حلب وبرلماننا التائه!

نشر في 31-12-2016
آخر تحديث 31-12-2016 | 00:08
 حمد الدرباس صدر تقرير لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" أواخر أغسطس الماضي نص على أنه "لا آلية حالية لضمان تحقيق العدالة الجنائية تجاه الانتهاكات الجسيمة في سورية"، طبعاً هذا الاستنتاج غير اعتباطي، بل قائم على مساع سابقة ومطالبات متكررة لإصدار تفويض عاجل من مجلس الأمن للمحكمة الجنائية الدولية، إلى أن صوت مجلس الأمن على قرار لإصدار هذا التفويض، ولكنه سقط أمام استخدام الروس والصينيين حق "الفيتو" قبل عام ونصف.

لكن يبدو أن هذه الأخبار لا تصل إلى أعضاء مجلس الأمة الذين وافقوا على توصيات "اعتباطية" غير مجدية، كمطالبتهم الخارجية الكويتية بـ"التحرك عربياً ودولياً لاستصدار قرار من مجلس الأمن لإحالة جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب ضد الإنسانية إلى المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية وفقاً للفصل السابع"، فمثل هذه التوصية تدلل على أن هؤلاء النواب إما أنهم لا يعلمون شيئاً عن المستجدات، أو أنهم أرادوا فقط إصدار بعض الكلام الإنشاني البعيد عن الواقعية.

هذا الأمر قد يوقعهم مستقبلاً في حرج كبير فيما لو تصاعد المطلب الذي أطلقه مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان في أغسطس الماضي بفتح تحقيق دولي حول ادعاءات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في اليمن، ليس من طرف الحوثيين فقط، بل من طرف التحالف أيضاً.

أعود إلى الشأن السوري وأتساءل عن أي اقتراحات عملية تؤدي إلى فك الفيتو الروسي- الصيني، لا شيء طبعاً في التوصيات سوى الكلام الإنشائي عن "التعاون مع الدول المعنية بالقضية السورية"، ولا أدري كيف سيقام مثل هذا التعاون الذي "يوقف الحرب ويضع برنامجاً سياسياً عاجلاً باختيار من يحكم الشعب، ويضع أيضاً برنامجاً زمنياً عاجلاً لعودة أبناء الشعب السوري..."، فلو كانت نوايا هذه "الدول المعنية بالقضية السورية" بهذه النزاهة فلماذا اشتعلت الحرب أصلاً إثر الثورة السورية الشعبية؟ ولماذا ارتكبت الجرائم وهجّر هذا الشعب إن كان هذا الحل مقبولاً "عند الدول المعنية"؟

وتساؤلات أخرى تحتاج للاستيضاح، فماذا لو نجح الاجتماع الثلاثي في موسكو المتعلق بالشأن السوري في التوصل إلى اتفاقات متناقضة مع موقف المجلس، فبهذه الحالة هل سيتراجع المجلس عن توصياته أم أنه سيخالف الموقف التركي، حتى لو حاز هذا الموقف تأييد المعارضة السورية والمجتمع الدولي؟

إن هذا البيان ليس سوى إثبات لحالة التيه التي أصبحت سمة برلمانية مستمرة لسنوات، وفي الحقيقة فإن أغلب النواب أصبح عملهم مرتكزاً على دغدغة العواطف بعيداً عن العمل البرلماني الجاد.

back to top