«التمييز» تفتح باب الطعن على أحكام تقدير أتعاب المحاماة «غير المكتوبة» بعد حكم «الدستورية»

ألغت حكماً لمحامٍ بـ 7 آلاف دينار من دائرة الاستئناف المدنية وقررت عدم اختصاصها

نشر في 10-01-2017
آخر تحديث 10-01-2017 | 00:02
محكمة التمييز
محكمة التمييز
فتحت محكمة التمييز باب الطعن على الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف المدنية لمصلحة المحامين أو المتقاضين الذين لجأوا إليها بطلب تقدير أتعاب المحاماة، نتيجة عدم وجود عقود مكتوبة فيما بينهم عند الاتفاق، وذلك مجددا أمام المحكمة الكلية للمطالبة بتلك الحقوق، بعد صدور حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون مهنة المحاماة أو أمام محكمة التمييز إذا كان الطعن ممكنا.
أكدت التمييز، في حيثيات حكمها الصادر برئاسة المستشار عادل العيسى، أن حكم الدستورية أزال الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون المحاماة التي كانت تعطي الاختصاص للدائرة المدنية بمحكمة الاستئناف، وقرر أن تتم تسوية النزاع وفق القواعد العامة بمطالبة الحقوق بين المحامي وموكله.

ولفتت الى أن الحكم الصادر في هذه الدعوى صدر من محكمة الاستئناف في 21/2/2016، قبل صدور حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون المحاماة، والذي صدر من المحكمة الدستورية في 27/4/2016، ونشر بالجريدة الرسمية في 8/5/2016.

حكم ملزم

وأوضحت محكمة التمييز ان مؤدى قضاء المحكمة الدستورية هو التقرير بإبطال النص التشريعي وزواله وإنهاء قوة نفاذه واعتباره كأن لم يكن منذ نشأته، وهو حكم ملزم للكل ولسائر المحاكم، إعمالا لنص المادة الأولى من قانون إنشاء المحكمة الدستورية رقم 14 لسنة 1973.

وزادت: «ومن ثم فقد بات متعينا على المحاكم عدم إنزال النص المقضي بعدم دستوريته لتعلقه بالنظام العام، وعليه فقد بات الحكم المطعون فيه (الصادر من الدائرة المدنية من محكمة الاستئناف بطلب المحامي) غير معصوم من الطعن عليه، وبما يصبح معه الطعن عليه جائزا.

وشددت على أن الحكم المطعون عليه صدر «لمصلحة المحامي» من الدائرة المدنية بمحكمة الاستئناف، قبل صدور حكم المحكمة الدستورية، وأعمل حكم الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون المحاماة رقم 62 لسنة 1996، والمقضي بعدم دستوريتها، وقضي للمطعون ضده «المحامي» بالأتعاب التي قدرها «الحكم» بما ينطوي على قضاء ضمني باختصاصها نوعيا بنظر هذا الطلب ابتداء، بالرغم من الاختصاص النوعي والقيمي بنظر تلك المنازعة أصبح يخضع للقواعد العامة للتداعي، وهو ما يعيبه ويوجب تمييزه، وذلك لان المنازعة بعد حكم المحكمة الدستورية أصبحت تخضع للقواعد العامة للتداعي.

ومن المتوقع أن يعيد الحكم فتح المنازعات بين المحامين وموكليهم حول الأحكام التي صدرت من دائرة الاستئناف المدنية قبل صدور حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرة الاولى من 32 من قانون المحاماة وبعدم اختصاصها.

وقائع الدعوى

وقالت المحكمة: «تتحصل وقائع الدعوى، التي نظرتها محكمة التمييز، في أن المطعون ضده بصفته محاميا سبق أن تقدم إلى الدائرة المدنية بمحكمة الاستئناف، بطلب لتقدير أتعابه عن الجهد الذي بذله في الدفاع عن الطاعن فيما وكله فيه من المنازعات المبينة به».

وزادت: «وإعمالا للمادة 32 من القانون رقم 1964 المعدل بالقانون رقم 62 لسنة 1996 قررت المحكمة بتاريخ 21/2/2016 تقدير مبلغ سبعة آلاف دينار أتعاب محاماة للمطعون ضده، ثم طعن الطاعن (الموكل) في هذا القرار أمام نفس المحكمة التي أصدرته بطريق التماس إعادة النظر وحكمت المحكمة بتاريخ 42/4/2016 بعدم جواز الالتماس، ثم طعن الطاعن على الحكم الأخير بطريق التمييز، وطعن بالطعن على حكم محكمة الاستئناف، واودعت النيابة مذكرة طلبت فيها قبول الطعن على حكم محكمة الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بتمييز الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الطعن الثاني المقام على حكم الالتماس.

