البشر والحيوانات وفجوة الذكاء بينهما

نشر في 22-02-2017
آخر تحديث 22-02-2017 | 00:00
No Image Caption
تسلّط الفجوة الصغيرة بل البالغة الأهمية بين البشر والحيوانات على الأرض الضوء على الأسباب التي تحول دون رؤيتنا الفضائيين الزوار.
في منتدى «توسيع وجهات النظر بشأن نشوء المحيط الحيوي» الذي عُقد في طوكيو أخيراً، قدّم العالم الإحاثي البريطاني سايمون كونواي موريس محاضرة عن الرابط بين قدرات الحيوانات الفكرية وبين الحياة الذكية المحتملة خارج الأرض، موضحاً بعض النقاط المثيرة للاهتمام.

تشمل أسباب شهرة كونواي موريس كتابه عام 2003Life’s Solution:Inevitable Huصmans in a Lonely Universe (حل الحياة: بشر حتميون في كون وحيد)، الذي شدّد على أن التطور في كواكب أخرى سيتوصل إلى حلول مماثلة لما نراه على الأرض، وأن الإنسان الآلي أو الكائنات التي تعمل على غراره حتميان. يدعو العالِم هذا المفهوم «التطور التقاربي». لكن محاضرته الأخيرة طرحت نقطة مختلفة تماماً، ويبدو أنها تتناقض مع جزء على الأقل من الاقتراحات في كتابه السابق.

تشير النقطة الرئيسة في المحاضرة الجديدة إلى أن الحيوانات بصريح العبارة غبية، وأنها لن تتمكن مطلقاً من فهم التفكير البشري أو بلوغ مقدرات البشر الفكرية. صحيح أن بعضها، مثل الغربان والشمبانزي، يجيد استعمال الأدوات إلى حد ما، إلا أن ما يستطيع تحقيقه يبقى محدوداً. ويؤكد كونواي موريس أن الحيوانات لن تتمكن من مضاهاة قدرة البشر الفكرية، سواء من ناحية تأمل النفس أو التفكير المجرد. كذلك لن تنجح في فهم الدعابات، أو السخرية، أو الأعداد المعقدة. نتيجة لذلك، من المستبعد أن تصبح كائنات فضائية ذكية يمكنها السفر في الفضاء.

تبدو فكرة أن الحيوانات على الأرض لا تملك فهماً حقيقياً لسلوك الإنسان حجة منطقية. ومن الواضح أن ثمة فجوة ذكاء كبيرة بين البشر وبين الحيوانات على الأرض. نتيجة لذلك، لا تشكّل الحيوانات نظيراً مناسباً لأشكال الحياة المتقدمة تكنولوجياً خارج الأرض (لكن هذا الأمر قد يصحّ في مجال الذكاء فحسب لأن تنوع أشكال الحياة على كوكبنا يشير إلى احتمالات كثيرة في ما يتعلّق بأوجه الحياة الفضائية الأخرى، مثل تركيبة الجسم، والتواصل، والسلوك الاجتماعي).

ثمة أسئلة كامنة أعمق هنا. لما كنا، كما يزعم بعض الباحثين، نتحدّر من أسلاف من الحيوانات، فلا بد من أن الفجوة بيننا وبينها سُدت في مرحلة ما. ربما لم يتحقق ذلك فجأة، بل استغرق تطوراً متواصلاً. ولكن هل كانت قدرات إنسان الكهف متقدمةً حقاً بقدر ما هي عليه اليوم؟ وكم بلغت قدرته على فهم المسائل المجردة والأرقام المعقدة؟

لما كان الإنسان المعاصر يمثل دليلاً على أن سدّ هذه الفجوة أمر ممكن، قد نسأل: لمَ لم تُسد في وقت أبكر ربما من خلال أخطبوط ذكي، أو ديناصور فطين، أو دلفين، أو قرد آخر؟ أُتيحت أمام هذه الحيوانات فترة للتطور تفوق ما حظينا به نحن بملايين السنين، إلا أنها لم تنجح في تخطي هذه الفجوة. فهل نحن مميزون حقاً؟ وإن صح ذلك، ماذا يميزنا؟ هل نشكّل حقاً سايبورغاً (كائن يتكون من مزيج من مكونات عضوية وبيو-ميكاترونية) مولوداً طبيعياً، كما يذكر آندي كلارك؟

تشكّل هذه الأسئلة جوهر معضلة فيرمي (أو التي تُدعى بحق «الصمت العظيم»): لغز لمَ لم نرَ كائنات فضائية تسافر في الفضاء. كم تُسد فجوة الذكاء هذه على الكواكب الأخرى؟ يقول كونواي موريس إننا نعيش على الأرجح في حديقة حيوانات كونية. وإن كان لا يزال يؤمن بمفهوم التطور التقاربي الذي طرحه سابقاً، أفلا يمتد ليشمل ظهور كائنات فضائية ذكية ومتقدمة تكنولوجياً؟

back to top