خطورة غياب الطبقة الوسطى

نشر في 07-01-2017
آخر تحديث 07-01-2017 | 00:02
 عبدالرحيم ثابت المازني الطبقة الوسطى هي الطبقة التي تضمن استقرار أي بلد، وعدم وجودها له نتائج خطيرة على الأمن القومي والسلامة الاجتماعية للمجتمع، مما لاشك فيه، نظراً للظروف الاقتصادية التي يعانيها الوطن العربي كله تقريباً... هذه الظروف فرضت على العالم العربي تبني الأيديولوجية الليبرالية الاقتصادية المؤكدة على القطاع الخاص لتعتمد عليه في قيادة عملية التنمية والتحديث الاقتصادي، وهنا سيرتكز كلامي على مصر كنموذج واضح جداً بشكل مبالغ فيه، حيث أصبح الأمر يعتمد على قوانين السوق التي لا ترحم، والتي جعلت البعض يستغل الدولة والمواطن لتحقيق مكاسب خاصة على حساب الطبقتين المتوسطة والفقيرة.

ولا شك أن دور الدولة تراجع في التحكم بالسوق ورجال الأعمال والرأسمالية بسبب ضعف موارد الدولة، وهنا الكارثة، حيث أصبحت الدولة تشغل مكانة هامشية على خريطة تنمية وتحديث المجتمع، مع قطاع خاص وطني شرس ليست لديه أخلاقيات التطور الرأسمالي، لا يهمه سوى الربح، ولو على أجساد البسطاء، في مقابل مواطن لا حول له ولا قوة، والدولة غائبة عن المسرح، وأحياناً متحالفة ومباركة لسلوك هذا القطاع الخاص، وهنا يصبح من المنطقي غياب مفهوم العدالة الاجتماعية.

إن غياب مفهوم العدالة الاجتماعية يؤدي إلى ضرب الأمن القومي في الصميم، حيث ستسقط الطبقة الوسطى! وسط تخلي المثقفين والتنويريين والإصلاحيين عن دورهم التنويري لمصلحة دور تبريري منافق، وهنا انقسم المجتمع إلى قطاعين متعارضين بسبب عدد من رجال الأعمال الذين انفتح لهم كل رأسمال المجتمع، في مقابل غالبية المجتمع التي تفتقد رأس المال وتعاني الشقاء وارتفاع الأسعار الجنوني غير المتناسب مع دخولها، وهنا الخطورة التي لا يهتم بها أحد، فإذا اكتسب هؤلاء الوعي وعرفوا سبب شقائهم بشكل جيد فسيحدث الصراع الاجتماعي بين طبقتين ضاعت بينهما طبقة وسطى كانت تشكل عائقاً مانعاً للتصادم، وهذا يمثل خطورة على الأمن القومي، فسيؤدي غياب الطبقة الوسطى إلى الانحلال الأخلاقي وبروز ظواهر أخلاقية منحرفة، من تحرش واغتصاب وزواج عرفي واغتصاب وتجارة مخدرات وسلاح وإدمان، وفقد الانتماء للبلد وسرقة وبلطجة، وما أكثر هذه الظواهر في المجتمعات المتخلفة.

أيضاً سيؤدي اختفاء تلك الطبقة إلى التطرّف، سواء باسم الدين، أو التطرف العلماني باسم الغرب والانغماس في الحضارة الغربية، وستظهر القيم الانتهازية التي تعلي من شأن المصلحة الخاصة على العامة، نتيجة عدم شعور المواطن بالعدالة الاجتماعية، فلم يعد يهمه الخراب لأنه لم يأخذ شيئاً من العمار، وسيهون عليه عندئذ غرق السفينة بمن فيها جميعاً!

سيظهر ضعف التماسك الاجتماعي وحالة الحقد والتحاسد إلى درجة تقلق رجال الأعمال على أموالهم، وهنا على رجال الأعمال إدراك خطورة المرحلة المقبلة، والمساعدة في التنمية المجتمعية الحقيقية غير المستغلة، وكل ما سبق ستكون له نتيجة واحدة، تتمثل في ضعف قدرة الدولة والنظام في تعبئة مواطنيها للوقوف إلى جانب الدولة، وتحقيق مصالح مشتركة، فهل يدرك المغيبون خطورة ما تمر به البلاد من وضع يهدد الجميع إذا ترك الأمر الاقتصادي والسياسي يسير بهذا المشهد، إنه خطر قادم لا محالة فانتبهوا يا سادة، لن يقتلنا عدو، سنقتل أنفسنا.

back to top