لجنتكم... ظاهرة سلبية

نشر في 28-12-2016
آخر تحديث 28-12-2016 | 00:15
No Image Caption
"أول القصيدة كفر"... هذا أصدق ما يمكن أن يُقال عن بدايات مجلسنا الجديد، فقد استهل جلساته بأولويات ليست من احتياجات المواطن ولا أساسياته.

فقد أقر السادة النواب، بمباركة وتأييد حكومي، لجنة الظواهر السلبية من اللجان المؤقتة في المجلس، وحتى الآن لم يبين النواب ولا الوزراء تعريفاً وتحديداً لهذه الظواهر.

فهل يدخل في اختصاصات اللجنة وفيما تبحثه الفساد المالي لبعض المسؤولين أو الفساد الإداري والقانوني أو فساد النواب؟ وهل إهانة القانون والالتفاف عليه أو الضرب به عرض الحائط فساد تبحثه اللجنة أم ليس من اختصاصاتها؟!

لا نفهم كيف ستكون هذه اللجنة ذراعاً مُعينة للحكومة، كما قال بعض الوزراء، وعلى ماذا ستعينها؟

لنا تاريخ غير مشرف مع مثل هذه اللجان، فهي في حقيقتها تدخّل مباشر في حريات الناس الشخصية، ورسم قسري للسلوك الاجتماعي لفئات وقطاعات مختلفة في المجتمع، وهي ترجمة حرفية لأفكار متطرفة تريد وضع ما يسمى بالأخلاقيات والآداب العامة تحت مجهر التزمّت والوصاية.

إن الدولة لا تنقصها القوانين واللوائح المنظمة للآداب العامة، ولا تلك التي تعالج أي مشكلة من مشاكل المجتمع... بدءاً من السلوكيات، وصولاً للجرائم، بكل أشكالها وأنواعها، وهي قوانين واضحة تتضمن تعريفات وتحديدات صريحة وبيّنة.

فما الحاجة لإضاعة وقت المشرعين بمثل هذه اللجنة؟ وهل ستكون معنية بمراقبة الأسواق التجارية وما يُقام بها من حفلات؟ أم معنية بمراقبة السواحل والجُزر؟ وربما قريباً ستكون معنية برصد ما يدور داخل المنازل والبيوت والتأكد من أن هذه الأسر تمارس سلوكياتها وفقاً لضوابط اللجنة ومعاييرها!.

إننا أمام قضايا مصيرية ينتظر المجتمع بحثها والإمعان فيها، وهي أولويات لا يسبقها شيء ولا يجب تشتيتها باقتراحات جانبية وسطحية.

اقتصادياً نحن بحاجة إلى النظر في اقتصادنا بتركيز، وإدارياً علينا أن نتفحّص سلوكيات الإدارة الحكومية ومثالبها وفسادها. فهل يريد بعض النواب، بدعم حكومي، أن يكون تشريع الموسيقى وتحديد مقاسات لباس البحر وإطالة الشعر أو تقصيره أولوية تسبق البحث في احتياجات الوطن الضرورية؟!

من المَشين جداً أن يبدأ مجلسنا أولى جلساته بوأد الأولويات وتقديم الخزعبلات عليها، لإرضاء أطراف على حساب الوطن وضروراته... هذا أكثر من مَشين ومعيب!

الجريدة

back to top