لنرفض الجزء الثاني من إعادة ضبط العلاقات مع روسيا

نشر في 12-12-2016
آخر تحديث 12-12-2016 | 00:00
 ريل كلير ما من مسألة دفعت خبراء الأمن القومي الجمهوريين إلى النظر بريبة إلى المرشح دونالد ترامب أكثر من خطابه بشأن روسيا، فقد أثار ميل ترامب الظاهري إلى الحاكم المستبد بوتين، واعتقاده أنه يستطيع التعاون مع روسيا في أماكن مثل سورية، استهجان الجميع في مجتمع السياسة الخارجية بغض النظر عن مجالات اختصاصهم.

ولكن هل كان ترامب جاداً؟ منذ انتصاره الانتخابي المذهل، اتخذ ترامب خطوات عدة ليشير إلى أنه لا ينوي أن يلتزم بخطاب حملته بالكامل، ففي اتصال مع رئيسة كوريا الجنوبية بارك غوين-هي، أصاب ترامب بتأكيده التزامه هو والولايات المتحدة بالدفاع عن كوريا الجنوبية، بما أن هذه الخطوة تُعتبر أساسية في الحد من انتشار الأسلحة النووية والحفاظ على استقرار شرق آسيا.

أعلن أمين عام حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ بعد اتصاله بالرئيس المنتخب أنه "واثق تماماً من أن ترامب سيحافظ على القيادة الأميركية في الحلف وعلى التزامه القوي بالأمن الأوروبي"، وعبّر رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي على نحو مماثل عن قناعته بأن "الرئيس المنتخب ترامب قائد يمكننا الوثوق به" عقب محادثتهما على انفراد في نيويورك، ولا شك أن هذا التعاون مع حلفاء الولايات المتحدة إشارة مشجعة.

ولكن فضلاً عن خلفائنا المقربين، تحدّث ترامب إلى قائد أجنبي يعرِّف مصالحه مقابل مصالح الولايات المتحدة-بوتين. ولا خطب في ذلك، فالنوع الصحيح من الحوار مع روسيا ضروري، إلا أن المثير للجدل بعد العشرين من يناير نية الرئيس المنتخب الالتزام بخطاب حملته بشأن سياسة الولايات المتحدة الروسية.

يجب أن يدرك ترامب أن بوتين سيبذل قصارى جهده ليبدو التزام الرئيس المنتخب بما أعلنه قبل انتخابه مغرياً جداً، لذلك سيحسن بوتين التصرف لسنة أو سنتين كي يحصل من الولايات المتحدة على نوع التنازلات السياسية التي يريدها أو يبدو بأمس الحاجة إليها في بعض الأحيان. تشمل هذه التنازلات في المقام الأول رفع العقوبات الاقتصادية عن روسيا، وتراجع العلاقات الأميركية مع شركائها في أوروبا الوسطى والشرقية، والحد من دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا أو بالأحرى القضاء عليه بالكامل، وتشريع وجود روسيا وأعمالها في سورية.

هل يبدو لكم كل هذا مألوفاً؟ تشبه طبيعة هذه المطالب بطرق عدة ما طلبه بوتين من الرئيس أوباما في إطار ما دُعي عملية إعادة ضبط العلاقات الأميركية-الروسية. وإذا جارى ترامب بوتين في مقاربة المقايضة هذه، التي تتلقى فيها الولايات المتحدة القليل مقابل الكثير الذي تقدمه، فلا شك أن النتيجة ستشبه صورة مضخَّمة لسياسة إعادة الضبط التي اعتمدها أوباما، ويعني ذلك أن التنازلات الأميركية وعواقبها ستكون أكثر ضرراً، مقارنة بالتنازلات التي قدمها أوباما لبوتين خلال عملية إعادة الضبط وما تلاها.

في عام 2009، لم تكن روسيا قد غزت أوكرانيا وضمت القرم، ولم يكن الكرملين قد أرسل الجنود إلى سورية لدعم الرئيس بشار الأسد وقصف الثوار المعتدلين، ولم يكن قد باع أنظمة دفاع جوي متطورة إلى إيران، لكن موسكو تتخذ اليوم خطوات فعلية خارج حدودها تتخطى إثارة ضجة في المنتديات الدولية مثل المؤتمر الأمني في ميونخ والجمعية العامة في الأمم المتحدة.

يُعتبر هذا السلوك وروسيا التي نراها اليوم، نتيجة مباشرة لسياسة إعادة الضبط التي اعتمدها أوباما، ولكن بمحاولته استرضاء بوتين واعتقاده أنه يستطيع إقامة علاقات ودية مع موسكو بالاستناد إلى التنازلات الأميركية (من الدفاع الجوي والتخفيضات الأحادية الجانب بموجب اتفاق START الجديد إلى تجاهل حقوق الإنسان والإخفاق في تطبيق قانون ماغنيتسكي)، ولّد أوباما بيئة متساهلة سمحت لبوتين بالتفكير في أنه يستطيع تقويض مصالح الولايات المتحدة حول العالم من دون مواجهة العقاب.

يجب ألا يكرر ترامب أخطاء سلفه، فلا تستطيع الولايات المتحدة تحمّل كلفة جزء ثانِ من عملية إعادة الضبط الروسية.

دانيال فايديتش - Daniel Vajdich

back to top