وعن الطعن المقام على الحكم الذي أصدرته هذه المحكمة أكدت المحكمة ان البحث في جواز الطعن يسبق الفصل في الشكل فإن المحكمة تعرض لجواز الطعن ثم الى شكله، وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة انه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وينسحب هذا الأثر على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره حتى ولو أدرك الدعوى أمام محكمة التمييز لتعلق ذلك بالنظام العام، وعلى محكمة التمييز إعمال هذا الاثر من تلقاء نفسها.

أحكام كاشفة

واضافت المحكمة: «وكان الأصل في الأحكام القضائية أنها كاشفة وليست منشئة، إذ هي لا تستحدث جديدا ولا تنشئ مراكز او اوضاعا لم تكن موجودة من قبل، بل تكشف عن حكم الدستورية أو القانون الأمر الذي يستتبع معه أن يكون للحكم بعدم الدستورية اثر رجعي كنتيجة حتمية لطبيعته الكاشفة، وانه وإن كانت محكمة التمييز تباشر الرقابة القانونية على الحكم المطعون فيه فيما طبقه من نصوص قانونية الا ان ذلك لا يحول دون إنزال النصوص القانونية المعمول بها عند الفصل في الطعن على ما حصله الحكم المطعون فيه من وقائع، وهو منها يعد صميم الرقابة القانونية التي ناط بها المشرع تطبيقها».

واردفت: «وحيث إن واقعا قانونيا متعلقا بجواز الطعن على الحكم المطعون فيه - قد طرأ بعد صدور الحكم المطعون فيه منشؤه وقوامه صدور حكم من المحكمة الدستورية بجلسة 27/4/2016 المنشور بالجريدة الرسمية في العدد 1287 بتاريخ 8/5/2016 بشأن تنظيم مهنة المحاماة أمام المحاكم المعدل بالقانون رقم 62 لسنة 1996 فيما تضمنته من النص على أنه «... وفي حالة عدم وجود اتفاق مكتوب على الأتعاب او بطلان الاتفاق يعرض أمر تقديرها على الدائرة المدنية بمحكمة الاستئناف للفصل فيه بعد الاستئناس برأي جمعية المحامين بقرار نهائي غير قابل للطعن».

وبينت أنه كان مؤدى قضاء المحكمة الدستورية التقرير بإبطال النص التشريعي وزواله وإنهاء قوة نفاذه واعتباره كأن لم يكن منذ نشأته وهو حكم ملزم للكافة ولسائر المحاكم إعمالا لنص المادة الأولى من قانون إنشاء المحكمة الدستورية رقم 14 لسنة 1973، ومن ثم فقد بات متعينا على المحاكم عدم إنزال النص المقضي بعدم دستوريته على موضوع النزاع المطروح عليها، ومتى كان ما تقدم وكان النص القانوني الذي حظر الطعن بالتمييز على الحكم المطعون فيه، ومن ثم يتعين إعمال أثر الحكم بعدم دستوريته لتعلقه بالنظام العام، وعليه فقد بات الحكم المطعون فيه غير معصوم من الطعن عليه وبما يصبح معه الطعن عليه جائزا.

اتفاق مكتوب

واوضحت المحكمة ان مفاد الحكم الصادر من المحكمة الدستورية المشار إليه ان المنازعة بين الموكل ومحاميه بشأن تقاضي الأخير أتعابه، سواء سواء وفقا للعقد المحرر بينهما أو في حالة عدم وجود اتفاق مكتوب أو كان الاتفاق باطلا، باتت تخضع للقواعد العامة في التداعي ولطرق الطعن المقررة لما يصدر فيها من أحكام، واضحت الدائرة المدنية بمحكمة الاستئناف غير مختصة نوعيا بنظر تلك المنازعة.

واضافت: «لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر من الدائرة المدنية بمحكمة الاستئناف قبل صدور حكم المحكمة الدستورية المشار اليه، وأعمل حكم الفقرة الاولى من المادة 32 من القانون 62 لسنة 1996 والمقضي بعدم دستوريتها، وقضى للمطعون ضده بالأتعاب التي قدرها بما ينطوي على قضاء ضمني باختصاصها بنظر هذا الطلب ابتداء، بالرغم من ان الاختصاص النوعي والمقيمي بنظر تلك المنازعة أصبح يخضع للقواعد العامة للتداعي، وهو ما يعيبه ويوجب تمييزه».

