدرك إيران أن توجهاتها هذه هي التي اضطرت تركيا إلى أن تتحدث عنها بكل صراحة ووضوح على لسان وزير خارجيتها، بعد صمت طويل فرضته عوامل كثيرة، من بينها الحرص على عدم إقحام هذه المنطقة التي تعاني أوجاعاً كثيرة في مواجهة، بل مواجهات، مذهبية يبدو أنها في حقيقة الأمر - في ضوء كل ما يجري في العراق وسورية واليمن ولبنان أيضاً - غدت تحصيل حاصل!

لقد كان هذا الذي تحدث عنه وحذر منه أوغلو واضحاً ومعروفاً، إلا لمن لا يريد أن يعرف ويرى، منذ انتصار الثورة الإيرانية في مثل هذه الأيام قبل ثمانية وثلاثين عاماً، حيث بدأ التدريب لحرب طائفية بدأ الترويج لها منذ اللحظة الأولى، وذلك رغم أن العرب عموماً كانوا يتوقعون أن تفتح طهران صفحة جديدة معهم، وأن يصبح الخليج العربي، أو الفارسي، جسر تقارب ومصالح مشتركة، وأن يكون التحشيد القادم من أجل فلسطين وتحرير القبلة الأولى للمسلمين من الاحتلال الإسرائيلي.

ما كان العرب، وخاصة عرب الخليج، يريدون استبدال الصدام مع إسرائيل بصدام مع إيران التي من المفترض أنها دولة شقيقة، ويربطها بأشقائها الذين تجمعهم بها أخوة الإسلام تاريخ مشترك طويل، تداخلت فيه الحضارة العربية بالفارسية، لكن هذه الرغبة الصادقة فعلاً لم تقابل من "طهران الثورة" برغبة مماثلة، بل إن الإصرار على أن الجزر الإماراتية الثلاث إيرانية اشتد أكثر مما كان في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، وأن الخليج فارسي، "ولا يمكن أن يكون إلاّ فارسياً"!

وحتى بعد انتهاء حرب الأعوام الثمانية، التي كان بالإمكان تحاشيها لو أن طهران لم تواصل عمليات التحشيد الطائفي، على غرار ما هو حادث الآن، فقد كان بالإمكان تحسين العلاقات العربية – الإيرانية، وأن تكون هناك مسارات جديدة لهذا التحسين المفترض، بعد الغزو الأميركي وإسقاط نظام صدام حسين، لكن هذا لم يحدث، لأن إيران استغلت مستجدات هذه المنطقة، وبادرت إلى تمددها الاحتلالي هذا في العراق وسورية، وإلى السعي لتحويل هاتين الدولتين إلى "شيعيتين"، كما قال أوغلو يوم الأحد الماضي في ميونخ، حيث عقد مؤتمر للأمن و"وضع حد للسياسات الإيرانية في الشرق الأوسط".

back to top