النجدة... الكلّ يريد لمس بطني!

نشر في 07-02-2017
آخر تحديث 07-02-2017 | 00:04
No Image Caption
منذ أصبحت حاملاً بتّ لا أعرف إن كان هذا بطني أو بطن الآخرين. يريد الناس جميعهم لمسه: أمي، أختي، خالاتي، الأقارب، حتى الجارات كلهن يلمسن بطني مراراً. طابور من النساء يسعى إلى هذا الهدف وكأنه انتقال إلى دنيا الأحلام.
«في أي شهر من الحمل أنت يا حبيبتي؟» تسألني جارتنا سميرة وهي تضع يدها على بطني وتربته أكثر من مرة. «في الشهر الخامس» أجيبها. «يا حبيبتي اهتمي بالأكل جيداً. الغذاء أساسي في هذه المرحلة.

حاولي النوم قدر المستطاع ولكن ليس على بطنك، ولا تحملي الأشياء الثقيلة»، تقول وهي تمسّد بطني بحركة دائرية وتسترسل في مزيد من النصائح.

طالما تساءلت عن السبب الذي يحدو بالناس إلى وضع يدهم على بطني حين أكون حاملاً كأن ثمة مغناطيساً يشدهم إليه. تشرح منى الاسطنبولي، وهي اختصاصية في علم النفس، الأمر بالتالي: «حين يرى الناس امرأة حاملاً يعيشون معها تجربة اجتماعية. يكفّ البطن عن كونه ملكاً لها ليتحوّل إلى ملكية للجميع، بل للمجتمع الذي تعيش فيه الحامل».

من السهل جداً أن نفهم هذا الأمر في حال النساء، فكل امرأة ترى نفسها في المرأة الحامل. «حين تلتقي أية امرأة مثيلتها الحامل ترى نفسها فيها»، تؤكد اسطنبولي. وتتابع: «حتى لو أن المرأة تنتظر مولوداً، فإنها تتخيّل نفسها حاملاً وأنها من سيضع الطفل. إنه أمر غريب ولكنه يحصل مع النساء دائماً. ثم في فترة الحمل، تفقد المرأة خصوصيتها، فهي تقصد الطبيب النسائي أكثر من مرة وفي فتراتٍ متقاربة غالباً. «في تلك اللقاءات، تشعر كأن خصوصيتها مع حملها تعرّضت للانتهاك، فهي في حال تفحّص دائم سواء من الطبيب أو من المحيطين بها»، تشير اسطنبولي.

ذكريات جميلة ولكن...

الحمل حدث سحري، يرتبط بذكريات جميلة غالباً. ولكن ثمة حالات لا تعيش فيها المرأة حملها بشكلٍ جيد فتشعر بأنه عبء عليها بدلاً من أن تعيشه بفرحٍ عارم. ربما تنزعج من شكلها ومن تغيّرات تحصل في جسدها. «حين أصبحت حاملاً»، تقول سعيدة (35 عاماً)، «شعرت فجأة بأن جسمي ليس ملكي. كنت منزعجة من تغيرات عدة ألحظها، فقد كبر ثدياي فجأة وصار بطني أشبه بكرة كبيرة. أذكر أنني كرهت هذا التغيير الجذري في جسدي. كان شيء ما يقضّ مضجعي كأنني أرفض أي تغيير مرافق للحمل، الأمر الذي لم يكن منطقياً طبعاً. ولكن فعلاً، لم أكن سعيدة خلال فترة الحمل على عكس كثير من صديقاتي. غرقت في دوامة من القلق، ورغبت في العودة إلى الحال التي كنت عليها سابقاً».

بالنسبة إلى سعيدة، كلما وضعت امرأة يدها على بطنها، كانت تشعر بانزعاج شديد. «ما كنت أشعر بالسعادة أبداً حين تلمس أية امرأة بطني. بل على العكس، أحسست كأنني مجرّد بطن، أو أن شخصيتي اختفت، فكل ما يركّز عليه الآخرون بطني، وكان ذلك يغضبني كثيراً. فضلاً عن أنني كنت أتضايق جداً من عدم قدرتي على ارتداء ما يحلو لي من ملابس. كنت أشعر بأنني سأنفجر في أي لحظة، فأعضاء جسمي كافة لم تعد كما عهدتها. لا أعرف كيف يمكن لأي امرأة أن تفرح بهذا الواقع. أحسد اللواتي يقلن إنهن يشعرن بأفضل حال في أوقات الحمل، فأنا لم أعرف أبداً هذا الشعور»، توضح سعيدة بنظرة تحسّر.

لست الوحيدة

وفق اسطنبولي ليست سعيدة المرأة الوحيدة التي يلازمها الانزعاج خلال الحمل، فعدد لا يستهان به من النساء وفق رأيها يمرّ بحالة عصيبة خلال هذه الفترة بسبب التغيّرات الهرمونية والشكلية الطارئة على الجسد. تفضل تلك المرأة أن تحيا حملها بخصوصية مطلقة، ومن هذا المنطلق لا تحبذ أية محاولة للمس بطنها أو حتى فتح هذا الموضوع. على الآخرين توخي هذا الأمر واحترام خصوصيتها في هذه الحالة. ولكن غالبية الناس لا يعيرون حاجات الحامل أو ما تفضله أي اهتمام، فلا يتفاعلون معها إلا من منطلق ما يريدونه هم أو ما يشعرون بضرورة القيام به. لذا تنصح اسطنبولي المرأة الحامل بأن تصارح الآخرين بوضوح عما تتوقعه منهم. يمكنها مثلاً أن تقول لهم إنها لا تشعر بأنها بخير الآن، وتفضل أن يلمسوا بطنها في مرحلة لاحقة. «على المرأة الحامل ألا تخجل من مصارحة الآخرين برأيها فإن وضعت الخطوط الحمر لهم لما تجرؤوا على تخطيها، خصوصاً إن كان البعض يتصرّف بشكل مزعج ويضع يده على بطنها بين الفينة والأخرى بشكلٍ دائم».

تختم اسطنبولي: «المرأة الحامل هي من يتحكّم بزمام الأمور في هذه الحالة، وتقع على عاتقها مسؤولية تحديد كيفية تصرّف الآخرين تجاه بطنها. وهكذا يكون الجميع مرتاحاً».

عدد لا يستهان به من النساء يمرّ بحالة عصيبة خلال الحمل بسبب التغيّرات الهرمونية
back to top