ولفتت الى ان مفاد نص المادة 156 من قانون المرافعات المدنية والتجارية انه اذا قضت محكمة التمييز بتمييز الحكم المطعون فيه بسبب مخالفته قواعد الاختصاص فإنها تقتصر على الفصل في مسألة الاختصاص مع تعيين المحكمة المختصة عند الاقتضاء، لما كان ذلك وكانت المحكمة قد ميزت الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 21/2/2016 من الدائرة المدنية بمحكمة الاستئناف لعدم اختصاصها نوعياً بنظر المنازعة بين الموكل ومحاميه بشأن تقدير أتعابه، سواء وفقاً للعقد المحرر بينهما او حالة عدم وجود اتفاق مكتوب او كان الاتفاق باطلا، وخضوع تلك المنازعة للقواعد العامة في التداعي، وهو الأمر الذي يرجع تحديده للخصوم، ومن ثم فإن المحكمة تقف عند حد القضاء بعدم اختصاص الدائرة المدنية بمحكمة الاستئناف نوعيا بنظر الطلب.

وعن الطعن الاخير بشأن الطعن على حكم الالتماس إعادة النظر قالت المحكمة: «وحيث انه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أنه يترتب على تمييز الحكم المطعون فيه تمييزا كليا زواله ومحو حجيته وسقوط ما قرره او رتبه من حقوق لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه -محل الطعن الراهن- رقم 64 لسنة 2016 مدني قد صدر بعدم جواز الالتماس في الحكم رقم 75 لسنة 2014 مدني الصادر بتاريخ 21/2/2016- على نحو ما سلف -بما مؤداه زوال هذا الحكم الأخير، واعتباره كأن لم يكن وبما يزول معه الحكم الصادر بعد جواز الالتماس فيه، ومن ثم فإن الطعن الراهن المرفوع عن حكم عدم جواز الالتماس -أيا كان وجه الرأي في جوازه او شكله او موضوعه- يضحى ورادا على غير محل بما يوجب القضاء بانتهاء الخصومة فيه».

واردفت: «لهذه الأسباب حكمت المحكمة في الطعن المقام على حكم الاستئناف المدنية بقبوله شكلا وفي المصروفات وعشرين دينارا مقابل اتعاب المحاماة، وبشأن الطلب المقام من المحامي بعدم اختصاص المحكمة المدنية بنظر الدعوى».

حظر الطعن

قالت المحكمة انه عن شكل الطعن، ولما كان النص القانوني الذي حظر الطعن على الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم دستوريته فإنه يتعين الرجوع إلى القواعد العامة الواردة في باب طرق الطعن في الأحكام، وكان من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن مؤدى نص المادة 129 من قانون المرافعات يدل على أن المشرع جعل مواعيد الطعن في الأحكام تسري كأصل عام من تاريخ صدورها إلا انه استثنى من هذا الاصل الأحكام التي افترض المشرع عدم علم المحكوم عليه بصدورها.

واشارت الى ان من هذه الحالات تخلف المحكوم عليه عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى دون أن يقدم مذكرة بدفاعه، فجعل ميعاد الطعن لا يسري الا من تاريخ إعلانها للمحكوم عليه طبقا للقواعد الخاصة بإعلان الأوراق الرسمية وتسليمها، ولا يغني عن الإعلان بها العلم بأي طريق آخر، فإن لم تعلن ظل ميعاد الطعن على الحكم مفتوحا، ولا تستقر الأوضاع الا ان يصبح الحكم حائزا قوة الأمر المقضي بفوات مواعيد الطعن المقرر.

وزادت: «وكان نص المادة 152 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وقد أجاز للخصوم أن يطعنوا بالتمييز على الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف وميعاد الطعن بالتمييز ثلاثون يوما عملا بالمادة 153 منه».

واردفت: «لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه صادرا من محكمة الاستئناف بتاريخ 21/2/2016، وقد تخلف الطاعن عن الحضور في جميع الجلسات، وخلت الأوراق مما يدل على إعلانه به، ومن ثم فإن ميعاد الطعن -وقد أصبح جائزاً الطعن عليه وفقا للقواعد العامة- ما زال مفتوحا بالنسبة له وبما يضحى معه الطعن مقبولا شكلا».

مؤدى قضاء «الدستورية» التقرير بإبطال النص التشريعي وزواله واعتباره كأن لم يكن منذ نشأته

عدم الدستورية ينسحب على اختصاص «الاستئناف المدنية» نوعياً بنظر هذه الدعاوى
back to top