طرد السفير الروسي والاستهتار النيابي

نشر في 17-12-2016
آخر تحديث 17-12-2016 | 00:04
 حمد الدرباس في سورية تعقدت الأمور إلى درجة استحالة حل الأزمة على المدى القصير، فنظام بشار الأسد كان يمتلك ترسانة من الأسلحة الكيميائية عززت موقفه التفاوضي، خصوصاً مع فشل محاولات إقامة ائتلاف سوري وطني معارض قبل توافد العناصر الإسلامية المتشددة. بشار الأسد استطاع في عام 2012 أن يفرض نفسه لاعباً أساسياً لا يمكن التخلي عنه باعتبار أن إبقاء الأسلحة الكيميائية تحت سيطرته سيضمن للمجتمع الدولي مراقبة استخدامها بدلاً من أن يخلّف رحيله عن الحكم فراغاً يؤدي إلى أن تقع بيد الميليشيات المتشددة التي يصعب تحديدها ومراقبتها، خصوصا أن الفوضى كانت قد توسعت إلى درجة أن عدد الميليشيات المسلحة في سورية تجاوز المئة، كما ذكر خبير الشأن السوري تشارلز ليستر. وما زاد حظوظ بقاء بشار في الحكم هو تنفيذه لبرنامج التخلص من هذه الأسلحة الذي قطع فيه شوطاً كبيراً في السنوات الأربع الماضية، نعم احتفظ سراً ببعض الأسلحة لكنه سلم ما يتجاوز 90% منها.

مع هذا التعقيد ومع شبه الغياب للمعارضة الوطنية المدنية التي ذابت في معمعة العناصر الأجنبية المتطرفة، أصبح من غير المجدي في هذا الوقت التفكير في إسقاط الأسد، خصوصا أن الدول المستمرة في المطالبة برحيله غير قادرة على فرض موقفها على المجتمع الدولي، ولاسيما الطرف الروسي الذي يغطي تأثيره مساحة كبيرة من العالم إلى درجة عجز ألمانيا وخلفها أوروبا عن مواجهة الدب الروسي في أوكرانيا وبقاء الملف عالقاً إلى الآن دون حل بسبب ارتباط المصالح الألمانية بالروس واعتماد ألمانيا على الغاز الروسي بنسبة 30% من حاجتها، خصوصاً أن العلاقة الروسية- السورية التاريخية كانت واضحة منذ أعلن رئيس الاتحاد السوفياتي الأسبق يوري أندروبوف أن سورية خط أحمر.

بالنظر إلى حجم المأساة السورية، فإن المطالبة بطرد السفير الروسي من الكويت التي أطلقها بعض الكويتيين المتعاطفين مع الشعب السوري هي مطالبة مستهترة وغير مسؤولة، والمؤسف أنها تصدر من قبل برلمانيين يفترض أنهم قادرون على تقييم حجم المشكلة، واستيعاب أثر مثل هذه المطالبة على الكويت التي لم تحتمل نظام صدام حسين حتى تحتمل ويلات الروس والإيرانيين، في وقت تراجع النشاط الأميركي الخارجي، ولذلك فإن أي نشاط يستهدف الروس يتطلب أن يكون جزءاً من حركة دولية، خصوصا أن المنظمات البرلمانية الإقليمية والدولية متاحة أمام هؤلاء النواب، وبالتالي لديهم الفرصة للقيام بدور أكبر من تمثيل دور المتعاطف مع رجل الشارع!

back to top